المؤسسة الدينية تستنكر تعمد إهانة الأذان.. وتؤكد: نتفهم حديثها
رفضت المؤسسة الدينية الهجوم الذي شنه البعض على الفنانة شيرين رضا، بعدما وصفت بعض المؤذنين بـ"الجعير".
في البداية علَّق الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني في وزارة الأوقاف، قائلًا: شعائر الإسلام ليست قبيحة ونتفهم حديثها تمامًا ولا نرى أنها تقصد إهانة الأذان كما تردَّد.
وأضاف "طايع" لـ"أمان": الأذان يُعتبر سنة نبوية لإخبار الناس بموعد الصلاة، مشيرًا إلى أنَّه كان من المقرر تطبيق قرار الأذان الموحد، إلا الأمر تغيَّر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير نتيجة فقدان بعض الأجهزة الخاصة بذلك.
وقال الدكتور أحمد زارع، المتحدث باسم جامعة الأزهر، إنه نوع من التبجح على شرع الله ولا يمكن أن يرضى بذلك أي انسان يحمل قيمًا، خاصة إذا كان التحدث فيما يخص الأديان، وعاداتنا وتقاليدنا، لأن الأذان يُرفع لأقدس عبادة.
وأضاف "زارع" لـ"أمان": على المجلس الأعلى للإعلام، أن يكون له وقفة مع الأصوات التي تهاجم العلماء والأديان التي بدأت تظهر في هذه الأيام، علاوة على تفعيل ميثاق الشرف الإعلامي، ومحاسبة أي وسيلة إعلامية تسمح بذلك.
كما قال الدكتور محمد مأمون ليله، الباحث الإسلامي: ألفاظ الفنانة شيرين رضا، خانتها في التعبير، وكانت شديدة قاسية، لا تعبر عن الوضع الاجتماعي الذي ينبغي أن تكون فيه، ولا يتناسب مع بيئتها التي توصف بأنها بيئة الرقي والنجوم، ولم يكن في كلماتها احتياط ودقة وتفريق بين فعل المؤذن والأذان، وهذا أمر خطير ينبغي أن ينتبه له من يتصدر للكلام في هذه القضايا الحساسة، والتكلم بألفاظ غير محسوبة، وأنه تجعير، ويهدد السياحة، فهذا كله لا يستحق الرد عليه، ولا يجوز لمن لم يقدر الأمور حقها أن يتصدر ويتكلم في هذه القضايا التي تمس قلوب الناس، وتستثير حميتهم وتزعجهم، وليذهب كل متكلم فليبدع في تخصصه، ويصلحه وينهض به.
وأضاف "ليله" لـ"أمان": الأخطاء الفردية من بعض المؤذنين في رفع الصوت بشكل مبالغ فيه، ما قد تضيع هيبة الأذان، وتشوش على الناس، وتزعج المريض والطالب أمر واقع لا نستطيع إنكاره، لكنها ليست ظاهرة، بل حالة خاصة ينبغي أن تعالج بمفردها، ولا نعمم الأحكام، وإلا لو كانت هذه ظاهرة يفعلها المؤذنون تعمدا لمضايقة الناس؛ لوجب محاسبة وزارة الأوقاف، ولكنها ليست ظاهرة، وليست مما يفعل تعمدًا، مشددًا على أنه من الواجب أن ننصح وزارة الأوقاف بحسن اختيار المقيمين للشعائر، وانتقاء الأصوات البديعة، ورفع الصوت بمقدار ما يحتاجه الحي الذي يقع فيه المسجد، وأن يراعى عدم تداخل الصوت مع صوت المساجد القريبة منه، وأن يكون على قدر الشعائر فقط وخطبة الجمعة.
كما شدد على أنه على الناس أن يتفهموا وينصحوا المؤذنين برفق، إذا رأوا أن الأمر تعدى الحدود، وإن لم يستجيبوا رفعوا أمرهم إلى مديريتهم المسئولة عنهم، وعليهم التحمل والصبر، وأن يتعاونوا معا لإفامة الصلاة على أحسن ما يكون، وهذا يتطلب رفقا وصبرا ونصيحة من الجانبين.
