رئيس المركز الأورومتوسطي : التصوف يمتاز بنزعة إنسانية عالمية منفتحة على سائر الأديان والأجناس
أكد الدكتور منير القادرى، رئيس مؤسسة الملتقى المركز الأورومتوسطى لدراسة الإسلام اليوم، أننا اليوم في أمس الحاجة في تعاملنا مع الآخر الى تناول ديننا الاسلامي من خلال تعبيراته الحضارية والثقافية والروحية وعدم تقديمه للآخر فقط على شَكْلٍ إِيديولوجِياَ أو فَهْمٍ متحجر لمقاصده الشرعية٬ من خلال جعل البعد الصوفي الروحي الاخلاقي الحضاري والإنساني للإسلام ملموسا وقابلا للإدراك والتجسيد٬ كثقافة حية تساهم في إرساء علاقة سليمة مع قضايا المجتمعات المختلفة وتضمن الحصانة والوقاية من كل زيغ وانحراف، وتشكل أساسا لبنية أخلاقية و مجتمعية متماسكة، فتكتمل بذلك أهم شروط الأمن الروحي الذي لا مناص منه لتحقيق الأمن الحضاري، جاء ذلك خلال مشاركته فى ليلة الوصال رقم 93 والتى تنظمها مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية .
وقال إن التصوف يمتاز بنزعة إنسانية عالمية منفتحة على سائر الأديان والأجناس، وأنه لا فرق عنده بين مسلم ومسلم أو غير مسلم و إن كانا يختلفان جنسا ولغة أو مكانا أو زمانا، مشيرا الى أن هذا هو نهج أعلام الصوفية، ليخلص إلى أن التصوف هو الوصول للحق من طريق الخلق.
وأكد أن التصوف الذي يمثل البعد الإحساني للإسلام ظل على مر تاريخه العريق مرتبطا بالواقع متعايشا مع هموم الآخر مقدما الخير للجميع، مهما أبدى الآخر تَنَّكُرَهُ وجفاءَهُ وإعْراضَهُ ، عملا بالحديث الشريف: ” المؤمنُ الذي يُخَالِطُ الناسَ ويَصْبِرُ على أَذَاهُمْ ، خيرٌ مِنَ الذي لا يُخَالِطُ الناسَ ، ولا يَصْبِرُ على أَذَاهُمْ” (رواه الترمذي) ، مذكرا بالقول المأثور" الصوفي كالأرض يطأه البر و الفاجر ولا ينبت إلا طيبا".
ونوه الى أن التصوف كثابت من ثوابت هويتنا الوطنية و الدينية يتجاوز الطابع التراثي والفلكلوري، والحضور الصوري والشكلي إلى حضور أساسي وجوهري كفيل بحل مشاكل المجتمع، وإعطاء الناس نَفَساً جديداً من أجل التخليق والفعالية والمساهمة في التنمية وتحقيق التوازن سواء بالنسبة للفرد أو المجتمع، وتربية الناشئة على القيم المجتمعية الأصيلة ومبادئ الفتوة والرجولة، حتى يتسنى لنا أن نُنَشِّئَ طرازا من الرجال يثبتون أمام الأزمات والشدائد التي تعصف بالعالم وبالمسلمين والتصدي للأخطار التي قد تهدد سلامتنا ووحدتنا الوطنية.
وأشار "القادري" أن التصوف، تربية روحية أُساسها ومبناها إتباع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأضاف أن جهاد النفس وتطهيرها من الأخلاق السيئة، وتحليتها بالأخلاق الحسنة من أهم الأدوات التي يسلكها التصوف لصناعة شخصية المؤمن المتوازنة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى هذا الفعل ب"الجهاد الأكبر"، بينما سمى جهاد الأعداء بـ"الجهاد الأصغر" .