كيف استغلت إيران قضية القدس لخداع العرب؟
كان إعلان ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس، كاشفًا عن إيران وحلفائها، الذين يستغلون القضية الفلسطينية في كسب العواطف وتجنيدها لصالح المشروع الإيراني التوسعي، فعلى مدى 38 عامًا منذ اندلاع ثورة الخميني، لم تقدم إيران شيئًا يذكر لقضية فلسطين، وهي الدولة الوحيدة في المنطقة، هي وتركيا، التي لم يسقط لها قتيل واحد بسبب إسرائيل، ولم تفعل أي شيء منذ عام 79 وحتى الآن، سوى دعم الانفصال والانقسام بين الشعب الفلسطيني عبر دعمها منظمة حماس، ودعم الانقسام بين شرائح الشعب الفلسطيني، ونشر حركات شيعية لنشر الطائفية في الأراضي المحتلة مثل حركة "الصابرين" الشيعية بغزة.
هذا فضلًا عن تجنيد المئات من الشباب الفلسطيني في حركات إرهابية مسلحة، في سوريا ومصر، ودعم وإنشاء حركات إرهابية لتفتيت دول الطوق العربي، وبعض الدول العربية الأخرى، مثل السعودية، والبحرين، واليمن، والكويت، ما أسهم في الانقسام العربي، وإضعاف الدول العربية، لاحتلالها فيما بعد، أو السيطرة السياسية عليها، كما حدث في العراق، التي أصبح للميليشيات الإيرانية العاملة بها، دور كبير في سياسة الدولة.
يوم القدس العالمي من أجل إيران وليس فلسطين
أطلقت ثورة الخميني في إيران ما اسمته بيوم القدس العالمي؛ لتقدم فيه نفسها على أنها المناصر الأول لفلسطين والحامي الأول للإسلام، وخصصت له الجمعة الأخيرة من شهر رمضان، لكنها دأبت فيه على تحويله ليوم هجوم على العرب، خاصة دول الخليج، بزعم أنهم تخلوا عن نصرة القدس، وأن طهران المقاتل من أجل المدينة المقدسة.
في هذا اليوم، تخرج المظاهرات في العاصمة طهران، وتدعو إيران حلفائها، والمجموعات والتنظيمات التابعة لها، للاحتفال، الذي لا يكون سوى هجومًا على الدول العربية.
لقد غطى يوم (القدس العالمي) على "يوم الكرامة"، الذي عُرف أيضًا بـ"يوم فلسطين"، وهو يوم احتفال الشعب الفلسطيني بانتصار الفدائيين على الجيش الإسرائيلي عام 1968.
وقد اعترف علي لاريحاني، رئيس مجلس الشورى الإيراني (البرلمان)، بشكل غير مباشر، في تصريح نقلته صحيفة (القدس العربي) أن ثورة الخميني استغلت التعاطف مع القضية الفلسطينية في شحن نفوس بعض المسلمين لمناصرة ما تسميها إيران بالصحوة الإسلامية (المقصود ثورة الخوميني).
سليماني ضل طريقه من القدس للعراق وسوريا
قبل إعلان ترامب بأيام، ظهر قاسمي سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني منذ 1998، وهي فرقة تابعة للحرس الثوري الإيراني، والمسؤولة عن العمليات العسكرية والعمليات السرية خارج الحدود الإقليمية، إلى العراق، وفي سؤال لـ(أمان) لأحد قادة الحشد (ي.غ) رفض الكشف عن اسمه، قال إنه تم تعيينه بشكل غير رسمي ليكون بمثابة سفير لطهران ببغداد، والمشرف على قوات الحشد الشعبي.
لقد أصاب سليماني الحول، فبدلًا من أن يتوجه إلى القدس، التي يحمل لواءه اسمها، ذهب إلى بغداد، ليشرف على الميليشيات الطائفية المدعومة إيرانيًا.
سليماني في أمثلة سريعة تحرك في المحيط العربي، بالشام والعراق، ولم يتحرك شبر واحد في المجال الحيوي الإسرائيلي، وكانت خطواته كلها لدعم التمدد الإيراني، وليس تحرير القدس كما يدّعي.
في 12 يناير 2017 مـ عيّنت إيران، العميد ايرج مسجدي، مستشار قائد "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني، المدرج على قائمة الإرهاب الدولية، سفيرًا لها في العراق بدلا من السفير الحالي حسن دانائي فر، وهو من منتسبي الحرس الثوري أيضا.
ايرج مسجدي كان له تصريح سابق قال فيه: إن دخول الحرس الثوري الإيراني بضباطه في معركة الفلوجة كان من أجل أن تبقى إيران مركزا للتشيّع في العالم.
