«أرواح معلقة».. «الدستور» تحقق في أسباب حوادث الأسانسيرات

في إحدى الليالي الصيفية، كانت آية أحمد، طالبة بالمرحلة الثانوية، تستعد لأداء امتحان نهاية العام، وبينما هي تراجع على دروسها تذكرت إحدى ملازم المراجعة النهائية، التي سبق واستعارتها واحدة من زميلاتها.

ذهبت آية مسرعة لزميلاتها، التي كانت تقطن في العقار المجاور لها، واستقلت المصعد الكهربائي إذ كانت تسكن صديقاتها في أحد الأدوار العلوية، وبعدما انتهت المهمة وأخذت الملزمة، توجهت مرة أخرى للمصعد، وبمجرد أن فتحت "آية" باب المصعد كادت تهوي في غيبات ظلام الأسانسير.

تقول آية: "لم تكن  كبينة الأسانسير موجودة عندما فتحت الباب، وحسيت أني بحط رجلي على الهواء ولكن أنا مخدتس بالي، لحسن الحظ كانت والدة زميلتي بتوصلني وهي انتبهت للأمر بحكم خبرتها، وجزبتني بكل قوتها ناحيتها بعيدًا عن الأسانسير".

تضيف: "ربنا كتبلي عمر جديد، لأن لو كنت دخلت الأسانسير كنت توفيت في اللحظة والتو، لأن كمان زميلتي تسكن في الدور التاسع، أي أنه موت محقق لا مفر".

لم تكن الطالبة آية هي الضحية الوحيدة لحوادث المصاعد الكهربائية، التي باتت تتكرر بشكل شبه يومي في مختلف العقارات، ولكن يوجد الكثير مثلها، منهم الذي نجحت عمليات إنقاذه ومنهم من توفى في الحال.

ومؤخرًا لقي طالب جامعي مصرعه جراء سقوط أسانسير العمارة التي يسكنها بأحد أحياء مدينة كفر الشيخ من الطابق السابع، وتم نقل جثمانه لمشرحة مستشفى كفر الشيخ العام، تحت تصرف النيابة.

وعلى الفور، انتقلت سيارات الإسعاف والدفاع المدني لموقع الحادث، وتم نقل جثمان المتوفى إلى مستشفى كفر الشيخ العام، وتم نقل الجثة إلى مشرحة مستشفى كفر الشيخ تحت تصرف النيابة العامة.

طلب إحاطة يحذر من تكرار الحوادث

وفي هذا الصدد، تقدمت الدكتورة ندى ألفي ثابت، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة إلى المستشار حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، موجه إلى وزير التنمية المحلية بشأن تكرار حوادث المصاعد الكهربائية "الأسانسيرات" في الآونة الأخيرة خاصةً داخل العقارات السكنية، مما ينجم عنها سقوط ضحايا وإصابة مواطنين.

وقالت ثابت، في طلب الإحاطة، أن السمة الرئيسية المشتركة في أغلب حوادث سقوط الأسانسيرات، ترجع لأسباب فنية نتيجة الإهمال والتراخي في أعمال الصيانة الدورية للأسانسيرات ومدى حالته وما يطرأ عليه نتيجة كثرة استخدامه، مشيرة إلى أن أسباب السقوط تنحصر إما فى سوء التصنيع أو تهالك أجزاء المصعد وسوء التركيب، وأن بعض الأجزاء تحتاج إلى تغيير بشكل دوري وفي فترات محددة.

كما أوضحت عضو مجلس النواب، أنه في حال العقارات السكنية، يجب على السكان المقيمين في وحداته مراعاة مؤشرات السرعة والإبلاغ فورًا عنها، والاستعانة بمهندس أو استشارى كى يعيد فحص المصعد، أما في المصالح العامة والخاصة ينبغي على من يقع عليه المسؤولية الإشرافية المتابعة الدورية.

وأكدت عضو مجلس النواب على أهمية وجود وسائل حماية بالمصعد حتى فى حالة انقطاع السير، حيث توجد أجزاء فى المصعد وظيفتها هى عمل إيقاف تلقائي فى حالات السقوط الحر مثل تركيب منظم سرعة علوى أو سفلى يوقفه على الفور فى حال أى إخلال بشبكة الكهرباء العامة، أو تركيب براشوت يرفع الأسانسير عند حدوث (قفلة) فى شرائح الكهرباء السفلية.

