الفتنة.. محطات سوداء في سجل الضباط الملتحين
عقب أحداث ثورة يناير، ظهر للعلن بعض الأمور غير المألوفة لدى المصريين، كان من بينها وجود عدد من ضباط وزارة الداخلية بشكل مخالف للقواعد واللوائح بلحى كثيفة معلنين عن وجودهم داخل المؤسسة الشرطية، مطالبين بأحقيتهم في العمل الأمني.
الظهور العلني، لما يعرف بـ"ائتلاف الضباط الملتحين"، كان على يد العقيد ياسر جمعة، الذي لفت في إحدى تصريحاته السابقة عام 2013، إلى أن ثورة يناير هي من شجعتهم على الإعلان عن مطلبهم بإطلاق اللحية، منوهًا أن ما تم من تغيير في البلاد آنذاك، دفعهم إلى المطالبة بذلك، مؤكدًا أن المطالبة بإطلاق اللحية قبل ذلك وفي ظل وجود حبيب العدلي، وزير الداخلية الأسبق كان سيؤدي إلى استبعادهم من الخدمة نهائيًا.
وزارة الداخلية، فور ظهور الضباط الملتحين، أوقفت عددًا منهم بعد أن أطلقوا لحاهم، واستمر قرار وقفهم عن العمل بالرغم من حصولهم على عدد من الأحكام القضائية التي تقضي بعودتهم لأداء مهامهم الرسمية.
لم يكن بروز هذا الائتلاف أمرًا عاديًا، بل لحق به بعض النقاط السواداء التي تعلقت بجبينه، لتكون واحدًا من الأمور التي هدّدت الاستقرار المصري وقت حكم الإخوان، كانت على رأسها تنظيم مظاهرات واشتباكات مع قوات الأمن في محيط وزارة الداخلية، والدخول في تحالفات مع الجماعات السلفية والإسلامية، وقبول دعواهم للتظاهر، وأخيرًا محاولة اغتيال الرئيس عبدالفتاح السيسي.
اغتيال السيسي
من النقاط السوداء التي لن تمحى هي ما أعلن عنه الإعلامي أحمد موسى، عبر برنامج على مسؤوليتي"، أمس الأحد، أن جماعة الإخوان الإرهابية، شكلت "ائتلاف الضباط الملتحين" بوزارة الداخلية بعد 2011، موضحًا أن مجموعة من ائتلاف الضباط الملتحين حاولوا اغتيال الرئيس عبدالفتاح السيسي، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الأسبق، مشيرًا إلى أن بعض الضباط الملتحين اغتالوا زملاءهم، وفجروا سيارات مفخخة، لافتا إلى أن وزارة الداخلية نجحت في كشف هذه العناصر، مؤكدًا أنهم إرهابيون بحكم القانون والشريعة.
وفيما يعرف إعلاميًا بـ"محاولة اغتيال السيسي"، أو القضية رقم 148 لسنة 2017 عسكرية، كشفت التحقيقات أن الرائد السابق محمد السيد الباكوتشي، أسس خلية إرهابية ضمت إلى جانبه 5 ضباط شرطة سابقين ومدنيين اثنين، خططت لاغتيال الرئيس عبدالفتاح السيسي ووزير الداخلية السابق محمد إبراهيم، ومساعد وزير الداخلية للأمن المركزي السابق مدحت المنشاوي، وعدد من قيادات الداخلية، شن هجمات ضد الدولة، قبل أن يموت في حادث سير، بطريق بلبيس- القاهرة الصحراوي، وشيعت جنازته في 8 إبريل من عام 2014 من مسقط رأسه بقرية طوخ التابعة لمركز أبو كبير بمحافظة الشرقية.
انضم "الباكوتشي"، وفق التحقيقات، لما يعرف بـ"ائتلاف أنا ضابط شرطة ملتحي"، الذي تأسس بعد ثورة يناير بمشاركة عدد من ضباط وأمناء الشرطة، لمطالبة وزارة الداخلية بالتصريح لهم بإطلاق اللحى، وكان يتظاهر مع جماعة الإخوان في رابعة، بالإضافة إلى دعوته للضباط والأفراد للفكر المتطرف، ولقاءات جماهيرية هاجم خلالها وزير الداخلية والقيادات الأمنية.
