إيطاليا وفرنسا يخطبان ود ليبيا في مؤتمر باليرمو
قالت صحيفة "جورنال ديكاميرون" إن مؤتمر باليرمو قد يواجه خطرالتعرض ليس فقط للتوترات بين الفصائل الليبية ولكنه قد يظهر حجم الخلاف بين الأجندات المتنافسة للقوي الأجنبية.
وتستضيف مدينة باليرمو الإيطالية، اليوم الإثنين، مؤتمرًا دوليًّا حول ليبيا، في محاولة جديدة لحلّ الأزمة السياسية المتصاعدة في البلاد، بمشاركة ممثلين من دول أوروبية وعربية.
وانطلقت أعمال المؤتمر اليوم الإثنين بحضور أطراف النزاع المحليين في محاولة أخرى لإطلاق عملية انتخابية وسياسية من المفترض أن تخرج البلاد من حالة الفوضى.
ويعقد المؤتمر بفندق فيلا ايجيا الساحلي الكبير بمدينة باليرمو الإيطالية مقر المؤتمر الدولي حول ليبيا بمشاركة رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج والقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر وخالد المشري ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي أعلنت أنها ستكون حاضرة.
ويشارك ممثلون من دول أوروبية بينها فرنسا والولايات المتحدة، فضلًا عن دول عربية في المؤتمر الذي يستمر الإثنين والثلاثاء في باليرمو في صقلية، في حين لا تزال ليبيا تعاني من انعدام الأمن والأزمة الاقتصادية.
يجتمع اللاعبون السياسيون الليبيون الرئيسيون مع زعماء عالميين في إيطاليا في أحدث محاولة من القوى الكبرى لبدء عملية سياسية متوقفة منذ فترة طويلة وإطلاق الانتخابات.
وذكرت وكالة آكي الإيطالية، أن عاصمة مقاطعة صقلية "باليرمو" التي تستضيف المؤتمر الدولي من أجل ليبيا، المنعقد اليوم وغدا، تشهد فرض إجراءات أمنية خاصة.
وقالت مصادر إعلامية، إن المدينة مُحكمة التحصين، وبشكل خاص في المنطقة التي ستستضيف انعقاد القمة، بين منطقتي أكواسانتا وأرينيللا، بحسب الوكالة.
وذكرت مصادر أمنية، أن نظام المراقبة بالفيديو مرتبط بوحدات إنفاذ القانون، حيث تمارس دوريات التفتيش نشاطها برًا وبحرًا أيضا، نظرًا لوقوع محل انعقاد القمة "فيلّا إيجيا"، على البحر مباشرة، كما تم حظر حركة السيارات في حوالي عشرين من شوارع المدينة، في ظل احتجاجات السكان.
ونقلت الصحيفة عن سياسي ليبي، لم تذكر اسمه، إن باليرمو نجح في تعزيز مكانة الخليفة حفتروجعله طرفا أساسيا في الأزمة الليبية.
واستعدت إيطاليا طوال الأشهر الماضية لحشد أكبر دعم ممكن لمؤتمرها في باليرمو لحل الأزمة الليبية، إذ سيطر مؤتمر باليرمو على اجتماعات رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي ووزير خارجيته إنزو ميلانيزي على الصعيد الإقليمي والدولي ودول الجوار الليبي لتضمن وجودهم في المؤتمر الذي وضعت فيه روما كل ثقلها السياسي، لتضمن فوزها في الصراع التنافسي، مع فرنسا خاصة.
وبالرغم من عدم الإعلان رسميا من الجانب الإيطالي حول بنود مؤتمر باليرمو إلا أن المعطيات أوضحت بشكل جلي أبرز المسارات التي سيتركز عليها المؤتمر، وهي الحل السياسي والانتخابات، خاصة مع التوافق الدولي على أهمية إجرائها في أسرع وقت ممكن.
ولا تخفي إيطاليا دعمها لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، بينما اختارت فرنسا الوقوف إلى جانب حفتر.