يروي خالد حسن، الذي يقطن بمنطقة فيصل بالجيزة، وقوع حادثة بالعقار الذي يقطن به، إذ يقول: “أن غالبية العقارات في المنطقة تتجاوز الـ 10 طوابق، ومن ثم فإنه لا غني عن المصاعد الكهربائية، ومع الأسف معظمها أعطاله متكررة وأيضًا حوادثه”.

يضيف: "في مرة من المرات وقع حادث كبير في العقار الذي أسكن به، وهو بعد ركوب أحد جيراني وابنه وبمجرد صعود الأسانسير إذ به يقع فجأة دون سابق إنذار عن أي أعطال".

يتابع: "لحسن الحظ حينها أن الأسانسير سقط من الدور الثالث، وعلى الفور أنقذنا الرجل وابنه، وطبعاكان عندهم إصابات وكدمات كبيرة، ولكن نحمد الله أنهم كانا على قيد الحياة".

إلزام المنشأة بصيانة المصاعد 

قانون البناء رقم 119 لسنة 2008، ينص على "أن المالك يجب عليه التعاقد مع إحدى المنشآت المرخص لها فى مجال إنشاء المصاعد للقيام بأعمال الإصلاح والصيانة الدورية، وتلتزم المنشأة بأعمال الصيانة وفحص واختبار المصعد وتقديم شهادة معتمدة"، على أن تراجع الوحدات المحلية على الملاك وأصحاب العقارات والتنبيه عليهم بالالتزام بأعمال الصيانة الدورية للمصاعد الكهربائية حفاظًا على حياة القاطنين.

كما تنص المادة 68 من قانون البناء، على إلزام المالك بإرفاق عقد تركيب المصعد من إحدى شركات المصاعد المعتمدة من اتحاد المقاولين وصورة من تصريح مزاولة المهنة للشركة، تقديم طلب ترخيص مصعد يشمل المواصفات الفنية والرسومات الهندسية لإنشاء المصعد، وشهادة صلاحية لتشغيله معتمدة من الشركة، ومرفق بها تقرير عن نتائج اختبارات الأمان وتفيد بتحقيق المصعد لمتطلبات الكود المصرى للمصاعد.

فني صيانة: أسباب وقوع حوادث الأسانسيرات متعددة

محمد حسان، فني صيانة مصاعد كهربائية بإحدى الشركات الأجنبية، يقول في حديث لـ "الدستور" أنه تتعدد أسباب حوادث المصاعد الكهربائية، مشيرًا إلى أنها إما أسباب مباشرة أو غير مباشرة. 

يتايع حسان أن العمر الافتراضي لماكينة المصعد المكهربائي هي أحد الأسباب الرئيسية التي تتسبب في حوادث الأسانسير، وفي حال سقوط المصعد الكهربائي بشكل مفاجئ ففي هذه الحالة على الأرجح أن يكون الحادث وقع بسبب عطل ماكينة الأسانسير.

يضيف حسان أن أبواب المصاعد الكهربائية في طوابق العقار من الممكن أن تكون سببًا أيضًا في وقوع حوادث المصاعد الكهربائية، وذلك في حال تلف لوازم "الأقفال والصواميل" الخاصة بإحكام غلق باب المصعد، إذ تتسبب في فتح الباب دون وجود كابينة المصعد وهو ما يشكل خطرًا كبيرًا، لذا فإنه من الضروري الانتباه جيدًا عند دخول الأسانسير.

وأكد فني صيانة المصاعد الكهربية، على ضرورة صيانة المصاعد بشكل دوري، حتى وإن لم يكن هناك عطلًا فنيًا بها، مشيرًا إلى أهمية التعاقد مع شركة صيانة موثوق بها لإجراء أعمال الإصلاحات الفنية اللازمة للمصعد الكهربائي.

معايير السلامة والأمان

وفق إحدى الشركات الكبرى لصيانة المصاعد فإن من أهم معايير السلامة والأمان، تركيب باب داخلي للمصعد يعمل بطريقة آلية ويتحرك مع المصعد لتصبح المركبة مغلقة تمامًا.

وأيضًا الالتزام بعمل الفحص الدوري للمصاعد لجميع مكوناته ولا يجوز تشغيل المصعد إلا بعد اجتيازه لاختبارات الفحص، ووضع ملصق على الباب أو في غرفة الماكينات يوضح التاريخ الذي تم فيه الفحص والتاريخ التالي الواجب أن يتم فيه إعادة الفحص دوريا وهذا يتم عن طريق الشركة أو المؤسسة القائمة بالصيانة.