«المؤسسات الدينية في مواجهة الإرهاب» ندوة في مركز «دال»
عقد مركز دال للأبحاث والانتاج الإعلامي ندوة بعنوان «المؤسسات الدينية في مواجهة الإرهاب..نموذج الأزهر والأوقاف" حاضر فيها الباحث محمد مدحت مندور، الباحث بوحدة أبحاث القانون والمجتمع بالجامعة الأمريكية في القاهرة، وأدار النقاش محمد الدخاخني الباحث بمركز "دال".
وتحدث الباحث فى البداية عن الأحداث التي وقعت منذ بداية الثمانينات في مواجهة بين الدولة المصرية والإسلام السياسي، والتي أثارت الجدل حول دور الدين في المجال العام.
وقد نتج عن تلك المواجهة ما أطلق عليه الباحث "علمنة الدين وأسلمة المجال العام " والذي يعني بالعلمنة هنا إخضاع الدين لسلطة الدولة الحديثة ليصبح جزءا من هويتها الوطنية وتختص هي دون غيرها بتعريفه والزود عنه.
وتناول محمد مندور في البداية كيف تري اتجاهات الإسلام السياسي مؤسسة الأزهر مثل احد قيادات تنظيم الجهاد الإرهابي وهو أسامة حميد الشهير في أوساط الإرهابيين "بأسامة جغرافيا"الذي قال أن العنف من وجهة نظره دفع الدولة بالإهتمام بالمشروع الوطني لان ممارسات الجماعات عظمت من دور المؤسسات الدينية وأصبح دور الأزهر أكثر من استشاري بل واجب الاحترام.
الطرف الثاني يتبع ايضًا الإسلام السياسي ولكنه طرف مستقل وهو صلاح أبو اسماعيل الذي قال لقد أحسست أن دور الخطابة علي المنابر والكتابة في الصحف غير كافي وخاصة بعد المعاينة لهذه الأساليب إزدت إيمانا بأنها لن تحدث تغييرا بالقوانين ولا تأثيرا مستمرا في السلطة التشريعية.
وطرح الباحث عدد من الأسئلة التي يجب أن تجيب عليها الدولة وكافة المتخصصين، منها علي سبيل المثال هل سياسيات وزارة الأوقاف المصرية ساعدت علي ضبط المجال الديني العام، وكيف ساهم احتكار الدولة للمجال الديني في ضبط المساجد والزوايا الدينية.
ويجيب الباحث في الندوة عن بعض هذه التساؤلات منها لماذا أهتمت تيارات الإسلام السياسي بالمجال الديني والتأثير فيه بينما وقعت سياسة وزارة الاوقاف في ببعض التناقضات مثل أن وكيل وزارة الأوقاف صبري عبادة حذر السلفيين من التصدي للشيعة يوم الأربعاء 20 مايو2015وقال أن الوزارة مستعدة للاحتفال بمولد الحسين، بينما يوم الخميس 22أكتوبر 2015 قال أن مدرية الأوقاف ستغلق ضريح الإمام الحسين منعا للأباطيل التي سيمارسها الشيعية،هذا مشهد متناقض لوزارة الأوقاف تارة تهدد فيه السلفيين بمنع احتفالات الشيعة وفي مشهد أخر تغلق ضريح الحسين بحجة منع احتفالات الشيعة بعدها بشهرين تقريبا.
نفس هذا الأمر حدث عند تحويل الشيخ محمد جبريل من قبل وزارة الأوقاف ومنعه من الإمامة في مسجد عمرو بن العاص لأنه دعي علي الظالمين وخلط الديني بالسياسي بينما تركت في نفس الوقت إمامة السلفي محمد سعيد رسلان والخطابة في مسجده بالمنوفية والدعاء لولي الأمر واعتبار الانتخابات واجبة شرعا.
وتسائل الباحث هل سياسات وزارة الأوقاف المصرية ساعدت على ضبط المجال الديني العام وكيف ساهم احتكار الدولة للمجال الديني في ضبط المساجد والزوايا الدينية ؟ وهل سياسات التسعينات ساهمت في ضبط المجال الديني عنها في الوقت الحالي، ويجيب لم تكن سياسات وزارة الأوقاف ولا الأزهر قادرة علي ضبط المساجد في مصر سواء بعدد أئمة كافية او بزيادة ميزانية وزارة الاوقاف.