وذكرت صحيفة "عصر إيران" أن تعيين العميد مسجدي سفيرا لطهران في بغداد جاء بناء على "توافق بين الجنرال قاسم سليماني (قائد الحرس الثوري الإيراني) ووزير الخارجية محمد جواد ظريف".
في 11 أبريل 2017 مـ ذهب سليماني إلى مدينة السليمانية في إقليم كردستان لإعاقة عملية الاستفتاء على تقرير مصير كردستان، ولإبعاد الاتحاد الوطني الكردستاني عن الحزب الديمقراطي.
وقالت وكالة "فارس" الإيرانية إن قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، هو القائد الفعلي للقوات العراقية!
خصصت إيران اعتمادات مالية ضخمة تعادل 600 مليون دولار، لتطوير برنامجها الصاروخي ولدعم فيلق القدس، وفق ما نقله موقع روسيا، يوم الأحد 2 أكتوبر عام 2017.
تواجد قاسمي سليماني، في سوريا أيضًا، وعلى الحدود اللبنانية، وحين سئل عن القدس قال "إن الطريق إليها يمر بالقلمون والزبداني وحمص وحلب والسويداء والحسكة"، وهي المناطق التي شهدت معارك طاحنة ضد قوات المعارضة السورية المسلحة، التي تقاتل حليف إيران بشار الأسد.
ونشرت قناة "فوكس نيوز" الأميركية، يوم 12 تشرين الأول عام 2017 استغلال الحرس الثوري الايراني أكبر شركة طيران إيرانية والتي تحمل عنوان "ماهان إير"، وبإشراف فيلق القدس، الذي يقوده "قاسم سليماني"، لنقل السلاح والجنود في حروبه في سوريا والعراق.
ولقائد فيلق القدس سليماني، تصريح يوم 26 نوفمبر 2017 قال فيه: إذا أخطأ أحد مع إيران فسنمرغ أنفه بالتراب، وهنا يتبين أنه ليس إلا غطاءً للأعمال القذرة التي تقوم بها إيران في المنطقة، والوجه المسلح، الذي يمهّد لزيادة النفوذ الإيراني.
ميليشيات إيران تستبدل العدو من الصهيونية للعربية
عملت إيران على بناء تنظيمات إرهابية، وكانت خطتها تكمن في مساهمة هذه التنظيمات فيما بعد في تمدد المشروع الإيراني، وبدءًا من الشمال الإفريقي، وحتى البحرين، كان للدولة الإيرانية أذرع مسلحة، والغريب أنها كلها رفعت شعار الموت لإسرائيل، وتحرير القدس، رغم أنها ومنذ نشأتها وحتى الآن، لم تسهم في شيء، سوى تموضع إيران بالمنطقة، واندلاع الحرب الطائفية، التي كانت صناعة إيرانية بامتياز، بدءًا من تفجير الحرمين العسكريين في سامراء شمال العراق في فبراير شباط 2006، الذي اعترف بعض القادة عقب التحقيقات، بضلوع ميليشيات إيرانية، وتورط فيلق القدس به، وحتى الآن.
قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، زعم أن الميليشيات الإيرانية التي تحارب في سوريا والعراق وتستخدم إيران لها تسمية «حماة ضريح أهل البيت»، هي «سورة من نور القرآن»، وأن الله أنزل «سورة حماة ضريح أهل البيت» من السماء.
لم يذكر سليماني مطلقًا القدس، وحسب وكالة فارس للأنباء التابعة للحرس الثوري، أشاد سليماني بما قام به مقاتلي هذه الميليشيات في العراق وسوريا لما سماها حماية الأضرحة المقدسة الشيعية هناك، لافتًا النظر إلى التضحيات التي يقدمها هؤلاء في هذا الطريق.
آخر صادر عن منظمة العفو الدولية Amnesty International، كيف تقوم الميليشيات الشيعية بتنظيم عمليات إعدام خارج نطاق القضاء، وتستهدف المدنيين السنة بلا رحمة على أساس طائفي تحت ستار مكافحة الإرهاب.
وترفع كل هذه الميليشيات شعارات جهادية برّاقة، مثل «كتائب حزب الله» «وعصائب أهل الحق» «وسرايا السلام» «وكتائب بدر»، لكنها تطلق مرة واحدة رصاصة على إسرائيل، في الوقت الذي شاركت جميعها في الحرب بسوريا، خاصة حزب الله اللبناني، أعلن في نهاية عام 2012 عن إنشاء مجموعات «الدفاع الشعبي» التي أنيطت بها مهمة اتخاذ المتطوعين الشيعة العراقيين تحت إدارة كتائب «حزب الله»، واليوم تفتخر بنشر مجموعات كبيرة من المقاتلين في الجنوب في مدينتي بغداد وديالى، وقرية آمرلي بحسب مجلة «فورين بوليسي».