وعن فرنسا التي تسعي لفرض رؤيتها وكلمتها علي الجميع، اتهمت صحيفة "لي أوكي ديلا غويرا"، فرنسا بالعمل على ثني أطراف ليبية عدة عن القدوم إلى باليرمو، وكتبت الصحيفة أن باريس مارست ضغطا على عدد من الشخصيات المؤثرة في الشأن الليبي، رغم أن تمثيلها سيكون عالي المستوى، بحضور وزير خارجيتها، جان إيف لودريان.
واعترفت الصحيفة بأنه "من الصعب لعب دور قيادي في ليبيا دون المرور عبر روسيا"، إذ "لم يخف الكرملين تعاطفه مع خليفة حفتر".
ودعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى إجراء انتخابات في ليبيا، نهاية العام الجاري، في أعقاب مؤتمر عقده في باريس.
إلا أن الإيطاليين سارعوا إلى معارضة الفكرة بشدّة، متسلحين، في ذلك، بمخاوف دول الجوار الليبي والاتحاد الإفريقي من أنّ أيّ عملية انتخابية قد تفرز سلطة لا تكون قادرة على إعادة الأمن والاستقرار في ليبيا.
يذكر أن وزيرة الدفاع الإيطالية، إليزابيتا ترينتا، صرحت في يوليو الماضي، بأن "التعجيل بالعملية الانتخابية دون مصالحة شاملة بين الليبيين لن يضر بليبيا فحسب بل سيضرّ أيضا بإيطاليا".
وهذا ما أكدته الخارجية الإيطالية اليوم الأثنين، حيث قال السفير الإيطالي لدى روسيا، باسكوال تيراتشانو، إن هدف إيطاليا من عقد مؤتمر باليرمو حول ليبيا هو مساعدة الليبيين على إيجاد حل لأزمة بلادهم بأنفسهم.
قال السفير، في حديث لوكالة "سبوتنيك": "هذا المؤتمر ليس هو الحل، ولكن الهدف منه تسهيل وليس فرض الحل، فقط لمساعدة الأطراف على إيجاد الحل".
وتابع: "نريد تعزيز السلام والاستقرار في البلاد من خلال عملية ليبية تشمل جميع الأطراف والمجموعات المختلفة في البلاد. إنه مؤتمر نريد أن نقدمه للليبيين لمساعدتهم على إيجاد الحل بأنفسهم".
واعتبر السفير أن الأزمة الليبية عامل عدم استقرار للمنطقة والعالم، قائلا: "بالطبع نحن قلقون لأنها الأزمة الليبية مصدر لعدم الاستقرار في البحر الأبيض المتوسط، وهذا بالنسبة لنا، هو، ولأمن العالم مسألة جوهرية".
ولفت السفير الإيطالي إلى أن الأزمة الليبية عامل عدم استقرار لمنطقة المتوسط والعالم.
ويعلم الإيطاليون أن عدم حضور حفتر إلى مؤتمر باليرمو يمثل ضربة عنيفة لطموحاتهم في لعب دور كبير في ليبيا.
ويشارك القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة بلقاسم حفتر، غدا الثلاثاء، فى أعمال القمة المصغرة للقادة المعنيين بالملف الليبى في مدينة باليرمو الإيطالية.
وقال مصدر عسكرى ليبى، إن مشاركة القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر في الاجتماع الأمني المصغر حول ليبيا غدا جاء بعد أن كان رافضا حضور مؤتمر باليرمو، مؤكدا أن مشاركة حفتر بعد مشاورات مكثفة أجرتها السلطات الإيطالية خلال الساعات القليلة الماضية مع القائد العام.
وقال دبلوماسيين دوليين أن المؤتمر سيكون خطوة في طريق رأب الصدع الفرنسي الإيطالي إلا أنهم توقعوا بأن مخرجاته لن تكون أكثر من تعديل تواريخ اتفاق باريس وصولا إلى إجراء الانتخابات إلا أن الآراء اتفقت على أن المؤتمر سينتج عنه إعلان إيطالي للانتصار على الجهود الفرنسية التي فشلت واقعيا في ليبيا ما يضع التحدي أمام مؤتمر باليرمو حول جمع الفرقاء على اتفاق حقيقي ينهي الصراع الذي مزق البلاد.