لماذا ذكر الهبوط مرتين في قصة آدم وحواء بسورة البقرة؟.. أستاذ تفسير يرد
يزخر القرآن الكريم بالعديد من الآيات التي تحمل معاني كثيرة حسب السياق التى توجد فيه، ومن بين تلك الآية التي أثارت جدلًا كبيرًا حول تفسيرها عبر وسائل التواصل خلال الساعات الحالية، حيث ورد حولها سؤال من أحد المتابعين يقول: ما هو السر في الجمع في قوله تعالى (ﻗﻠﻨﺎ اﻫﺒﻄﻮا منها جميعًا) في قصة آدم وحواء في سورة البقرة، ولماذا ذكر الهبوط مرتين في الآية السابقة، والآية التالية في قوله: (ﻗﻠﻨﺎ اﻫﺒﻄﻮا ﻣﻨﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﻓﺈﻣﺎ ﻳﺄﺗﻴﻨﻜﻢ ﻣﻨﻲ ﻫﺪﻯ ﻓﻤﻦ ﺗﺒﻊ ﻫﺪاﻱ ﻓﻼ ﺧﻮﻑ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻻ ﻫﻢ ﻳﺤﺰﻧﻮﻥ)؟
ورد الدكتور مختار مرزوق، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، على الجدل المثار حول هذه الآية، قائًلا: "إن ما ورد في قوله تعالى: (قلنا اهبطوا منها جميعا)، هو ﺧﻄﺎﺏ ﻵﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼﺓ ﻭاﻟﺴﻼﻡ ﻭﺣﻮاء ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ: (ﻗﺎﻝ اﻫﺒﻄﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ)، ﻭﺟﻤﻊ اﻟﻀﻤﻴﺮ ﻷﻧﻬﻤﺎ ﺃﺻﻼ اﻟﺠﻨﺲ ﻓﻜﺄﻧﻬﻤﺎ اﻹﻧﺲ ﻛﻠﻬﻢ، ﻭﺇﺑﻠﻴﺲ ﺃﺧﺮﺝ ﻣﻨﻬﺎ ﺛﺎﻧﻴًﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﺧﻠﻬﺎ ﻟﻠﻮﺳﻮﺳﺔ، ﺃﻭ ﺩﺧﻠﻬﺎ ﻣﺴﺎﺭﻗﺔ ﺃﻭ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء.
وأضاف أستاذ التفسير أن قوله: (ﻗﻠﻨﺎ اﻫﺒﻄﻮا ﻣﻨﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻓﺈﻣﺎ ﻳﺄﺗﻴﻨﻜﻢ ﻣﻨﻲ ﻫﺪﻯ ﻓﻤﻦ ﺗﺒﻊ ﻫﺪاﻱ ﻓﻼ ﺧﻮﻑ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻻ ﻫﻢ ﻳﺤﺰﻧﻮﻥ)، أن التكرار جاء هنا ﻟﻠﺘﺄﻛﻴﺪ، ﺃﻭ ﻻﺧﺘﻼﻑ اﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻓﺈﻥ اﻷﻭﻝ ﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻫﺒﻮﻃﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺩاﺭ ﺑﻠﻴﺔ ﻳﺘﻌﺎﺩﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻻ ﻳﺨﻠﺪﻭﻥ، ﻭاﻟﺜﺎﻧﻲ ﺃﺷﻌﺮ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺃﻫﺒﻄﻮا ﻟﻠﺘﻜﻠﻴﻒ، ﻓﻤﻦ اﻫﺘﺪﻯ اﻟﻬﺪﻯ ﻧﺠﺎ ﻭﻣﻦ ﺿﻠﻪ ﻫﻠﻚ.
أشار إلى أن السر في ذلك أن اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﺨﺎﻓﺔ اﻹﻫﺒﺎﻁ اﻟﻤﻘﺘﺮﻥ ﺑﺄﺣﺪ ﻫﺬﻳﻦ اﻷﻣﺮﻳﻦ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﺤﺎﺯﻡ ﺃﻥ ﺗﻌﻮﻗﻪ ﻋﻦ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺣﻜﻢ اﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓﻜﻴﻒ ﺑﺎﻟﻤﻘﺘﺮﻥ ﺑﻬﻤﺎ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻧﺴﻲ ﻭﻟﻢ ﻧﺠﺪ ﻟﻪ ﻋﺰﻣًﺎ، ﻭﺃﻥ ﻛﻞ ﻭاﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻛﻔﻰ ﺑﻪ ﻧﻜﺎﻻ ﻟﻤﻦ ﺃﺭاﺩ ﺃﻥ ﻳﺬﻛﺮ، ﻭﻗﻴﻞ اﻷﻭﻝ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ ﺇﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭاﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻟﻰ اﻷﺭﺽ ﻭﻫﻮ ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻯ، ولكن الرأي الراجح هو الأول.