المرأة في المنظور الاسلامي...رؤية معاصرة
احدث الاسلام طفرة في التعامل مع المرأة فكرمها ايما تكريم ورفع من قدرها وتحدث عن فضلها واوجب لها حقوقا مساوية للرجل علي نحو لم تشهده الحضارات السابقة علي الاسلام. كما حملت سورة من القرأن اسمها: النساء وفي سورتي النساء والطلاق اللتين تناولتا كل ما يخص المرأة وطبيعتها علم القرآن العالم لاول مرة علم المصطلحات الذي تقوم عليه العلوم الحديثة الان فلكل علم لغته ومصطلحاته المحدده التي تحمل معاني قاطعة لا تحتمل الشك فتجد مصطلحات الحيض -النفاس -الطلاق-العدة وغيرها فيجملها القران في مصطلحات ثم يعود لتفصيلها علي نحو دقيق..
وحينما ننطلق الي الشق العملي في طريقة التعامل مع المرأة بالاسلام نجدها تنقسم بشكل واضح الي قسمين:قسم يختص بتعامل النبي صلي الله عليه وسلم مع المرأة والقسم الاخر طريقة تعامل العلماء والفقهاء القدامي مع المرأة..وكلا القسمين علي النقيض تماما من الاخر..فطريقة تعامل النبي مع المرأة كانت في غاية اللطف والاعتراف بكيان المرأة وحسن معاشرتها وكانت كل تصرفاته معها هي الطريقة المثالية لاي رجل جنتلمان بالمعني العصري بينما طريقة تعامل الفقهاء القدامي ومن حذا حذوهم كانت مليئة بالبداوة وعالق بها الكثير من افكار الجاهلية الاولي ونوجز في نقاط اهم الجوانب التي ميزت النبي صلي الله عليه وسلم في تعامله مع المرأة:
١-المرأة ككيان رقيق يحتاج الرعاية والحماية والرفق وحديث النبي:( رفقا بالقوارير) قد ورد بعدة ألفاظ متقاربة، منها: «ارفُقْ - يا أَنْجَشَةُ وَيْحك - بالقوارير»، «رويدًا يا أنجشة، لا تكسِرْ القوارير»، «أيْ أنجشة، رويدَك سَوْقَك بالقوارير»، ونحوها من الألفاظ المتقاربة. وكانت مناسبة الحديث أن أنجشة وهو صحابي حبشي أسود حَسَن الصوت – اتخذه النبي سوّاقًا لنسائه- كان يسوق بهن مرة في سفر وكانت أم سُلَيْم راكبة معهن وكان يحدو - وكان حَسَن الصوت بالحُداء - فاشتد في السِّياقة فلما رأى منه صلي الله عليه وسلم ذلك أمره بالترفُّق بالنساء. والقوارير تعني الزجاج وهو ما يعني ان اقل شيء يؤثر في المرأة وهو ما يرسخ الأمر باللين مع هذا المخلوق الرقيق.
٢- أقر المصطفي، صلي الله عليه وسلم، حق المرأة في اختيار زوجها فيقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن. قالوا يا رسول الله!: إنها تستحي- يعني البكر- قال: إذنها صماتها) إذنها سكوتها، وقال- صلى الله عليه وسلم-: (البكر يستأذنها أبوها وإذنها صماتها)، وجاءت إليه امرأة بكر فقالت: يا رسول الله! إن أبي زوجني وأنا كارهة فخيرها النبي- صلى الله عليه وسلم- وكذلك أقر بحقها في الانفصال عنه.
فطلق المرأة التي شكت له وأقر كذلك بحق المرأة في خلع زوجها لمجرد أنه لا يعجبها، فحدثنا أزهر بن جميل حدثنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي، صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته قالت: نعم، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة. كما كان النبي في غاية النبل والمروءة حينما أعاد الفتاة التي رفضت أن تقترن به وعلي الرغم من غلاظة قولها إلا أنه ردها لأهلها بكل احترام واعزاز.
حيث يروى البخاري هذه القصة في صحيحه عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ رضى الله عنه قَالَ:( خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ الشَّوْطُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ، فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اجْلِسُوا هَا هُنَا. وَدَخَلَ وَقَدْ أُتِىَ بِالْجَوْنِيَّةِ، فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتٍ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ، وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: هَبِي نَفْسَكِ لِي.
قَالَتْ: وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ. قَالَ: فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ. فَقَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. فَقَالَ: قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ.
ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: يَا أَبَا أُسَيْدٍ اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا ) وقد تكرر هذا الامر مع صفيه بنت بشامة التي كانت في سبي النبي وخيرها فأختارت زوجها.بالطبع كان للكتاب القدامي رأي اخر في القصتين فجعلوا المرأة الاولي هي المرأة الشقية اما المرأة التي اختارت زوجها فهي ملعونة بني تميم !! مع أن كلا المرأتين مارستا حقهما الطبيعي في رفض الزواج حتي ولو كان من النبي، صلي الله عليه وسلم، ذاته وتقبل النبي منهما ذلك وأكرمهما.