مظاهرات احتجاجية
خرج ائتلاف "الضباط الملتحين"، أو ما يعرف بـ"أنا ضابط شرطة ملتحي"، بتنظيم العديد من المظاهرات الاحتجاجية، للمطالبة بعودتهم للعمل، ففي الرابع من مارس 2013، نظم الضباط الملتحين مسيرة من وزارة الدالخلية إلى مجلس الشوري للمطالبة بالعودة إلى العمل مرة أخرى وتنفيذ حكم الإدارية العليا برفض طعن وزير الداخلية علي قرار عودتهم إلي العمل.
كما نظّموا في الشهر منتصف مارس من العام نفسه، مظاهرة في محيط قصر عابدين، بعنوان "جمعة لا للإقصاء"، للمطالبة بتنفيذ الحكم القضائي بعودتهم إلى العمل بعد أن تم فصلهم من العمل بسبب إطلاقهم للحية، بالإضافة إلى دخولهم في اعتصام مفتوح أمام مبنى الوزارة، وتنظيمهم وقفات متفرقة أمام قصر الإتحادية، احتجاجاً على عدم تنفيذ الحكم الصادر بأحقيتهم فى العودة لأعمالهم.
لم يتوقف الضباط الملتحين عند هذا الأمر، بل عاودوا اعتصامهم في الخامس والعشرين من مايو 2013، أمام مبنى الوزارة، بعد انتهاء فعاليات مؤتمراتهم في مدن الصعيد الثلاث "ملوى وأسيوط ونجع حمادي"، للتنديد بقضيتهم المتعلقة برفض الوزارة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بشأن عودتهم للعمل، -حسب قولهم-، وكسب تأييد الجميع لنصرتهم ومشاركتهم في وقفاتهم الاحتجاجية القادمة، إذ كتب الضباط الملتحين عبر صفحتهم بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إنهم في اليوم الـ89 من اعتصامهم وإنهم في طريقهم للعودة إلى رصيف الوزارة لمواصلة الاعتصام.
اشتباكات بمحيط وزارة الداخلية
المظاهرات والاعتصامات التي نظمها "الضباط الملتحين"، لم تمر مرور الكرام، إذ وقعت اشتباكات في محيط وزارة الداخلية أثناء اعتصامهم في 27 فبراير 2013، مع قوات الأمن المسئولة عن تأمين وزارة الداخلية، للمطالبة بعودتهم لأعمالهم وحريتهم فى إطلاق لحاهم.
الاشتباكات دخلت حينما حاول أحد الضباط الملتحين إدخال أحد المواطنين المتضامنين مع قضيتهم إلى مقر تظاهراتهم عبر شارع الشيخ «ريحان»، الذى أغلقته قوات الشرطة، وهو ما رفضه أحد القيادات الأمنية وتطور الأمر بينهما إلى مشادة كلامية انتهت باشتباكات بالأيدى بين الطرفين.
التحالف مع الجماعات الإسلامية
ليس هذا فحسب، بل وافق الضباط الملتحون، على لدخول في تحالف مشترك مع الجماعات السلفية والإسلامية المختلفة في مصر، وقبول الدعاوى المقدمة منهم للعودة للعمل مرة أخرى، إذ دعت 12 حركة إسلامية في السابع والعشرين من إبريل 2013، أعضائها لمشاركة الضباط وقفتهم أمام قصر الاتحادية، من بينها حركات "أحرار، وديتول، وحزب الإصلاح، وطلاب الشريعة"، للمطالبة بعودتهم للعمل والإلتزام بالأحكام القضائية.
وكانت المحكمة الإدارية العليا قضت، أمس الأول، بعودة الضباط الملتحين إلى العمل، إذ أصدر المستشار محمد ماهر أبو العينين، نائب رئيس مجلس الدولة والمحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة، قرارًا بعودة ضباط الشرطة الملتحين للخدمة الفعلية بهيئة الشرطة بالأقدمية السابقة، وألغى القرار الصادر قرار وزير الداخلية الذي ينص على العزل من الوظيفة.
وكان أحد ضباط الشرطة برتبة عقيد ممن أطلقوا لحاهم، أقام طعنا حمل رقم 10113 لسنة 61 ق ضد وزير الداخلية، على قرار مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة بعزله من وظيفته، حيث اتخذت المحكمة ذاتها في العام 2013 قرارا برفض طعون وزارة الداخلية على حكم عودة الضباط الملتحين إلى عملهم، ورفضت إحالتهم إلى التقاعد، وقضت المحكمة آنذاك، بأحقية الضابط الملتحي في العودة إلى عمله، وعدم جواز نقله للاحتياط أو وقفه عن العمل، واعتبرت وجوده في جهاز الشرطة لا يمثل خطرا على الجهاز، ولا يؤثر في كفاءة عمله.