البطريرك مار إغناطيوس يوسف: الصّوم يدعونا كي نجدّد علاقتنا مع الله
وجّه بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان، رسالة الصّوم الكبير لعام 2022 وقال فيها، تدعونا الكنيسة كي نمارس الصّوم مدّة أربعين يومًا قبل أسبوع الآلام الخلاصيّ الّذي يقودنا إلى عيد القيامة المجيدة، مُذكِّرةً إيّانا بصوم الرّبّ يسوع في البرّيّة وانتصاره على إبليس. في زمن الصّوم المقدّس، تتحرّر النّفس كي تقبل عطيّة الخلاص المجّانيّة، فتنطلق في مسيرة الشّركة الحبّيّة مع فاديها الإلهيّ، إذ تشاركه في "فصحه" بالعبور من العبوديّة إلى الحرّيّة، ومن الموت إلى الحياة.
وتابع بطريرك السّريان الكاثوليك، الصّوم زمنٌ قربانيّ نقبل فيه محبّة يسوع، ونتعلّم كيف ننشرها حولنا في كلّ حركة وكلمة: نفتح قلوبنا على جراح الّذين يتألّمون في كرامتهم البشريّة، ونندفع بمحبّة المسيح إلى محاربة الشّرور وأشكال الظّلم، من ازدراء المستضعَفين واستغلال المهمَّشين، وإلى التّخفيف من مآسي العزلة والإهمال والحاجة للعديد من الأشخاص.
- مفهوم الصوم
مٌضيفًا إنّ الصّوم يقرّبنا من الله روحيًّا، وهو، إلى جانب كونه "انقطاعًا" عن الطّعام لفترة محدَّدة من اليوم، تمتدّ من منتصف اللّيل حتّى الظّهر، ثمّ "قطاعةً" تقوم على الاكتفاء بتناول الأطعمة الخالية من المنتجَات الحيوانيّة، فالصّوم زمن التّجدّد والتّحوّل الدّاخليّ وتفعيل المحبّة الّتي يزرعها الله في قلب المؤمن. ويشمل هذا التّجدّد والتّحوّل علاقةً متلازمةً ومتكاملةً مع الله ومع القريب.
وتابع، يدعونا الصّوم كي نجدّد علاقتنا مع الله ، ينبوع المراحم، فنعود إليه بالتّوبة الحقيقيّة، ونتحرّر من عبوديّة الجسد والأهواء البشريّة، كما أنّنا نسعى لعيش حياة التّلمذة للمعلّم الإلهيّ، من خلال الإصغاء إلى كلامه الحيّ عبر مواعظ الصّوم والرّياضات الرّوحيّة، والحوار معه لاكتشاف إرادته، والتّجاوب مع تصميم حبّه الخلاصيّ باستسلام تامّ لمشيئة الآب، مُتشبّهين بيسوع في صومه وصلاته أربعين يومًا، بعد قبوله المعموديّة في نهر الأردنّ على يد يوحنّا المعمدان، ومحاربته تجارب الشّيطان والانتصار عليه.
و استكمل أمّا العلاقة مع القريب، فهي تتجدّد وتتحوّل بتجسيد المحبّة الفاعلة على تنوّعها: مشاركة المتألّمين والضّعفاء والمحتاجين آلامهم، ومساندتهم، وتشديد ضعفهم، وسدّ احتياجاتهم الرّوحيّة والمادّيّة وكم يحتاج قريبنا اليوم إلى أعمال الرّحمة هذه.
وتابع يقع على عاتقنا اليوم أن نساهم في بناء عالمٍ أفضل، ويتحقّق ذلك "فقط عندما نصنع الخير الآن وبشكلٍ شخصيّ، من كلّ القلب، وحين نجدُ فرصةً مناسِبةً، بعيدًا عن الاستراتيجيّات والبرامج الفرديّة والمصالح الفئويّة والحزبيّة. إنَّ برنامج المسيحيّ هو برنامج السّامريّ الصّالح، إنّه برنامج يسوع، هو "قلبٌ ذو بصيرة"، هذا القلب يرى الحاجة إلى المحبّة، ويتصرَّف وفقًا لذلك