ماذا بعد الانتخابات التشريعية الأفغانية.. "داعش" و"القاعدة" و"طالبان" إلى أين؟!
شابت العملية الانتخابية في مئات مراكز الاقتراع في أفغانستان، الأحد، بعد تمديدها ليوم ثانٍ، مشاكل تقنية ما أثار انتقادات لسوء التنظيم، وقوّض الآمال بصدور نتائج ذات مصداقية، لا سيما مع مقتل العشرات جراء اعتداءات.
ومع فتح مراكز الاقتراع أبوابها في أكثر من 20 ولاية لم تقترع، السبت، أظهر تعداد أجرته وكالة "فرانس برس" أن حصيلة الضحايا في صفوف المدنيين وقوات الأمن جراء أعمال العنف التي شابت الانتخابات، السبت، بلغت نحو 300 بين قتيل وجريح، أي ما يناهز ضعف الحصيلة التي أعلنتها وزارة الداخلية.
ويفاقم التناقض في حصيلة الضحايا المخاوف إزاء انعدام شفافية ومصداقية الانتخابات، التي تأخرت لأكثر من ثلاث سنوات، والتي تعتبر اختبارا تمهيديا للاستحقاق الرئاسي العام المقبل.
والأحد، عانى بعض مراكز الاقتراع من مشاكل في استخدام أجهزة التدقيق البيومترية، كما أن القوائم الانتخابية "كانت إما غير متوافرة أو غير مكتملة"، حسبما أعلن المتحدث باسم اللجنة علي رضا روحاني.
وقال روحاني إن "غالبية المشاكل التي واجهناها بالأمس لا تزال قائمة"، مشيرا كذلك إلى تأخر فتح بعض مراكز الاقتراع، ووجود نقص في البطاقات الانتخابية.
وبقي 148 مركز اقتراع مقفلا لأسباب أمنية، حسبما أعلنت اللجنة.
وقوّض سوء إدارة اللجنة الانتخابية المستقلة للانتخابات التشريعية الثالثة، منذ إطاحة نظام طالبان في 2001، الآمال بقدرتها على تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل المقبل.
وتابع راتيغ: "أظهرت اللجنة الانتخابية المستقلة بوضوح عدم قدرتها على إدارة انتخابات مقبولة وشفافة، ونشرت أرقاما مضللة".
وأعلن مسئول غربي، تولى مراقبة التحضيرات الانتخابية على مدى شهور، لفرانس برس، فقدان الثقة "تماما" باللجنة الانتخابية المستقلة.
الانتخابات في الميزان
وقال المحلل السياسي هارون مير إن "وجود الإدارة الحالية للجنة الانتخابية المستقلة يطرح شكوكا كثيرة حول قدرتها على إدارة الانتخابات الرئاسية بشكل مناسب".
وأظهرت الأرقام الأولية، التي نشرتها اللجنة، أن نحو ثلاثة ملايين شخص اقترعوا معرّضين حياتهم للخطر، وانتظر كثير منهم طويلا فتح مراكز الاقتراع أبوابها، على الرغم من اعتداءات أوقعت عشرات القتلى.
وتسجّل نحو تسعة ملايين ناخب للانتخابات التشريعية، لكن كثرا يعتقدون أن قسما كبيرا من عمليات التسجيل تم بأوراق ثبوتية مزوّرة بهدف التلاعب بالنتائج.
ويقول مراقبون إن مجرّد المشاركة في الاقتراع تعتبر إنجازا بحد ذاته.
وقال مير إن "الشعب الأفغاني أظهر أنه لا يزال لديه الأمل"، وعلى الرغم من المشاكل التي اعترت العملية الانتخابية فقد كانت المشاركة "بلا شك إنجازا عظيما".
وكان يتوقّع أن تتأثر نسبة المشاركة بعد أن أصدرت حركة طالبان عدة تحذيرات طالبت فيها بانسحاب أكثر من 2500 شخص ترشحوا للنيابة، ودعت الناخبين لملازمة منازلهم.
وأعلنت الحركة أنها شنّت السبت أكثر من 400 اعتداء ضد "الانتخابات المزوّرة".
وتحدّث مسئولون عن الفوضى التي شهدتها مراكز الاقتراع، السبت، ولا سيما عدم إلمام العاملين في المراكز بآلية استخدام الأجهزة البيومترية التي وزّعتها اللجنة في الساعات الأخيرة على المراكز؛ لمحاولة استرضاء الزعماء السياسيين، وشددت على ضرورتها من أجل احتساب الأصوات صحيحة وغير لاغية.
ولم يجد كثير من الناخبين الذين تسجلوا قبل أشهر أسماءهم على اللوائح، كما سيطرت طالبان على عدد من المراكز ومنعت الاقتراع.
مخاوف استمرار العنف
وتسود مخاوف من أن تمديد فترة الاقتراع ليوم واحد قد "يؤثر على شفافية العملية"، ويفتح المجال أمام التزوير، حسب منظمة مراقبة الانتخابات والشفافية في أفغانستان.
ومع مواصلة عمليات الفرز والبدء بنقل صناديق الاقتراع إلى كابول، أعرب الناخبون والمرشحون الأفغان عن شعورهم بالإحباط عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وعلّق أحدهم على الصفحة الرسمية للجنة على موقع "فيسبوك": "عار على اللجنة الانتخابية المستقلة.. ليس هناك من تنظيم على الإطلاق، لم أتمكن من العثور على اسمي في المركز الانتخابي حيث تسجّلت".
ووصف آخر العملية بأنها "أسوأ انتخابات على الإطلاق".
في المقابل، دافع رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة عبدالبديع سيد، عن طريقة إدارة الهيئة للانتخابات، معتبرا أن المشاكل لم تكن بسبب "ضعف الإدارة".
وعلى الرغم من الفوضى التي سجّلت، قالت بعثة المساعدة التابعة للأمم المتحدة في أفغانستان، التي قادت جهود تقديم المشورة للجنة، إن الانتخابات كانت "إنجازا كبيرا في تحوّل أفغانستان إلى الاعتماد على القدرات الذاتية".
ودعت البعثة المراقبين والأحزاب السياسية والمرشحين، للعب "دور بناء في الأيام المقبلة للحفاظ على نزاهة العملية الانتخابية خلال الفرز".