«كتب صناعة الإرهاب».. الفريضة الغائبة أساس نظرية الدم (4)
فى عام 1980م كتب المهندس "محمد عبد السلام فرج" أحد قادة ومؤسسي جماعة الجهاد فى مصر كتاب "الفريضة الغائبة"؛ ليكون الكتاب الأول الذى يصوغ منهجية العنف والقتال ويشرعن لها.
فمهما تنوعت الكتابات ومهما وضعت الأبحاث ومهما اختلفت الجماعات وتنوعت، إلا أن كتاب "الفريضة الغائبة" سيبقى هو الرافد الأول، والأساس المؤسس لكل هذه الكتابات، وكل الجماعت التى تواجه الأنظمة والدول الإسلامية.
مثل الكتاب الأساس الفكرى الذى قامت عليه أحداث 1981م، والتى أودت بحياة الرئيس الراحل "محمد أنور السادات" ووضعت مؤلفه "محمد عبد السلام فرج" على حبل المشنقة.
الكتاب رغم خطورته إلا أنه غير عميق من ناحية اللغة، والأسلوب، ومن ناحية الطرح الشرعى أيضًا، بدأ الكتاب بمقدمة دخل منها للموضوع مباشرة دون تمهيد إذ ينتقد تجاهل العلماء للجهاد الذى يمثل الطريق الوحيد لعودة الإسلام من جديد حسب زعمه فطواغيت الأرض لن يزالوا إلا بقوة السيف.
شعار السيف الكاذب
لم يحقق المؤلف كتابه تحقيقًا علميًا وبرأيى أنه لم يكن لديه من الإمكانيات التى تؤهله لذلك فيورد حديثًا مطعونًا فيه متنا وسندًا، لكنه مازال شعار كل الجماعات التى تصر على الإرهاب إلى اليوم " بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم".
التأسيس للذبح
يؤسس الكتاب لعمليات الذبح والذابحين الآن حينما يزعم أن هدى النبى صلى الله عليه وسلم فى مكة أنه جاء لقومه بالذبح رغم أن القرآن يقول بوضوح تام: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ " مستدلا بالحديث الذى قاله الرسول لصناديد قريش على سبيل التهديد والزجحر حينما آذوه " لقد جئتكم بالذبح" فى اختزال وتسطيح واضح لنصوص الشرع الحنيف.
وتحت عنوان "الإسلام مقبل" الذى يقترب من عنوان "سيد قطب" المستقبل لهذا الدين يضع المؤلف عدة أحاديث تبشر بعودة الخلافة، ويجعل هذه الأحاديث بمثابة الأوامر التى يجب على الأمة أن تسعى لتنفيذها؛ إذ يجب عليهم إقامة الدولة المسلمة، وإعادة الخلافة نفس المفردات التى ما زالت تستخدم إلى اليوم وتدور فى فلكها جميع الكيانات الإرهابية.
ثم يدخل المؤلف لتقرير مسألة الدار التى نعيش فيها الآن: هل هى دار كفر أم دار إسلام؟ ويستدل على عدم اعتبارها دار إسلام بتعريف الإمام أبى حنيفة للدار وبفتوى ابن تيمية فى مدينة"ماردين".
الموقف من الحكام
ومن حكم الدار يأتى المؤلف لحكم حكام المسلمين اليوم فيقرر أنهم فى ردة كاملة واضحة، وأنهم خرجوا من الإسلام من أبواب متعددة مستدلا بقول ابن تيمية"ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام أو اتباع شريعة غيرشريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب كما قال تعالى "إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقًا واعتدنا للكافرين عذابا مهينا".
ومن حكم الدار يأتى المؤلف لحكم حكام المسلمين اليوم فيقرر أنهم فى ردة كاملة واضحة، وأنهم خرجوا من الإسلام من أبواب متعددة مستدلا بقول ابن تيمية"ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام أو اتباع شريعة غيرشريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب كما قال تعالى "إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقًا واعتدنا للكافرين عذابا مهينا".
