لماذا تتصارع فرنسا مع التنظيمات الإرهابية المسلحة في مالي؟
كان الشمال المالى طوال عقود ماضية منطقة صراع مسلح، تخوضه حركات الطوارق المالية المتمردة ضد الحكومة المركزية فى البلاد، على أساس مطالب عرقية سياسية من أجل المشروع الانفصالى.
تحول الصراع من 2012 بانخراط جماعات إسلامية مسلحة متطرفة، ومن أهم هذه الجماعات المنتشرة فى مالى (أنصار الدين، التوحيد والجهاد هى حركة منفصله عن القاعدة، ومن أخطر هذه التنظيمات بالمنطقة تنظيم القاعدة ويستهدف هذا التنظيم القوات الفرنسية، كتيبة الملثمين التى تعتبر أحد أبرز الجماعات المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة، بالإضافة إلى وجود حركة تنظيم أنصار الشريعة المنتشرة فى فيتمبكو المالية والتى تجمع عائلاتها علاقة مصاهرة مع عناصر القاعدة)، مما دعت فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية إلى التدخل فى الشأن المالى، واعتبرت أن ما يحدث فيها يهدد مصالحها ويصدر لها الإرهاب.
التدخل الفرنسى فى مالى
جاء التدخل الفرنسى فى مالى استجابة لطلب رسمى من الحكومة المالية، هذا الأمر ساهم فى أن تبرر فرنسا تدخلها بأنه يقع ضمن إطار مساندة دولة صديقة وليس انتقاصا من سيادتها.
وتدخل فرنسا فى مالى له العديد من الدوافع، من أهم هذه الدوافع هو دفاع فرنسا عن مصالحها، فهى لم تكن غائبة عما يحدث فى الغرب الإفريقى بصفة عامة، حيث إنها كانت الدولة الاستعمارية لهذه المنطقة طوال عدة عقود، ولم تكن فرنسا أيضا غائبة عن الوضع فى مالى على وجه الخصوص طوال العقود الماضيه حيث إنها لم تتوقف عن دعم الأنظمة السياسية أحيانا، وفى دعم معارضيها أحيانا أخرى والدافع وراء ذلك أن فرنسا تنظر إلى منطقة الغرب الإفريقى كمنطقة نفوذ جيوسياسى تمارس التأثير فيها خلال العلاقات مع أنظمة تلك البلدان أو مع بعض من الحركات السياسية وهذا ما عرف باسم سياسة " فرنسا- إفريقيا"، واعتمدت فرنسا على هذه السياسة مع مستعمراتها فى الدول الإفريقية منذ منحها الاستقلال، ففرنسا لم تمنح لمستعمراتها الاستقلال بشكل كامل.
كما أن التدخل الفرنسى جاء فى مالى فى سياق سياسة هجومية تنافسية بين الدول الكبرى لفرض نفوذها على القارة الإفريقية، فى نفس الوقت التى كان فيها النفوذ الفرنسى عرضة لخطر الانحسار خلال سنوات إدارة بوش (2000-2008)، جاء التدخل الفرنسى فى مالى من أجل استثمار العلاقات الاقتصادية القائمة وتوسيعها وتعميقها.(المركز العربى للأبحاث والدراسات السياسية).
طبيعة التدخل الفرنسى فى مالى
تدخلت فرنسا فى مالى عسكريا، ويعتبر التدخل الفرنسى فى مالى ليس أول تدخل لها فى إفريقيا، فمنذ 1960 تدخلت أكتر من 40 مرة فى نزاعات إفريقية وأزمات داخلية فى بلدان إفريقية كانت مستعمرة لها.
اعتمدت فرنسا فى تدخلها على قواتها العسكرية الموجودة داخل إفريقيا، حيث لجأت إلى المروحيات وطائرات الميراج وأربع مقاتلات رافال المتواجدة فى الغرب الإفريقى بالإضافة إلى تعزيز القدرات الجوية بالمنطقة.
مر التدخل الفرنسى فى مالى بـ3 مراحل، بدأت من يناير 2013
الأولى: عملت الخطة الفرنسية فى المرحلة الأولى على توطيد سيطرة القوات الحكومية على جنوب مالى من خلال الدعم اللوجستى والاستخباراتى بالإضافة إلى تسليحها بهدف وقف انتشار الجماعات الإرهابية فى باقى الدولة.
الثانية: فى هذه المرحلة بدأت فرنسا تقود العمليات العسكرية فى إقليم أزواد بشمال مالى، وفى هذه المرحلة تمت الإطاحة بمجموعة من أخطر قادة التنظيمات المسلحة وتدمير مخازن السلاح لدى هذه التنظيمات فى عمليات نوعية.
الثالثه: تم نشر 3 كتائب عسكرية مالية، وفى هذه المرحلة تم قصف الطيران الفرنسى مواقع الجماعات الإرهابية المسلحة فى كيدال، وفى هذه المرحلة تم تأمين العاصمة باماكو لضمان الاستقرار بالمدينة واستدامت مؤسساتها.
خريطة لأهم العمليات العسكرية فى مالى
عملية سرفال: بدأت هذه العملية 2013 انطلقت من أجل تحديد هدف رئيس وهو استعادة وحدة مالى، كانت هذه العملية أثناء فترة حكم فرانسو أولاند.
وجاء ماكرون ليكمل مسيرت من قبله وإطلاق عملية برخان، التى جاءت لتشمل الساحل الإفريقى برمته، وتعمل عملية برخان على 3 مستويات على مستوى البرى، والبحرى، والجوى، وتم إطلاق قوة إقليمية مشتركة من دول الساحل وهى 5 دول إفريقية وهما (مالى- تشاد- النيجر- بوركينا فاسو- مورتيانيا)، وتم إمداد هذه العملية بتمويل من الدول العربية والأوروبية.
حققت عملية برخان العسكرية إنجازا على الصعيد الأمنى، فقد قلمت أظافر التنظيمات المسلحة التى تصف نفسها بالجهادية، ومن ثم تناهض هذه الجماعات القوات الفرنسية تعبيرا له عن وجودها، ويوضح ذلك الهجوم الذى تعرضت له القوات الفرنسية فى بلدة جاو شمال مالى وأعلنت جماعة نصرة الإسلام مسئوليتها الكاملة عن ذلك.