في الذكرى الـ 33 لتحرير طابا ..كيف حاربت الدبلوماسية المصرية لرف العلم المصري عليها
33 عامًا على استرداد الأرض.. حرب دبلوماسية انتهت برفع العلم على أرض طابا
33 عامًا مرت على ذكرى استرداد أرض الفيروز كاملة ورفع العلم المصري عليها، بعد حرب دبلوماسية خاضتها الخارجية المصرية لسنوات في مواجهة الاحتلال الصهيوني لتنجح أخيرًا في يوم 19 مارس من عام 1989، في استعادة آخر أجزاء الأرض المحتلة وترفع العلم على أراضي طابا.
«الدستور» ترصد في السطور التالية مراحل الحرب الدلبلوماسية التي خاضتها الخارجية المصرية على مدار سنوات من أجل استرداد الأرض.
بعد سنوات من انتصار السادس من أكتوبر عام 1973، انتقل النزاع بين مصر وإسرائيل من ساحة القتال المسلح إلى المفاوضات الدبلوماسية، ومع توقيع معاهدة السلام بكامب ديفيد الأمريكية بين البلدين في مارس 1979، بدأت إسرائيل في الانسحاب من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب البريطاني، إلا أن إسرائيل راوغت في تسليم آخر مناطق سيناء عند علامة الحدود رقم 91 "طابا" بغرض توسيع أراضيها حول ميناء إيلات الإسرائيلي.
الدولة المصرية ممثلة في رئيسها الأسبق محمد حسني مبارك، خرجت لتعلن أنها "لن تفرط في سنتيمتر واحد من أراضيها وأن الحفاظ على وحدة التراب الوطني المصري هدف أساسي وركيزة لكل تحرك".
ولجأت الدولة إلى التحكيم الدولي حول طابا، بحسب المادة الـ7 من اتفاقية السلام مع إسرائيل، والتي تنص على أنه عند حدوث أي خلاف بشأن تطبيق معاهدة السلام، يجري حله عبر المفاوضات وفي حالة فشل حل الخلاف بالتفاوض تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم.
وفي 11 سبتمبر 1986 وقعت مصر مشارطة تحكيم لتقرير مواضع 14 علامة من علامات الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الانتداب البريطاني لحل خلاف حدودي بشكل كامل ونهائي. وكانت مصر في مايو 1985، شكلت اللجنة القومية العليا لطابا، والتي ضمت كفاءات قانونية وتاريخية وجغرافية، منهم مفيد شهاب، أستاذ القانون الدولي، والمؤرخ يونان لبيب رزق، فضلا عن عدد من الدبلوماسيين، على رأسهم نبيل العربي، وعدد من الخبراء العسكريين بينهم اللواء عبدالفتاح محسن مدير المساحة العسكرية آنذاك، والتي تحولت إلى هيئة الدفاع المصرية عن طابا في التحكيم الدولي.
وكانت مسؤولية اللجنة واستغرق ذلك 5 سنوات من نهاية 1983 إلى أن صدر الحكم يوم 29 سبتمبر 1988، وبعد ذلك جولة جديدة من التفاوض مع إسرائيل إلى أن تحقق الانسحاب النهائي من الأراضي المصرية في مارس 1989.
ويوضح نبيل العربي في كتابه “طابا- كامب ديفيد- الجدار العازل”: صراع الدبلوماسية من مجلس الأمن إلى المحكمة الدولية"، أن قضية طابا كانت مواجهة حضارية بين الأجهزة المعنية في حكومتين كل منهما تسعى لتضع أمام المحكمة الدولية ما لديها من أدلة تساند موقفها وتتخذ موقف الخصم بالأدلة والأسانيد القانونية والجغرافية والتاريخية، التي كانت نتاج بحث متعمق ودراسة متأنية في أعماق الملف والوثائق في الخرائط المصيرية المحفوظة في مختلف أجهزة الدولة، وأيضًا في ملفات الأمم المتحدة ودور الأرشيف في إنجلترا وتركيا والسودان. مؤكدا أن الحكومة المصرية أدارت قضية طابا بأسلوب علمي متحضر على أساس مهني.
أما عن أدوات الانتصار المصري في قضية طابا، يقول الدكتور يونان لبيب رزق في العديد من الأفلام التسجيلية واللقاءات التلفزيونية، باعتباره كان أحد أعضاء هيئة الدفاع المصرية عن طابا، إن الأدلة التي قدمت للمحكمة شملت وثائق تاريخية، وخرائط، ومجسمات طبيعية، وإحداثيات شبكية، كما تضمنت عملية التحكيم زيارات ميدانية، وشهادات شهود.
ويوضح لبيب رزق، في كتابه "طابا قضية العصر"، أنه مع توقيع مشارطة التحكيم في سبتمبر عام 1986، بدأت حرب الخرائط في قضية طابا بين مصر وإسرائيل، مؤكدا أنه على الجانب الإسرائيلي بدت الحرب بشكل علني، حيث نشرت إسرائيل خرائط ولوحات ميدانية تزعم عدم تبعية طابا لمصر، مثل خريطة "نيوكومب"، المعروفة أيضا بخريطة 1915، وفي مصر جرى الاتجاه إلى الحصول على كل الخرائط التي تؤكد صحة الموضع المصري.
وأكد لبيب رزق أن مصر اعتمدت على 5 جوانب لإثبات تبعية طابا للأراض المصرية:
أولا: استُخرج في هذا الصدد كل ما هو متاح من أرشيف مصلحة المساحة المصرية وإدارة المساحة العسكرية.
ثانيا: الحصول على الخرائط الإسرائيلية.
ثالثًا: الحصول على الخرائط التركية
رابعًا: الحصول على الخرائط البريطانية التي عنيت عناية خاصة بمسح سيناء وجنوب فلسطين خلال الحرب العالمية الأولى منها خريطة عام 1915.
خامسًا: أرشيف الهيئة المعنية بامتيازات البترول حيث تم الاحتفاظ بعقود الامتياز، وقد عثر ضمن هذه العقود على خريطة لامتياز بالتنقيب عن البترول لشركة "شل" في المنطقة محل النزاع.