خطة الجهاد
بعد فراغ الإرهابى من التكفير يدخل منطقة التفجير، وهذا ما فعله "محمد عبدالسلام" فرجع بعد تكفير الحكام واعتبار أن الدار ليست دار إسلام خالصة راح يعلن خطة الجهاد المزعومة ويرى وجوب قتال هذه الأنظمة وتلك الحكومات مستدلًا بما قاله ابن تيمية: وقد استقرت السنَّة بأن عقوبة المرتدِّ أعظم من عقوبة الكافر الأصلي من وجوه متعددة، منها؛ أن المرتد يُقتل بكلِّ حال، ولا يُضرب عليه جِزيَة، ولا تُعقد له ذمَّة، بخلاف الكافر الأصلي، ومنها؛ أن المرتد يقتل وإن كان عاجزًا عن القتال، بخلاف الكافر الأصلي الذي ليس هو من أهل القتال، فإنه لا يقتل عند أكثر العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد، ومنها؛ أن المرتد لا يرث ولا يناكح ولا تؤكل ذبيحته، بخلاف الكافر الأصلي، إلى غير ذلك من الأحكام"
يسأل "محمد عبد اسلام فرج" بعد ذلك عن موقف جماعته من هؤلاء الحكام ومن هذه الدور التى لا تعلوها أحكام الإسلام حسب زعمه.
ابن تيمية وحكم الطائفة
يجد "محمد عبد السلام" الاجابة عند ابن تيمية فيما سمى بعد ذلك بحكم الطائفة الممتنعة، وهو الحكم الذى اطلقه على التتار حينما سُئل عن قتالهم برغم أنهم يعلنون الإسلام فقال:
إن كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة؛ فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين وإن تكلمت بالشهادتين، فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس وجب قتالهم حتى يصلوا، وإن امتنعوا عن الزكاة وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة، وكذلك إن امتنعوا عن صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق، وكذلك إن امتنعوا عن تحريم الفواحش أو الزنا أو الميسر أو الخمر أو غير ذلك من محرمات الشريعة، وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة، وكذلك إن امتنعوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الكفار إلى أن يسلموا ويؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وكذلك إن أظهروا البدع المخالفة للكتاب والسنة واتباع سلف الأمة وأئمتها؛ مثل أن يظهروا الإلحاد في أسماء الله وآياته، أو التكذيب بأسماء الله وصفاته، أو التكذيب بقدره وقضائه، أو التكذيب بما كان عليه جماعة المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين، أو الطعن في السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، أو مقاتلة المسلمين حتى يدخلوا في طاعتهم التي توجب الخروج عن شريعة الإسلام، وأمثال هذه الأمور.قال الله تعالى: {وَقَاتِلوُهْم حَتَّى لا َتكوَن فِتْنَةٌ وَيَكونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ} (2)، فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله؛ وجب القتال حتى يكون الدين كله لله(
ابن تيمية كان يقاتل تحت راية من لم يحكم بما أنزل الله
لم يلتفت "محمدعبد السلام" إلى كون هذه الفتوى قالها "ابن تيمية" فى التتار، وأنه كان يقاتلهم تحت راية المماليك الذين كانوا يحكمون بقانون التتار المسمى بـ"الياسق" فالعلة ليست القانون، ولا وما يحكمون به وإنما كانت فى كونهم يقتلون المسلمين ويسيمونهم سوء العذاب، ثم يدعون أنهم مسلمون ليخدعوا الناس فلا يقاتلوهم ويستسلموا لهم، ثم لم يلتفت "محمد عبد السلام فرج" أن ما قاله "ابن تيمة" هى فتوى وليست حكم والفتوى ليست ملزمة بخلاف ىالحكم.
لم يلتفت "محمد عبد السلام" لكل ذلك، وراح يؤسس لقتال المسلمين، وتخريب المجتمعات المسلمة، ونهب الأموال وقتل الناس، وأن كل من دافع عن نظام الدولة، واستقرار المجتمع يلحقه حكم الردة ويجب قتله.
قتال االعدو القربب والعمليات الانتحارية
يرى "محمد عبد السلام" أن قتال الحكام والحكومات المسلمة أولى من قتال اليهود على اساس أن قتال العدو القريب أولى من قتال العدو البعيد ثم يسوق فتوى التترس وفتوى جواز الانغماس فى صفوف الأعداء بعمل انتحارى وامكان حرق ممتلكات العدو، ووجوب تكوين الجيش المسلم.