«أنت لم تخلق للتمثيل».. هكذا حاولت والدة رشدي أباظة إقناعه بأنه ليس فنانًا
في كتابه "الدنجوان.. أسطورة الأبيض والأسود"، يحكي الكاتب الصحفي أحمد السماحي أنه بعد فشل فيلم "المليونيرة الصغيرة"، وبعد أسابيع من جلوس رشدي في البيت قالت له أمه بقسوة قاض يصدر حكما بالإعدام : رشدي أنت لم تخلق للتمثيل فقد رأيت الفيلم ولم يعجبني، وحاول النجم الشاب أن يدافع عن نفسه وأن يقول لها أنها لم تفهم حواره، لكنه عدل عن هذا الدفاع الواهي، فأمه مولودة فى مصر وتتكلم العربية، صحيح بصعوبة لكنها تفهمها جيدا، وأجابها : ما الحل إذن.!.
فقالت له : ابحث لنفسك عن وظيفة ثابتة وكفاك ضياعا، فقال لنفسه دون أن يتحدث : " أنا أشتغل موظف وأجلس على مكتب غير معقول"، كان هذا هو المونولوج الداخلي فى صدر رشدي لكن الكلمات على شفتيه جاءت مخالفة تماما، فقال لأمه متظاهرا بالطاعة : حاضر من بكرا، سأبدأ بالبحث عن وظيفة!.
ولم يكن فى مقدور رشدي بالطبع أن يعمل فى الحكومة، فشهادة البكالوريا الوحيدة التى يحملها، رسميا لن تعطيه أكثر من جنيهات لا تتجاوز عدد أصابع اليدين، إذن ليكن اتجاهه إلى الشركات والمؤسسات حيث اللغات لها أهميتها، خاصة الفرنسية والإنجليزية، وتقدم رشدي من غير إقتناع كبير بأكثر من طلب أحداها إلى مصرف باركليز، والآخر إلى شركة قناة السويس قبل تأميمها، وكانت إدارتها فرنسية، وكذلك لغتها، وقبل فى المؤسستين، لكنه لم يلتحق بأي منهما!.
فالمثل يقول الحظ لا يطرق بابك مرتين، لكن مع رشدي كان الوضع استثنائيا فقبل أن يحدد هدفه ويقبل الشغل " الميري"، فلم تدم حيرة رشدي أباظة كثيرا ففي عام 1949 جاء إلى القاهرة المخرج الإيطالي "جوفريدو السندريني" لتصوير مشاهد أحد أفلامه، وأقامت الجالية الإيطالية مأدبة عشاء لفريق العمل، وفي أثناء العشاء تطرق الحديث بين الحضور إلى الفيلم الجديد، وأفصح المخرج عن رغبته في إسناد البطولة إلى وجه جديد، فطرح عليه أحد المدعوين اسم "رشدي أباظة" فطلب المخرج أن يراه.. وجاء الإيطاليون بفتاهم الوسيم.. ولم تستغرق المقابلة سوى دقائق قليلة، إذ اكتشف "السندريني" أنه أمام شاب مصري يتحدث الإيطالية بطلاقة، فرحب به، ووقع معه عقد فيلم "أمينة" مقابل أجر يبلغ 500 جنيه، وكان هذا الأجر يمثل ثلاثة أضعاف أجر "رشدي" في فيلمه الأول.