وتحدث الباحث علي صدور قرار عام 2014م بالضبطية القضائية لمفتشي وزارة الأوقاف المصرية وهذه ليست المرة الأولي التي تمنح الوزارة حق الضبطية القضائية، فقد حدث ذلك في عام 1989م عندما أعطي المستشار فاروق سيف النصر لعدد 435 من مفتشي الوزارة حق الضبطية القضائية وكان الهدف مواجهة الوزارة لتيارات الإسلام السياسي بشكل عام وكانت حزمة من القرارات حينها.
كما تناول الباحث في ندوة «المؤسسات الدينية في مواجهة الإرهاب..نموذج الأزهر والأوقاف» إنفاق وزارة الاوقاف عبر الثلاثين عاما الماضية منذ عام 1981م حيث كانت الميزانية 32 مليون بينما ميزانية عام 1996م كانت 550مليون، ورصدا كيف توسعت الوزارة في ضم العديد من المساجد حتي بلغت 27 ألف مسجدًا، وتم تعين خلالها عدد كبير من الأئمة التي يطلقون عليها"أئمة المكافئة"، كما إزادت الميزانية للوزارة من 5 مليون جنية إلي ما يقرب من 12 مليون جنية في موازنة العام الماضي.
وعن شروط تولي الخطابة قال الباحث مندور أن الوزارة وضعت شروط لمن يحق له الخطابة، ولأول مرة تصدر الوزارة قانون يعاقب بالحبس شهر وغرامة 100جنية وتم تعديله وتغليظ العقوبة للحبس سنة وغرامة 1000.
كما طرح الباحث في الجامعة الامريكية تنامي وتوسع دور الازهر في الرقابة علي المجال الفكري الثقافي العام وتناول الدور الذي قام به شيخ الأزهر السابق جاد الحق علي جاد الحق من إدخال مفهوم جديد بأننا لا نستطيع التصدي للتطرف الإسلامي دون التصدي أيضا للتطرف العلماني او الإلحادي، وهذا تجلي في دخول الأزهر طرف في بعض القضايا مثل مؤتمر السكان، وقضية المفكر نصر حامد ابو زيد، وفيلم المهاجر، ورفض بعض الكتب الثقافية والروائية، ونوقشت حينها مدي قانونية دور رقابة الأزهر في مجلس الدولة والذي دعمها المستشار طارق البشري باعتبار أن للأزهر دور في الحفاظ علي الأخلاق والهوية الثقافية.
نفس هذا الدور يلعبه د احمد الطيب شيخ الأزهر الآن حينما لعب دور في تجديد الخطاب الديني ووصف الجماعات الإرهابية بالخوارج لكنه تصدي لإسلام البحيري وفاطمة نعوت ورفض مؤخرا بعض قرارات للدولة مثل الطلاق الشفوي ومشروع تحويل مسارات الاوقاف علي غير شرط الواقف.
شرح الباحث مقولة المفكر الأمريكي سكوت هيبارد المتخصص في السياسة الخارجية الأمريكية، وسياسات الشرق الأوسط، والعلاقات الدولية حينما تحدث عن انتصار الدولة في الحرب علي الإرهاب بطريقة العسكرية لكنها تحتاج للنظر في الفكر وإيديولوجيات التطرف لأن منطق الصراع الأيديولوجي مساحته أكبر بكثير من منطق الصراع العسكري.
حاولت الندوة عقد المقارنة بين الثمانينات وما تلاها واللحظة الحالية وبحثت الأسباب المستمرة التى قادت الى تكرار هذا السياق بنتائجه كما ناقشت السياسات المركزية في تنظيم المجال الديني من ضم للمساجد وتوسع في ميزانية الاوقاف وقانون تنظيم الخطابة وضبطية مفتشي الأوقاف، وتوسع في الدو الرقابي للأزهر الشريف على الاعمال الفكرية والضبطية القضائية لموظفي الازهر على النشر الثقافي ومنها الرقابة المعنوية للمؤسسات الدينية على الحياة العامة فكان موقف الازهر من مؤتمر السكان ومن قضايا تخص المرأة مثل الختان وقضايا تخص الحريات موقف حاسم وفي احيان كثيرة ضد الدولة.