2- اقرار النبي، صلي الله عليه وسلم، حق المرأة ووليها في رفض التعدد إذا كان لا يتناسب مع وضعها فرفض النبي صلى الله عليه وسلم لزواج علي- رضي الله عنه- وزوج ابنته فاطمة من بنت أبي جهل وكانت مسلمه وقتها وقد مات ابوها الكافر لم يكن لكراهية النبي الجمع بين بنت عدو الله وبنت رسول الله، فالقرآن الكريم يعارض هذا بقوله تعالي:(ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ) وانما كان السبب هو الخوف علي مشاعر ابنته وهو ليس استثناءا خاص بالسيدة فاطمة كما ذهب الفقهاء فلا يمكن ان يرتضي النبي لنساء المسلمين ما لا يرتضيه لبنته بل كان تقرير لقاعدة حق المرأة وولي امرها في تقرير مصيرها اذا اراد زوجها الزواج بأخري وفق وضعها ورؤيتها..
٣-احترام ازواجه فكان يذكر السيدة خديجه زوجته الاولي بكل خير قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من ثناءٍ عليها واستغفارٍ لها، فذكرها يوما، فحملتني الغَيرة، فقلت: لقد عوضك الله من كبيرة السن. قالت: فرأيته غضب غضبا. أُسْقِطْتُ في خلدي وقلت في نفسي: اللهم إنْ أذهبتَ غضبَ رسولك عنّشي لم أعُدْ أذكرها بسوء. فلما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما لقيت، قال: كيف قلت ؟ والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، ورُزِقْتُ منها الولد وحُرِمْتُمُوه منِّي قالت: فغدا وراح عليَّ بها شهرا.
٤-حينما غضب من زوجاته كان الهجر في أدب النبوة أسلوبا مفضلًا للعلاج، فقد هجر الرسول زوجاته يوم أن ضيقن عليه في طلب النفقة.. وهو نفس تصرفه مع زوجته السيدة عائشة في حادثة الافك ولم يضرب احدا من ازواجه ابدا فكان مثلا اعلي وقدوة يحتذي بها في بيته النبوي الشريف.
٥-حسن معاشرته لزوجاته ولطفه الشديد في التعامل معهن وَكَانَ مِنْ أَخْلَاقه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَمِيل الْعِشْرَة دَائِم الْبِشْر، يُدَاعِب أَهْله، وَيَتَلَطَّف معهم وَيُضَاحِك نِسَاءَهُ حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يُسَابِق السيدة عَائِشَة َ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا فقَالَتْ سَابَقَنِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبَقْته وَذَلِكَ قَبْل أَنْ أَحْمِل اللَّحْم، ثُمَّ سَابَقْته بَعْدَمَا حَمَلْت اللَّحْم فَسَبَقَنِي فَقَالَ " هَذِهِ بِتِلْكَ " وكان َيَجْمَع نِسَاءَهُ كُلّ لَيْلَة فِي بَيْت الَّتِي يَبِيت عِنْدهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْكُل مَعَهُنَّ الْعَشَاء فِي بَعْض الْأَحْيَان ثُمَّ تَنْصَرِف كُلّ وَاحِدَة إِلَى مَنْزِلهَا.
ويقول الحافظ ابن حجر: (ووقع في مغازي أبي الأسود عن عروة فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم لها فخذه لتركب فأجلت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تضع رجلها على فخذه فوضعت ركبتها على فخذه وركبت)وهل في تصرفه الكريم مع السيده صفيه زوجه في هذه القصة ما يختلف عن تصرف الرجل العصري الذي يجعل المرأة في المقدمة (كما يقول الغربيون السيدات اولا ).كما حلل الكذب لارضاء المرأة وتدليلها واطرائها في مراعاة لطبيعة المرأة وفطرتها وحبها للكلمات الرقيقة التي تضفي علي الحياة الزوجية رونقا وتحافظ علي حيوية هذه العلاقة.
فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لَا يَحِلُّ الْكَذِبُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا، وَالْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ، وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ ). كما نجد انصهارا روحانيا رقيقا في حديث ضعيف عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(( إن الرجل إذا نظر إلى امرأته، ونظرت إليه، نظر الله تعالى إليهما نظرة رحمة، فإذا أخذ بكفها تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما )).
.سيدي القاريء آن لهذه الصور الجميلة المتلاحقة ان تتوقف لتطل في المقابل علي ما كتب العلماء الاجلاء القدامي من داخل بيت النبي الكريم ونختار منها قصة مؤسفة لا تتفق مع سمو البيت النبوي فتزعم القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى منزل حفصة فلم يجدها وكانت قد خرجت إلى منزل أبيها، فدعا مارية إليه وقيل في روايات اخري فتاته !!!!!، وأتت حفصة فجأة لتجد النبي علي فراشها مع جاريته او فتاته.
فقالت يا رسول الله: في بيتي وفي يومي وعلى فراشي، فقال: إني أسر إليك سرًا فاكتميه وحرم الجارية علي نفسه ارضاء لحفصة غير انها لم تكتمه وقصته علي عائشة رضي الله عنها..بالله عليكم اي عقل يقبل مثل هذه القصة واي قيمة لها حتي يتناقلها من اطلقوا علي انفسهم علماء غير الاضرار بصورة النبي وتصويره شهوانيا لا يملك نفسه عن مجامعة النساء !!!!!الحقيقة انني استغرب هؤلاء العلماء الذين انبروا يضعفوا احاديث عن الحب والعشق منسوبة للنبي لاستحالة متنها ثم يتركوا هذه القصة ويجعلونها تفسيرا للقرآن !!!!!! وللحديث بقية.
صيدلي وماجستير في الكيمياء الحيوية
كاتب وباحث مصري