وأضاف: إذا نظمت وزارة الأوقاف ما يشبه المسابقة؛ لاختيار مؤذنين أصحاب أصوات بديعة، وأعطتهم تصريحا يتيح لهم الأذان في أي مسجد في الجمهورية، بالتفاهم مع المساجد التي ينزلونها؛ لكان أولى، ولساهموا في القضاء على هذه الظاهرة بشكل فعال.
ومن جانبه قال الشيخ أحمد البهي، إمام وخطيب مسجد السيدة زينب، إنَّ حديث الفنانة شيرين رضا عن الأذان، كان تلقائيًّا ويحق لأي مواطن أن يقول رأيه في المسائل التي قد تضره بصفة شخصية، مضيفًا: هي لم ترفض الأذان مطلقًا وإنما رفضت الأصوات غير الجيدة التي تؤذن.
وأوضح "البهي" لـ"الدستور": أرى أن هناك ظاهرة تحدث منذ فترة تعمل على تحريف الكلام وتتعمد التدليس، حتى يتوهم الناس أن هناك حرب من الدولة على الدين، حتى إن كان ذلك الشخص لا يمثل الدولة، ومن ثم تستغل الجماعات المتطرفة مثل هذه التصريحات والفيديوهات المجتزئة لإحداث حالة شحن معنوي لدى الناس ضد الدولة.
وأضاف: شيرين رضا سألوها عن الأذان الموحد، فأجابت بأنها ترغب في تطبيقه لاعتبارات كثيرة، واستنكرت وجود بعض الأصوات غير الجيدة ورفع الصوت المبالغ فيه من بعض الزوايا، وهي تحدثت بأسلوب تلقائي ولم تخرج عن هذا المضمون ولم تُهاجم الشعيرة في حد ذاتها.
وقال الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، ومدير مركز وزارة الأوقاف لمحاربة التشدد، إنَّه لا يجوز لأي شخص أن يُهين شعيرة دينية، حيث نحن نتواصى احترام الأديان، لأنَّه صمام الأمن والفضيلة في المجتمعات ويجب أن نتعاون للمحافظة على هدي السماء في جميع الأديان خاصة في ظل حالة الانفلات الأخلاقي الذي نعيش فيه في الآونة الأخيرة.
وأضاف "النجار" لـ"أمان": أي صوت يعلو لينال من أديان السماء أو يقلل من دورها أو قدسيتها في قلوب الناس، هذا يدعو إلى انفلات الغرائز وانفلات السلوك بما يناقض هدي الأديان ومبادئها، لأنَّها قيمة إنسانية قبل أن تكون قيمة عقائدية حتى نمنع الانفلات الأخلاقي والهجمة الشرسة على الإنسانية بالإرهاب والسلوكات الخاطئة.
وتابع: يجب بحث الأمر جديدًا لأنها ربما كانت تنتقد بعض الذين يزعجون الساكنين بإقامة الشعائر في مكبرات الصوت، ويكون النقد موجَّه إلى الإفراط في علو الصوت، إذ إنَّ مُكبرات الصوت أصبحت تُشكل عامل إزعاج شديد جدًا ما يجعل الناس يستنفرون منها، إذ إنَّ بعض الناس يضعون مكبرات صوت أصواتها مرتفعة جدًا، ويتم إذاعة فيها الأناشيد وليس الأذان فقط، رغم أنَّه من آداب الإسلام أن تكون إقامة الشعائر لا يجوز أن تكون مزعجة للآخرين أو مؤلمة لهم.
وشدد على أنه يجب لا يجوز أن نتصيد الخطأ ونترصده بالعقوبات، حيث إنه ربما لا تكون متفهمة لمعنى الأذان، فيجب أن تُفهم أنَّه شعيرة تدعو إلى الصلاة والعبادة، وقال: لا أتصوَّر أنَّ أحدًا يقول على الأذان إنَّه "جعير" وتقصده في ذاته شعيرةً أو علامة من علامات دخول الوقت للصلاة.