مرشدو الإخوان «3» عمر التلمساني.. الرجل الذي ناهض فكر "سيد قطب" فاغتالته جماعته معنويا
وجه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ضربات قوية لجماعة الإخوان باعتقالات 54 بسبب محاولة اغتياله في المنشية، ثم كرر الأمر في قضية إعادة إحياء الجماعة في 65 والتي كان أبرز نتائجها إعدام سيد قطب، هذا كله كان سببا في اختفاء الإخوان عن الساحة، ووصول قياداتها وأعضائها إلى مرحلة الشيخوخة مما كاد أن يكون سببا في انتهاء الجماعة للأبد لولا قيام الرئيس الراحل أنور السادات بإخراج الإخوان من السجون فور وفاة عبد الناصر وتوليه شئون البلاد، وعقد جلسة تاريخية مع مرشد الإخوان أنذاك عمر التلمساني طالبه فيها بإعادة الإخوان، وإعادة روح الشباب للجماعة من خلال ضم أعضاء جدد حتى تكون سلاحا له في مواجهة الشيوعيين الذين انتشروا في الجامعات تحديدا، الأمر الذي وافق عليه عمر التلمساني، وبدأ في تأسيس جماعته من جديد للعمل تحت إمرة الرئيس السادات.
نشأته
هو عمرعبدالفتاح عبدالقادرمصطفى التلمساني، مصري من أصول جزائرية كون عائلته من هناك، من مواليد عام 1904 بمحافظة القاهرة، وهو المرشد الثالث للجماعة خلفا لحسن الهضيبي الذي توفى عام 1973، عمل كمحامي بعد تخرجه في كلية الحقوق، وفي عام 1933 التقى حسن البنا مؤسس الإخوان في منزله واقتنع بكلامه فانضم للإخوان، وكان وفقا لتاريخ الجماعة أول محام ينتمي لهذا التنظيم.
سجنه
ألقي القبض على عمر التلمساني 3 مرات، المرة الأولى عام 1954 في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ضمن حملة الاعتقالات الكبرى التي تمت في حق قيادات الجماعة الإرهابية عقب حادث المنشية، وأفرج عنه في عهد السادات، ثم ألقي القبض عليه عام 1981 بعد اغتيال الرئيس الراحل السادات وأفرج عنه بعد ذلك، وتم القبض عليه مرة أخرى في عهد الرئيس الأسبق مبارك عام 84 وخرج نظرا لسوء حالته الصحية.
عداؤه لسيد قطب
رغم أنه لم يصرح بشكل مباشر عن عدائه لسيد قطب مفكر الإخوان الأبرز وأفكاره الإرهابية إلا أنه ظل يهاجم أنصار هذا الفكر، ودخل في حرب شرسة مع مصطفى مشهور القيادي الإخواني التاريخي بسبب إصراره عن فرض القطبية داخل الإخوان كمنهج أساسي، ووقف حائلا أمام مخططات مشهور لتحويل الإخوان إلى كيان مسلح يعادي الدولة ناشرا أفكاره التي تتسم بالوسطية إلى حد ما مطالبا بالاكتفاء بالعمل الاجتماعي والدعوي فقط داخل الإخوان.
وبسبب هذه الحرب، أعلنت حرب داخلية من القطبيين بقيادة مصطفى مشهور على عمر التلمساني، ووصلت إلى إبلاغ الأمن على نجل التلمساني للقبض عليه، وفقا لما أكدته حفيدته سالي، بل ووصل الأمر إلى حد إرهاب أسرته باتصالات هاتفية ليلية تحذر من اعتقالهم، وقد ازداد هذا الصراع بعد مقتل الرئيس الراحل محمد أنور السادات، مما كان سببا في انهيار الحالة الصحية لمرشد الإخوان ليموت عام 1986 وسط مخاوف من الدولة من مصير الجماعة من بعده وخاصة في ظل انتشار الفكر القطبي في كل أرجاء الجماعة.
