دعوة الرحمن لكل انسان
(والله يدعوا الى دار السلام)
دار السلام طبقة من طبقات الجنة الثمانية وهى لأقوام ممن أثرهم الله بنعيم خاص فى مقايلة أعمال طيبة بادروا اليها فى دنياهم.
ولكن المراد منها فى هذه الأية هو عموم الجنة لأن الجنة كلها دار سلام وأمان ونعيم ورضوان ومهما تنوعت طبقاتها بالنسبة لتفاوت الدرجات بين المقبولين عند الله فالسلام من غضب الله قد اشتمل جميع الفائزين بالجنة والأمان فيها قد تحقق للظافرين فهم فى رضوان ربهم خالدون.
ودعوة الله الى الجنة دعوة رحيمة أشرقت بها الدنيا قبل أن تعمر بأهلها وترددت فى هذا الكون قبل أن يتلبد جو الحياة بالمأثم وذلك لأن الله ملأ دنياه بأيات وجوده ونصب لنا معالم هداه فى ملكوته لننشأ على معرفته من طريق المشاهدة والتعقل ونجنح الى توحيده دون شك منا فى وحدانيته وقدرته.
فهدايتنا الى الله من جانب الله..وهذه دعوة منه سبحانه وتعالى-بلسان الحال الى خير مأل.
ثم جأت الدعوة الناطقة على ألسنة رسله تباعا بالتنبيه الى ما خلق والتذكير بما ننسى. التوجيه الى التماس النجاح عنده بما نقول وبما نعمل فى ضوء شرائعه.
وهذه الدعوة الى دار السلام:سواء كانت فيما نشهده من أمارات ألوهيته أو فيما نسمع من طريق رسالاته دعوة موصولة فى كل زمان وعامة الى سائر خلقه وليست خاصة برجال ولا بنساء ولا فى جيل دون جيل وان كانت متعاقبة من رسول الى رسول.
وقد استقرت أخيرا فى نداء القرأن الى الناس عامة وعلى لسان محمد خاتم الرسل عامة:(قل يا أيها الناس انى رسول الله اليكم جميعا).
يوجه الله فيها الخطاب الى جميع خلقه منذ هتف بها الاسلام فى ارجاء الدنيا ويفتح بها باب الأمل فى وجه كل عبد من عباده ويضرب الأمثال فى التنبيه والعبرة ويصارحهم بوعده ووعيده ويعشقهم فى رضوانه ويخيفهم من غضبه وعذابه.
وكل هذه التوجيهات دعوة منه تعالى الى دار السلام وستظل دعوة الناس يجهر بها القرأن الى نهاية الدنيا دعوة الرحمن الى كل الناس.
(ويهدى من يشاء الى صراط مستقيم)اية (٢٥) يونس
وهذه الدعوة الى دار السلام ذات الوان فى أسلوب القرأن وليست محصورة فى وضع واحد فالله -تعالى يقول مثلا:(يا أيها الناس اتقوا ربكم)ويقول:(يا عبادى فاتقون)(فاتقون يا أولى الألباب) ويقول:فاذكرونى أذكركم واشكروا لى ولا تكفرون)(ان أحسنتم أحسنتم لأنفسكم)وهكذا من أيات كثيرة يوجه الله فيها الخطاب الى جميع خلقه.
ثم يعمم الله خطابه ووعده فى نحو قوله تعالى:(ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما وفى نحو قوله تعالى :(للذين أحسنوا الحسنى وزيادة فذلك وعد لكل مستجيب.
ومن هذه الأساليب المتنوعة فى الدعوة الى دار السلام ندرك رحمة الله بعباده جميعا فى دنياهم.
ونؤمن بأنه فتح أبواب الأيمان للجميع ثم دعاهم جميعا الى المبادرة ثم ألقى عليهم مسئولية الاختيار وقال:(ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).
وهذا ما يكشف عنه شطر الأية(ويهدى من يشاء الى صراط مستقيم) والمعنى؛أن الله وحده يهدى الى الخير والأيمان من يشاء فدعوة الرحمن لكل انسان .