«مش هخبط ع الناس عشان يسمعونى».. تفاصيل لقاء عمر خيرت وسيدة الشاشة العربية
تحدث الموسيقار الشهير عمر خيرت عن تفاصيل لقائه مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وكيف اندهشت بعزفه وذلك في كتابه الصادر حديثًا عن دار نهضة مصر للنشر والتوزيع تحت عنوان "المتمرد .. سيرة حياة عمر خيرت" والتي حررها الكاتب الصحفي محمد الشماع.
يقول عمر خيرت:"في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات كانت فاتن حمامة في عز مجدها، وكنت أحد الملايين الذين يشاهدون أفلامها، في السبعينيات قدمت في أولها "رمال من ذهب" مع يوسف شاهين، و"إمبراطورية ميم" مع حسين كمال، و"الخيط الرفيع" مع بركات، و"أريد حلًا" مع سعيد مرزوق، و"أفواه وأرانب" و"لا عزاء للسيدات" مع بركات أيضًا، وكانت تجمعني صداقة بكمال القريعي المتزوج من نادية ذوالفقار ابنة سيدة الشاشة العربية، وكنت دائم التردد عليهم سواء في العجمي بشارع الحنفية، أو في عمارة ليبون بالقاهرة".
يكمل: "وفي أحد الأيام دعاني القريعي لاحتفال الدكتور محمد عبدالوهاب وفاتن حمامة بعيد زواجهما بمطعم الهيلتون، وطلب مني العزف على البيانو أثناء الاحتفال، فوجئت هي بعزفي وأبدت إعجابًا شديدًا بما أعزفه، وسألتني:" إيه الحاجات دي؟"، فقلت لها:" دي ارتجالات من مخيلتي"، فردت علي:" طب ليه مش بنسمع الحاجات دي؟"، فقلت لها:" أنا فنان ومش هروح أخبط على الناس علشان يسمعوني، وانتهت الاحتفالية وبعد فترة اتصلت بي وطلبت لقائي في ليبون فذهبت إليها، وطلبت مني عمل خلفية موسيقية لبرنامج "قطرات الندى" الذي كانت تلقي فيه أشعار الكبار ويذاع على إذاعتي "البرنامج العام" في مصر والكويت في نفس التوقيت، وكنت سعيدًا للغاية فهي إحدى أهم نجمات أهل الفن تستمع لموسيقاي، وتريد أن تلقي أشعارًا على نغماتها، كان هذا عملي الأول الذي حقق صدى جيدًا، وحاز إعجاب فاتن حمامة، والتي كانت أطيب وأجمل شخص قابلته في حياتي".
يواصل: "في أواخر عام 1983 وضعت الموسيقى التصويرية لمسرحية "فوت علينا بكرة" التي قام مخرجها الكبير سعد أردش وافتتح بها مسرح الطليعة موسمه، ثم كانت المفاجأة أن طلبتني فاتن حمامة لكي أضع لها الموسيقى التصويرية لفيلم "ليلة القبض على فاطمة" بطولتها وشكري سرحان وإخراج هنري بركات، والذي كان يمثل العودة بالنسبة لها للسينما عقب فترة غياب دامت خمس سنوات بعد فيلم لا عزاء للسيدات".
ويضيف: "تملكتني سعادة غامرة فهي أول مرة سيوضع فيها اسمي على تتر فيلم، ومن بطولة بحجم فاتن حمامة، وألهمني الله موسيقى الفيلم التي اعتبرها اختراعًا أو شكلًا جديدًا، لأنها كانت تحتوي على نوع جديد من التيمات الموسيقية التي لم تمس من قبل"، أما الفيلم فكان جميلًا وحقق نجاحًا كبيرًا مع الجمهور، وكان بمثابة جواز سفر لي للجمهور، وفي أمر فريد من نوعه في ذلك الوقت أن موسيقى الفيلم طرحت في شريط كاسيت يحمل صورة فاتن حمامة وكانت بداية موفقة أرسلها لي الله".
ويستطرد: "ولإصدار هذا الألبوم حكاية طريفة حيث نجح الفيلم، ونجحت الموسيقى الخاصة به في تلك الفترة، وسألت نفسي إن كان المصريون مستعدين لسماع موسيقى خالصة لا يصاحبها أداء مطرب أو مجموعة أم لا؟، وهذا النوع من الموسيقى هو أرقى أنواعها على الإطلاق، ويحتاج إلى نوعية جيدة من المستمعين، بل يحتاج إلى ارتفاع في درجة الوعي ليس للفرد بل للمجتمع كله، وكان نجاح ليلة القبض على فاطمة يشجعني فحاولت بكل جهدي أن أكتشف المناخ الفني الذي تعيشه بلدي، وأردت اختبار "السوق السمعي" إن صح التعبير، فاقترحت طرح الموسيقى التصويرية للفيلم في ألبوم، فتعجب منتج الفيلم من الفكرة، وقال لي:" أنا هعملها علشان أنت راجل طيب وأعرفك كويس وهطبع لك 2000 نسخة" ثم كان الله بالسر عليمًا.
واختتم: "لم أكن أفكر في القيمة المادية، إذ أعطيت المجموعة للمنتج مجانًا، ما كان يهمني هو أن يستمع الناس لموسيقى الفيلم في بيوتهم، وبالفعل حدث هذا، وحقق الألبوم نجاحًا كبيرًا، وكان ذلك أهم بكثير من المكسب المادي عندي، إذ لم أتقاض أجرًا عنه، وما زال الألبوم يسمع إلى الآن على الإنترنت، ولم أستفد منه بمليم واحد، ونجاح الألبوم أعطاني الأمل في مواصلة طريقي لسد الفراغ الموجود في حياتنا الموسيقية وسط هيمنة الغناء على الساحة، هنا فقط شعرت أن الحلم الذي درست من خلاله الموسيقى في طريقه للتحقق".