حركة أمل.. الانتخابات اللبنانية تعيد ذكريات مجزرة «صابرا وشاتيلا»
في صباح يوم الثاني من يونيه عام 1985، تصدر اسم "حركة أمل" التي فازت مع حزب الله أمس بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية، مانشيتات الصحف ووسائل الإعلام بعد إعلان الحركة فرحتها باستباحة دماء الفلسطينيين اللاجيئين في صابرا وشاتيلا، ونظم أعضاء الحركة وقتها عددا من المسيرات ابتهاجا بهذه الواقعة، ردد عناصر الحركة في شعارات "اقتل فلسطينيا تدخل الجنة.. لا إله إلا الله، والعرب أعداء الله.
وبالأمس أظهرت نتائج الانتخابات اللبنانية فوز الثنائي "حزب الله" و"حركة أمل" المواليين لإيران وأدى ذلك إلى نشوب عدد من الاشتباكات بين الغاضبين من نتائج الانتخابات وعناصر الحركتين في عدد من شوارع العاصمة لبنان بيروت واعتبر المعارضون نتائج الانتخابات تمديدا للتدخل الإيراني في لبنان خاصة أن أتباع الحركتين نظموا مسيرات رددوا خلالها عبارات طائفية منها "بيروت صارت شيعية".
السطور التالية تلقي الضوء على حركة أمل وعلاقتها بحزب الله.
تأسست حركة أمل على يد موسى الصدر عام 1974 بالاشتراك مع النائب حسين الحسيني، وكانت تمثل الجناح العسكر لحركة "المحرومين" الشيعية، وحركة أمل هي اختصار لجملة "أفواج المقاومة اللبنانية"، وكان الهدف من تأسيس حركة المحرومين هو دعم قضايا الشيعة في لبنان، ويتلخص ذلك بتمثيلهم بشكل متكافئ في مؤسسات الدولة والحصول على نصيبهم من ثروات البلاد وتنمية مناطق نفوذهم خاصة في الجنوب.
رفض "موسى الصدر" في البداية توريط الحركة في الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 واختفى الصدر عام 1978 في ليبيا، وكان اختفاؤه في ذلك الوقت بمثابة نقلة كبيرة للحركة في عيون الشيعة، باعتباره الرمز المفقود الذي يمثل الإمام الغائب عند "الاثنى عشرية" التي أيدت التدخل السوري في لبنان عام 1976.
وقد بايعت حركة أمل "الخميني" وأعلنته إماما لها وللمسلمين في كل مكان، جاء هذا التأييد للحركة بعد الانشقاق الذي خرجت به "أمل الإسلامية"، حزب الله فيما بعد.
في عام 1983م أعلن المفتي الجعفري عبدالأمير قبلان باسم المجلس الشيعي الأعلى: "إن حركة أمل هي العمود الفقري للطائفة الشيعية وإن ما تعلنه أمل نتمسك به كمجلس شيعي أعلى ومن ثم ما يعلنه المجلس الشيعي تتمسك به الحركة".
وانتقلت زعامة الحركة عام 1980 لنبيه بري الذي تولى عددا من الحقائب الوزارية فيما بعد وتقلد منصب رئيس مجلس النواب اللبناني، وشارك في هيئة الإنقاذ الوطني التي أسسها الرئيس "إلياس سركيس"، وقد شجعت الحركة الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وكان من نتيجة ذلك انشقاق عدد من قادات الحركة الذين شكلوا فيما بعد "حزب الله"، وكانت الحركة رقما رئيسا في الحرب الأهلية التي دامت 15 عاما في لبنان.
وكان حسين الموسوي وهو نائب رئيس حركة أمل الشيعية أعلن عن انشقاقه عن منظمة "أمل الشيعية" و أعلن "أمل الإسلامية" التي تحولت فيما بعد إلى "حزب الله".
صبرا وشاتيلا
ولعبت "حركة أمل" دورا رئيسيا في مذبحة صابرا وشاتيلا التي راح ضحيتها أكثر من 3500 فلسطيني في المخيم المنكوب، بالتنسيق بين الحركة وإسرائيل والتي بدأت بإطلاق حرب "المخيمات" ضد الفلسطينيين اللاجئين في لبنان، وشنت الحركة حربا قاسية عليهم، وقد اعترف قادة إسرائيل بدور الحركة في هذه المجازر.
وتذكر التقارير أنه في يوم 19 مايو 1985 كانت دورية مسلحة تابعة لأمل تجوب مخيم صبرا، وتوقفت الدورية قرب شاب يحمل مسدسًا – وهي ظاهرة كانت مألوفة في لبنان – فحاولت اعتقاله بحجة أنه حاول تهديدهم، لكنهم فشلوا، وأفلت الشاب من أيديهم، وكانت هذه الحادثة بداية حرب دامية.
ونفذت حركة أمل بالفعل ما كانت ترجوه إسرائيل للمخيمات الفلسطينية في لبنان، فعلى مدار سنتين ونصف أذاقت الحركة المخيمات الفلسطينية الكثير من الويلات، وكانت البداية أول ليلة في رمضان ليلة الإثنين 20 مايو 1985م، واقتحمت ميلشيات أمل مخيمي صبرا وشاتيلا، واعتقلت كل العاملين في مستشفى غزة، وساقوهم مرفوعي الأيدي إلى مكتب أمل، وقد منعت قوات الحركة الهلال والصليب الأحمر وسيارات الأجهزة الطبية من دخول المخيمات، وقطعوا إمدادات المياه والكهرباء عن المستشفيات الفلسطينية.
وفي فجر اليوم التالي، بدأ مخيم صبرا يتعرض للقصف بمدافع الهاون والأسلحة المباشرة، كما تعرض مخيم برج البراجنة لقصف عنيف بقذائف الهاون، وانطلقت حرب أمل المسعورة تحصد الرجال والنساء والأطفال، وتم حصار المخيم ثلاثين يومًا، وتدمير حوالي 90% منه بشكل كامل.
وكانت حرب المخيمات أكثر الحروب التي واجهها الفلسطينيون فظاعة، واعترفت وقتها إسرائيل بالدور الكبير الذي لعبته حركة أمل فيها ونشرت صحيفة "جوراليزم بوست" في عددها الصادر بتاريخ 23 مايو 1985م: "إنه لا ينبغي تجاهل تلاقي مصالح أمل وإسرائيل، التي تقوم على أساس الرغبة المشتركة في الحفاظ على منطقة جنوب لبنان وجعلها منطقة آمنة خالية من أي هجمات ضد إسرائيل".
وظل التنكيل بالفلسطينين حتي وضعت الحرب الأهلية اللبنانية أوزارها بعد اتفاق الطائف الذي وقع برعاية سعودية في ما بعد اتفاق الطائف سعودية في 30 سبتمبر 1989 في مدينة الطائف وتم إقراره بقانون بتاريخ 22 أكتوبر 1989 منهياً الحرب الأهلية اللبنانية بعد أكثر من خمسة عشر عاماً على اندلاعها. وظل وجود "حزب الله" مهيمنا على الجنوب اللبناني خاصة مناطق مزارع شبعا.