«صناعة الإرهاب».. «ملة إبراهيم» كتاب الهمز واللمز بالتكفير (7)
أخذ كتاب"ملة إبراهيم ودعوة الأنبياء والمرسلين وأساليب الطغاة فى تمييعها وصرف الدعاة عنها" لعاصم محمد طاهر البرقاوى أو "أبومحمد المقدسى" أحد أبرز المنظرين لما يسمى بالتيار السلفي الجهادي بكل تنوعاته وجماعته، شهرة واسعة حتى وصفه البعض بأنه النسخة الثانية من كتاب "معالم فى الطريق" لسيد قطب أو الوجه الآخر رغم أنه لا يعدو كونه رسالة إلى أنصاره ومن يؤمنون بمنهجه بدأت بقوله: إلى الطواغيت في كل زمان ومكان، إلى الطواغيت حكامًا وأمراء وقياصرة وأكاسرة وفراعنة وملوكًا، إلى سدنتهم وعلمائهم المضلين، إلى أوليائهم وجيوشهم وشرطتهم وأجهزة مخابراتهم وحرسهم، إلى هؤلاء جميعًا، نقول:إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله، براء من قوانينكم ومناهجكم ودساتيركم ومبادئكم النتنة، براء من حكوماتكم ومحاكمكم وشعاراتكم وإعلامكم العفنة،كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتى تؤمنوا بالله وحده".
ملة إبراهيم
ثم يشرح مقصوده من هذه الرسالة، وهى ملة إبراهيم والتى يقول عنها أنها هى العبادة لله وحده بكل ما تحويه كلمة العبادة من معان، والبرءاة من الشرك وأهله"، ثم يستدل على ذلك بما قاله "محمد بن عبد الوهاب" حول هذاين المعنيين، والكتاب أو الرسالة محملة بأقوال كثيرة للشيخ "محمد بن عبدالوهاب" وعلماء ورموز الدعوة النجدية الوهابية.
والعبادة لله وحدة والبراءة من الشرك من المعانى التى لا يختلف عليها المسلمون لكن المقدسى له وجهة نظر أخرى إذ يقول: وقد يظن ظان أن ملة إبراهيم هذه تتحق فى زماننا هذا بدراسة التوحيد، ومعرفة أقسامه، وأنواعه الثلاثة؛ معرفة نظرية وحسب مع السكوت عن أهل الباطل وعدم إعلان وإظهار البراءة من باطلهم.
ثم يكمل لو كان الأمر لذلك لما ألقاه قومه فى النار ولربما فتحوا له مدارس وكتبوا عليها مدرسة أو معهد التوحيد يقول "عبداللطيف عبد الرحمن" فى الدرر السنية: لا يتصور أن أحدًا يعرف التوحيد ويعمل به ولا يعادى المشركين ومن لم يعادهم لا يقال له عرف التوحيد وعمل به.
ورغم أن "المقدسى" يستدل على كل مقولاته تقريباً بما يقوله علماء الدعوة النجدية إلا أنه يرى أن المملكة العربية السعودية دولة تتبنى التوحيد دراسة نظرية متناقضًا فى ذلك مع منهجه فهو ينقل من علماء المملكة ثم يتهمهم فى نفس الوقت مما يجعلك تتعجب كيف ينقل عنهم ثم يصفهم أنهم ليسوا على المنهج الصحيح فمن هو الذى يمثل التوحيد الصحيح وماذا يريد المقدسى؟
يفصح المقدسى عن الذين يمثلون التوحيد الخالص من وجهة نظره داخل المملكة العربية السعودية ويجمعهم فى شخص واحد، وهو جهيمان العتيبى زعيم الجماعة السلفية المحتسبة، ذلك الرجل الذى قام باحتلال الحرم المكى تحت قوة السلاح وتحت دعوى أنه يدعو للمهدى المنتظر الذى سيملأ الأرض عدلاً، والذى ظهر فى جماعته عام 1979م؛ إذ يقول: إننا لنشاهد هذا واضحًا في الدولة المسماة "السعودية"، فإنها تغر الناس بتشجيعها للتوحيد وكتب التوحيد، وحثها للعلماء على محاربة القبور والصوفية وشرك التمائم والتوله والأشجار والأحجار.. وغير ذلك مما لا تخشاه ولا يضرها أو يؤثر في سياساتها الخارجية والداخلية.. وما دام هذا التوحيد المجزأ الناقص بعيدًا عن السلاطين وعروشهم الكافرة فإنه يتلقى منهم الدعم والمساندة والتشجيع، وإلا فأين كتابات جهيمان وأمثاله رحمه الله التى تمتلئ وتزخر بالتوحيد ؟ لماذا لم تدعمها الحومة وتشجعها؟
يوحى أبو محمد المقدسى لأتباعه بكفر المجتمعات من ط\رف خفى دون أن يصرح بذلك فيذكر مقولة لأبى الوفاء بن عقيل:إذا أردت أن تعرف محل الإسلام من أهل الزمان، فلا تنظر إلى ازدحامهم في أبواب المساجد ولا في ضجيجهم بـ"لبيك"، ولكن انظر إلى مواطأتهم لأعداء الشريعة".
