قيادي سابق بها: حركة النهضة التونسية باعت دينها بدنياها
شن محمد الحبيب الأسود، المفكر التونسي والقيادي السابق بحركة النهضة الإخوانية، هجوما شرسا على حركته السابقة، متهما إياها بتخليها عن ثوابتها الدينية من أجل مصالحها السياسية ومستقبلها في المشهد التونسي.
ونشر الأسود مقالًا له بعنوان "هل ستكون "النهضة" جسرَ عبور لإعلان الحرب على المجتمع وقيمه ودينه؟"، استغرب فيه من المواقف الجديدة لحركة النهضة، وتأييدها بعض القرارات التي يراها- من وجهة نظره- مخالفة للشريعة الإسلامية.
وقال القيادي السابق بحركة النهضة في مقاله: هل قادة "النهضة" لا يعنيهم حفظ قيم المجتمع وحفظ أعراض الناس ودينهم؟.. اطلعت على تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة (233 صفحة)، التي أمر بإحداثها في 2017، السيد الباجي قايد السبسي بوصفه رئيسا للجمهورية، هذه اللجنة تترأسها المحامية بشرى بالحاج حميدة، وتضم 8 أعضاء تختلف اختصاصاتهم بين القانون والسينما والبحث الجامعي والعصامية.. وجاء التقرير في جزأين: 1- الحريات الفردية، 2- المساواة، وعلى امتداد 33 جلسة واستنادا لما جاء في دستور 2014 من حرية الضمير والمعتقد، وإقرار المساواة بين المرأة والرجل، وطبق "المعايير الدولية لحقوق الإنسان والتوجهات المعاصرة في مجال الحريات الفردية والمساواة"، وبمقاربة اجتماعية ودينية، ضمّنت اللجنة تقريرها تحليلا نقديا مطوّلا لنصوص القرآن ومواقف الصحابة وأحكام الفقهاء والعلماء، هذا التحليل النقدي يحتاج إلى نقاش معمّق ومناظرات جدية بين أهل العلم والاختصاص في مجال الشريعة الإسلامية ومقاصدها، ولا يمكن اعتبار رأي هذه اللجنة، التي لا مصداقية علمية لها في مثل هذه المسائل، رأيا علميا صحيحا لا يحتمل الخطأ... وما خلصت إليه اللجنة بعد مناقشتها النصوص الشرعية والقوانين الحالية، جاء نشازا عن جوهر النقاش، وفيه اعتداء صارخ على ما يتعارف عليه أفراد المجتمع من مبادئ وأخلاق والتزام بقيم الدين الإسلامي وأحكامه القطعية.
وأضاف قائلا: أهم القوانين التي تقترحها اللجنة، وفيها إثارة للرأي العام واستفزاز للعلماء والفقهاء، نذكر منها إلغاء عقوبة الإعدام، وإلغاء تجريم المثلية الجنسية (مع تقديم اختيارات بديلة)... رفع القيود الدينية على الحقوق المدنية، من ذلك إلغاء كلمة "إسلام ومسلم ومسلمون أو مسلمين" من نصوص القوانين التونسية... إلغاء الأمر الصادر في مايو 1945 المتعلق بتحجير بيع الخمر للتونسيين المسلمين... التخلي عن الموانع الدينية في الزواج والميراث... إلغاء المهر المسمى في الصداق... إلغاء العِدّة في حالة الطلاق، باعتبارها تقييدا غير دستوري لحرية زواج المرأة... إلغاء الاعتماد على العرف والعادة في سن القوانين... إلغاء رئاسة العائلة للرجل... إلغاء واجب النفقة على الزوجة... فتح الباب لمن بلغ سن الرشد أن يضيف لقب أمه إلى لقب أبيه... إلغاء نظام المواريث الإسلامي برمته، وتعويضه بنظام جديد فيه المساواة في الميراث بين المرأة والرجل، أبوين كانا أو زوجين أو أخوين... عدم التمييز بين الأبناء الشرعيين وأبناء الزنا، وتحقيق المساواة بينهم في الميراث.
وتابع: هذه القوانين النشاز التي فيها ضربٌ للقيم الدينية والاجتماعية، وهدمٌ لمؤسسة الأسرة، سهل تمريرها وجعلها قانونا نافذا، وذلك بالاعتماد على التوافق السياسي الذي جعل من "حركة النهضة" (ذات المرجعية الإسلامية حسب ادعاء قادتها) جسرَ عبور لسن القوانين وإحداث التغييرات المطلوبة، خدمة لأجندات لا تخدم هوية البلاد وانتماءها... ومن المفارقات العجيبة أن أتباع "النهضة" وقادتها يهوّنون هذه الجريمة في حق هوية الشعب ودينه، بتعلة أن ما ذاك إلا استفزاز للحركة، المقصود به وضعها في الزاوية وإحراجها، وعليه لن يستجيبوا لهذا الاستفزاز، وسيجعلون هذه المقترحات تمر لتصبح قانونا بحضورهم وتصويتهم المباشر لها أو بغيابهم، حتى وإن كانت هذه القوانين تحمل إعلان حرب على المجتمع وقيمه ودينه الإسلام، الأهم عندهم مغنمهم وسلامتهم الشخصية، ولا يعنيهم في شيء سلامة المجتمع وحفظ أعراض الناس ودينهم.