تسريبات التلمساني
لم يكن التلمساني إخوانيا عاديا حيث احتك قبل تجربته مع الجماعة بعدة تجارب أثرت على شخصيته منها تعلم الرقص، واشتراكه في مسابقات رقص، وهو الأمر الذي استغله أعداؤه في الجماعة للإساءة له أكثر وأكثر حيث أطلقوا عليه ألقاب كالمرشد الراقص، واتهموه بأن لديه تاريخا أسود طويلا مع الرقص والجنس والحفلات الحمراء.
مؤلفاته
كان لعمر التلمساني العديد من المؤلفات التي أصبحت بعد وفاته منهجا لتلاميذه، ومن أشهر هذه المؤلفات مذكراته الشخصية المعروفة باسم "ذكريات لا مذكرات"، الإسلام ونظرته السامية للمرأة، في رياض التوحيد، الإسلام والحكومة الدينية، يا حكام المسلمين ألا تخافون الله، وغيرهم.
أشهر تلاميذه
أصبحت هناك مدرسة داخل الإخوان تعرف باسم مدرسة التلمسانيين وهم المعادين لأفكار سيد قطب، والرافضين لمشاركة الجماعة في العمل السياسي أو المسلح، ومعظم أعضاء هذه المدرسة قد انشقوا عن الجماعة ولعل أبرز هؤلاء عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية، ومحمد حبيب نائب المرشد، وسيد المليجي عضو مجلس شورى الجماعة، وإبراهيم الزعفراني عضو مجلس شورى الجماعة، محمد مهدي عاكف، بخلاف ثروت الخرباوي المحامي الإخواني البارز الذي انشق عن الجماعة وفضحها في عدد كتب، ومختار نوح المحامي الإخواني الشهير.
وفاته
في 22 مايو عام 1986، وعن عمر يناهز 82 عاما، توفى عمر التلمساني مرشد الإخوان، واقيمت صلاة الجنازة عليه في مسجد عمر مكرم، وقيل إنه حضر جنازته ما يقرب من نصف مليون شخص، وحضر وقتها كل من شيخ الأزهر ورئيس الوزراء وأعضاء مجمع البحوث وقيادات من فتح تقديرا لهذا الشخص، وفي هذا اليوم كتب رئيس تحرير جريدة أخبار اليوم وقتها إبراهيم سعدة مقالا مهما توقع فيه توحش الإخوان كما حدث الآن بالفعل، وكان المقال بعنوان "مات عمر التلمساني.. صمام الأمان.. لجماعة.. وشعب.. ووطن !!".
تجاهل الجماعة
ورغم أن عمر التلمساني واحد من أشهر مرشدي الإخوان وأهمهم في تاريخ الجماعة، إلا أن الإخوان كل عام يتجاهلون إحياء ذكراه، كما يتجاهلون تدريس كتبه وأفكاره بخلاف مصطفى مشهور على سبيل المثال الذي لا تزال توزع كتبه ومحاضراته وأفكاره على أعضاء الجماعة حتى الآن رغم وفاته عام 2002 أي قبل 16 عاما من الآن.
حفيدة التلمساني سالي التي ظهرت ضد الإخوان بعد ثورة 25 يناير أكدت أن الإخوان الحاليين بقيادة محمد بديع وخيرت الشاطر ومحمود عزت يكرهون جدها لأنه حاربهم عندما كان مرشدا للجماعة لذلك يحاولون طمس تاريخه ومنه أفكاره، وكشفت سالي معلومة في منتهى الأهمية وهي أن جدها في آخر أيامه تبرأ تماما من الإخوان بالفكر الحالي التابع لسيد قطب وبسبب هذا التبرؤ همشته الجماعة وجعلته مرشد إسما فقط حفاظا على لوائح التنظيم في حين كان مصطفى مشهور هو من يدير التنظيم وقتها حتى جاء محمد حامد أبو النصر مرشدا رسميا للجماعة.