ويضيف وأعلم أن من أخص خصائص ملة إبراهيم ومن أهم مهمتها التى نرى غالبية دعاة زماننا مقصرين فيها تقصيرا عظيمًا بل أكثرهم هجرها وأماتها إظهار البراءة من المشركين ومعبوداتهم الباطلة،وإعلان الكفر بهم وبآلهتهم ومناهجهم وقوانينهم وشرائعهم الشركية، وإبداء العداوة والبغضاء لهم ولأوضاعهم ولأحوالهم الكُفرية حتى يرجعوا إلى الله، ويتركوا ذلك كله ويبرأوا منه ويكفروا به"، ثم يدلل على رأيه بالآية القرآنية: "قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتى تؤمنوا بالله وحده".
مدخل التكفير الخفى
يعشق هؤلاء الناس قطع الرقاب وإراقة الدماء ويرون هذا من الأصول التى يدعون إليها بل ويزعمون أن هذذا هو الإسلام برغم أن الدين شرع الجهاد استثناء من حالة السلم التى هى الأصل خلافًا لهؤلاء الذى يجعلون العكس إذ يقول أبو محمد المقدسى: إن ملة إبراهيم هى طريق الدعوة الصحيحة التى فيها قطع الرقاب، ومفارقة الأحباب، أما غيرها من الطرائق والمناهج الملتوية والسبل المعوجة تلك التى يريد أصحابها إقامة دين الله دون أن يستغنوا عن المركز والمناصب أو يفقدوا القصور والنسوان والسعادة فى الأهل والبيوت والأوطان فليست من ملة إبراهيم فى شيئ وإن ادعى أصحاب هذه الدعوات أنهم على منهج السلف ودعوة الأنبياء والمرسلين.
ويقول أيضًا: إن المرء قد ينجو من الشرك ويحب التوحيد، ولكنه يأتيه الخلل من جهة عدم البراءة من أهل الشرك وترك موالاة أهل التوحيد ونصرتهم، فيكون متبعًا لهواه،داخلًا من الشرك في شُعب تهدم دينه وما بناه، تاركًا من التوحيد أصولًا وشُعبًا لا يستقيم معها إيمانه الذي ارتضاه،فلا يحب ولا يبغض لله ولا يعادي ولا يوالي لجلال من أنشأه وسوّاه، وكل هذا يؤخذ من شهادة أن لا إله إلا الله"، "وأفضل القرب إلى الله، مقتُ أعدائه المشركين وبغضهم وعداوتهم وجهادهم ".
إعلان الحرب على الجميع
ينهى المقدسى رسالته بفصل سماه "أساليب الطغاة لتمييع ملة إبراهيم وقتلها فى نفوس الدعاة"يقول فيه أن الحكام :"لا يزالون يخطّطون لأجل حرف الدعاة عن هذا الصراط المستقيم، إلى سبل فيها سكوت عن كثير من باطلهم، تُرضي خواطرهم... حتى تموت الدعوة وتتميع قضيتها وينحرف دعاتها عن خطها الواضح البيّن المستقيم، فالطّغاة يعلمون أن أول التقهقر خطوة إلى الوراء".
ثم يضرب المقدسى أمثلة لهذه الأسالبب فيقول: ومن أمثلة هذه الأساليب في واقعنا المعاصر ما يؤسسه كثير من الطواغيت من برلمانات ومجالس أمة وأشباهها.. ليجمعوا فيها خصومهم من الدعاة وغيرهم، فيجالسونهم فيها ويقاعدونهم ويختلطون بهم، حتى يُميعوا القضية بينهم، فلا تعود المسألة مسألة براءة منهم أو كفر بقوانينهم ودساتيرهم أو انخلاع من باطلهم كله.. بل تعاون وتآزر ومناصحة وجلوس على طاولة الحوار لأجل صالح البلاد واقتصادها وأمنها ولأجل الوطن الذي يتحكم به الطاغوت ويحكمه بأهوائه وكفرياته".
ويرى المقدسى أن من هذه الأسليب أيضًا ما اسماه بتجنيد الطواغيت للعلماء، وشغل أوقاتهم لصالحهم في محاربة خصومهم ومن يخافونهم على أنظمتهم وحكوماتهم، وإغرائهم بالمناصب والمراكز والوظائف والألقاب.
ويطلق المقدسى على المؤسسات الإسلامية وصف مؤسسات الضرار إشارة إلى كونها ل تعبر عن النفاق وليس عن التوحيد فيقول:"ومن قبيل ذلك أيضًا روابط ومؤسسات الضرار التي يؤسسها هؤلاء الطواغيت، كرابطة العالم الإسلامي.
الكتاب عدد وريقاته لا تزيد على78 صفحة ومن ثم فلوصف الصحيح أنه كتيب أو رسالة وليس كتابًأ كما أنه لا يصح أن يوصف أنه النسخة الثانية من كتاب معالم فى الطريق فهم كتاب يلزم ويهمز من بعيد دون أن يصرح كما أنه لا يساوى فى خطورته كتبأ أخرى لذات الشخص أبى محمد المقدسى مثل كتاب " كشف شبهات المجادلين عن عساكر الشرك وأنصار القوانين" الذى كفر فيه الجميع بالفعل.