لماذا تغاضى الجيش السوري عن انتقال عناصر «داعش» إلى «السويداء»؟
يشير خروج تنظيم "داعش" من معسكر اليرموك، إلى محافظة السويداء، تحت سمع وبصر قوات الجيش السوري، إلى وجود تحولات جوهرية في ملف الجماعات المليشيات المسلحة في سوريا، فضلًا عن تحولات استراتيجية أخرى، لم يكشف عنها حتى الآن، بين الجيش من جانب، والقوات الروسية والإيرانية من جانب آخر.
ورغم نفي الحكومة السورية، وجود اتفاق بينها وبين تنظيم "داعش" إلا أن الأخير اعترف بوجود اتفاق يسمح لعناصره وعوائلهم، المُقدر عددهم بنحو 2500 شخص على أكثر من 50 شاحنة، بالخروج "الآمن" من معسكر اليرموك، الذي ظل خاضعًا لسيطرتهم عدة سنوات، وهو الاتفاق الذي بدأ سريانه السبت الماضي ولم تُعلن تفاصيله حتى الآن.
اعتراف التنظيم، يكشف وجود تغيرات استراتيجية، سواء من قادة التنظيم الإرهابي، أو من الحكومة السورية، التي اختارت"السويداء" لتكون مقرًا مؤقتاُ لـ"داعش" رغم قصف المدفعية السورية عدة مواقع على المحافظة، فور وصول عناصر "داعش" إليها والتي وصفها "مراقبون" بأنه تأكيد على وجود تفاهمات، جرت مع العناصر الإرهابية.
وقال ناشطون بريف السويداء: إن انتقال "داعش" إليهم، خطوة "تأديبية" لرفضهم الانصياع لحكومة دمشق، خاصة بعد سيطرة جيش "الأسد" على الغوطة الشرقية، إثر خروج عناصر الجيش الإسلامي منها، بموجب اتفاق الخروج الآمن من تلك المدينة التي ظلت بعيدة عن السيطرة الأمنية للحكومة السورية.
لماذا نُقل"داعش" إلى السويداء؟
اختيار محافظة السويداء، كما يري مراقبون يعود إلي رغبة الجيش السوري، في فرض حصارعلى الجيش السوري الحر، الذي تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية، من جانب وتركيا من الجانب الآخر، بالإضافة إلى بناء جبهة داخل محافظة السويداء، للحفاظ على العاصمة "دمشق" من حرب العصابات التي تخوضها التنظيمات والميلشيات الإرهابية المناوئة للحكومة السورية، حيث المسافة بين دمشق والسويداء 128 كيلو مترا.
السويداء هي مسرح العمليات العسكرية المرتقبة، لتحرير مدينة "عفرين" من الوجود التركي، والذي يحتلها منذ 5 أشهر، وتحتاج مسألة تحريرها بعض الوقت فقط، فضلًا عن إمساك الحكومة السورية ببعض الأوراق، التي كانت غائبة عنها، وهي أوراق أتاحها الاتفاق الذي جري مؤخرا مع تنظيم "داعش"، خاصة بعد تمكن الأخير من وضع يده على حواجز ومعابر رئيسية، بالقرب من قاعدة "التنف" مع غض طرف قوات "الأسد" عن تحركات داعش وتقدمه إلى تلك المناطق، التي لاتزال بعيدة عن ايدي القوات الحكومية السوررية.
فقد شهدت السنوات الثلاثة الماضية، عمليات ترويع ضد أهالي السويداء علي أيدي عناصر "وفيق ناصر" راح ضحيتها عشرات الضحايا من الأهالي، والتي تمثلت في قتل وخطف مقابل فدية ووصفها الاهالي بالعمليات القذرة، من أجل إجبارهم على الخضوع لهذا لفصيل أو ذاك، من خلال بث حالة من الرعب بين صفوفهم، وهي عمليات كانت مقدمة لما شهدته المحافظة مؤخرًا.
وتتمتع محافظة السويداء، بوجود الكثير من الآثار القديمة، التي تملأ متاحفها بالتماثيل اليونانية، والرومانية وتكشف عن الحضارات القديمة، فهل يقوم تنظيم "داعش" بحملاته المعتادة بهدم تلك التماثيل؟.. أم أن الاتفاق جرى علي الحفاظ عليها، وهو ما يطرح تساؤلا آخر حول تعامل عناصر التنظيم مع هذه الآثار.