دراسة أوروبية تكشف إمكانية لجوء «داعش» للأسلحة الكيماوية
حمل العام الماضي الكثير من الأوجاع لتنظيم "داعش" الإرهابي، بعد أن كان التنظيم الأول والأكثر انتشارا وتوسعا خلال السنوات الماضية، فتحول إلى الأكثر خسارة وانكسارا، وحول ذلك أثيرت الكثير من التساؤلات حول امكانية استخدام التنظيم الإرهابي للأسلحة الكيماوية التي حصل عليها من سوريا والعراق.
وجاءت الإجابة من دراسة صادرة عن مركز تنسيق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، التي ناقشت لجوء جماعات الإرهاب إلى الهجمات الكيماوية والبيولوجية خلال عام 2018، مرجعة ذلك لسهولة نقل واستخلاص هذا النوع من الأسلحة غير التقليدية من مركبات كيميائية عادية مقارنة بهجمات القنابل والعربات المفخخة.
وأشارت إلى أن الهجمات الإرهابية الكيماوية والجرثومية تتطلب قدرا من التطور التكنولوجي والخبرة التي قد لا تكون متوافرة في كثير من المنظمات الإرهابية باستثناء داعش الذي امتلك تلك الخبرة في مسارح العمليات في الشرق الأوسط.
وبحسب الدراسة الأوروبية، فقد بدأ داعش منذ عام 2013 أول تطبيقاته على استخدام غاز الأعصاب في عملياته العسكرية، وبدأ مهندس عسكري عراقي سابق، انضم لداعش ويدعى سليمان داوود العفاري في بناء أول برنامج للتسلح الكيمائي للتنظيم بحكم خبرته في هذا النوع من التسلح إبان عمله السابق كضابط كيمائي في جيش الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين.
ومن قبله سعى عنصر آخر أشد خطورة في داعش يدعى حركيا "أبومالك" إلى بناء سلاح كيماوي لداعش لكن القدر لم يمهله إذ قتل في غارة جوية أمريكية في مطلع العام 2015، أما أبوداوود العفاري فقد ألقت القوات الأمريكية القبض عليه في مارس من العام 2016 واعترف بمواصلة مهندسين آخرين من المنضمين لداعش بالعمل على تطوير برنامج نووي لحساب التنظيم قابل للاستخدام في العمليات الإرهابية واعترف كذلك باعتماد هذا البرنامج على مكونات الكلور وهيدروجين سلوفات الكبريت لإنتاج غازات أعصاب وجميعها مكونات يقوم عملاء داعش باستخلاصها من المخصبات والأسمدة الكيماوية المستخدمة في الزراعة وهي الأسمدة التي تساهلت الاستخبارات التركية في وصولها بكميات كبيرة إلى الأراضى السورية خلال العامين الماضيين، بحسب الدراسة.
واستنادا إلى تلك الاعترافات داهمت قوات مكافحة الإرهاب في إستراليا شبكة لعملاء سريين في تنظيم داعش وهم يجرون اختبارات على غاز للأعصاب من المكونات السابق الإشارة إليها للتأكد من صلاحية قنبلة أعصاب كانوا يطورونها لحساب داعش، لكن القبض عليهم لا يعني من وجهة نظر خبراء مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة نهاية مساعى داعش لبناء قدرات كيمائية وبكتيرية شديدة الفتك نظرا لتعدد شبكاتها الكامنة في البلدان الغربية.
يشار إلى أن مصادر أمنية عراقية كانت كشفت في نوفمبر من العام 2014 عن استيلاء مسلحي داعش على منشأتين للتسلح الكيميائي تقعان على مسافة 35 ميلا إلى شمالي غرب العاصمة العراقية بغداد كانتا ضمن ترسانة العراق الكيماوية السابقة.
وأفاد التقرير الأمني العراقي الذي تم إرساله إلى الأمم المتحدة أن 2500 من المقذوفات الكيماوية تمت تعبئتها منذ عشرات الأعوام إبان حكم صدام بغاز السارين وهو غاز أعصاب قتالي.
كما كانت منطقة اكاكالى التركية على الحدود مع سوريا معبرا على مدار الأشهر الماضية لعمليات شحن نشطة لكميات من سماد نترات الأمونيا إلى داخل الأراضي السورية ليتم استخدامها لاحقا في صنع المتفجرات التي تلجأ إليها الجماعات المسلحة هناك، وأكد المراقبون أن كميات سماد نترات الأمونيا القادمة من تركيا تصل في نهاية الأمر إلى أيدى خبراء صنع المفرقعات في داعش وليس في أيدى المزارعين السوريين.
وبحسب الخبراء، تعد مادة نترات الأمونيا قاسما مشتركا في كثير من التفجيرات الإرهابية التي شهدها العالم، فقد استخدمها مفجروا المبنى الفيدرالى في اوكلاهوما سيتى في الولايات المتحدة عام 1995، واعتمادا على قنابل دخلت في إنتاجها نترات الأمونيوم حدثت تفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في تنزانيا وكينيا عام 1998.
وقد استخدمت داعش القنابل المصنوعة من نترات الأمونيا على نطاق واسع في صنع المتفجرات في العراق وأفغانستان، ويقول خبراء مكافحة الإرهاب إن نترات الأمونيا إذا ما تم خلطها بالبنزين تحت ظروف معينة وبنسب معينة تولد طاقة تفجيرية تعادل في شدتها 85% من طاقة التفجير الموجود في مادة تي إن تي شديدة الانفجار.