من هذه الميليشيات «عصائب أهل الحق»، و«كتائب حزب الله» و«بدر» و«كتائب سيد الشهداء»، «اللواء أبو الفضل العباس» الذي لعب دورا رئيسيا في الحرب الطائفية في سوريا، و«لواء الإمام الحسين»، وهو ميليشيا شيعية أخرى تعمل في دمشق.
ويوجد 17 فصيلًا يتبع المرجع الشيعي علي السيستاني، من أبرزها: ثلاثة فصائل تابعة للمجلس الأعلى الإسلامي بقيادة عمار الحكيم، ولواء أنصار المرجعية، وغيرها من الفصائل الصغيرة غير المعروفة على مستوى ساحات القتال أو وسائل الإعلام، خلافًا للفصائل التابعة للمرشد الأعلى علي الخامنئي.
وهناك اثنا عشر فصيلًا صغيرًا تتبع عددًا من المرجعيات، منها المرجع كمال الحيدري ومحمد اليعقوبي وصادق الشيرازي وكاظم الحائري، وكل هؤلاء لا هم لهم سوى ترسيخ الوجود الإيراني.
شعارات الموت لإسرائيل كاذبة
في العام 2006 وبينما كانت المواجهات المسلحة في الجنوب اللبناني على أشدها بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي حزب الله، وفيما كانت دفقات الصواريخ المدمرة تنطلق من وإلى قرى وبلدات الجنوب، خرج الأمين العام للحزب «حسن نصر الله» في خطاب تاريخي ليهدد بأن صواريخه ستصل «إلى حيفا، وإلى ما بعد حيفا»، يومها تحول الرجل إلى أيقونة للمقاومة، وتبين فيما بعد أنه خداع حقيقي.
لقد انكشف حزب الله الإيراني، وانكشفت شعاراته الفارغة، وتبين أنه لا وجود لأي مشروع حقيقي متكامل، لدى من يدّعون أنهم محور المقاومة، قوى المقاومة بما فيها "حزب الله" لتحرير القدس أو فلسطين.
يقول شمس الدين النقار في صحيفة القدس: إن الموت لأمريكا هما شعاران رفعهما موالو إيران في المنطقة في كل تظاهرة يقيمونها، معلنين كرههم لهاتين القوتين رياء، والحقيقة أن الرياء اذا دخل على عمل أفسده وربما أحبطه، فلا نكاد نرى مظاهرة أو تظاهرة أو خطابا لأحد الموالين لإيران، إلا ويهتف أنصاره بهذين الشعارين، اللذين أصبحا وردًا لهم، جعل كل المتعاطفين مع القضية الفلسطينية يصرخون معهم بأعلى أصواتهم، لكن الحقيقة التي يخفيها الشعار أن الموت لم يكن لا لإسرائيل ولا لأمريكا، فرافعو الشعار قد اختاروا الموت لأعداء إسرائيل، من أولئك الضعفاء الذين تقلبت قلوبهم نحو حب إيران، التي رأوا فيها المارد المقبل لتحريرهم وتحرير أراضيهم، لكن المشاهد اليوم أن المارد قد دخل بيوتنا وأكل من خيراتنا وتزود منها ثم انقلب علينا ودمر مناطقنا وأشعلها نارا وحربا طائفية كان هو البادئ بها.
عشر سنوات أو تقل قليلا هي ما فصلت بين خطاب حسن نصر الله في يوليو 2015، بمناسبة «يوم القدس»، حين هدد بإزالة إسرائيل من الوجود، وخطابه عقب قرار ترامب، فالرجل لم يتحدث عن الدور العسكري أو اللوجيستي للحزب من أجل تحرير القدس، واكتفى في كلمته عقب القرار بالحديث عن الاحتجاج والرفض وتقديم النصح العام للجميع، كما أنه لم يطلق تهديدا عسكريا في حال حصول مواجهة أو توعد بعمليات أمنية ردا على القرار.
إنه حسن نصر الله، هو ذاته عبد الملك الحوثي، لا ختلاف بين الشبيهين مطلقًا، فهي نفس الكلمات التي أطلقاها معًا.. الرفض، والاستنكار، والشجب، والدعوة للهجوم على الأنظمة العربية.
أحد الباحثين اليمنيين، في اليمن برس، وصف الشعار الذي يردده الحوثيون "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام»، قائلا: «شعارٌ براقٌ جميلٌ، لا غبار عليه، والخلاف ليس عليه، ولا على كلماته ونظْمه ومعناه، لكن الخلاف حول حقيقته وتطبيقاته، ووسائله على أرض الواقع".
إنهم هجموا على السفارة السعودية في طهران، بينما وفروا الحماية بمليشياتهم لكل القنصليات الأجنبية، الموالية لإسرائيل على أرضهم.. إنهم الكاذبون المخادعون، الذي يجري الكذب في عروقهم، (أهل الزعيق)، و(الطحين الذي بلا عجن).