جيل «المستريحين» الجدد
عندما أراد الصينون القدماء أن يحصنوا بلادهم.. بنوا سور الصين العظيم. واعتقدوا أنه لن يستطيع أحد أن يتسلقه، ولكن للآسف تعرضت الصين خلال الـ100 سنة بعد بناء السور لـ3 غزوات. ولم يكن الأعداء يحتاجون إلى تسلق السور، بل استطاعوا اقتحامه، والدخول من الأبواب.. بعد رشوة حراس أبواب السور.
انشغل الصينيون القدماء ببناء السور، ونسوا بناء الحراس.
تذكرت هذه القصة التاريخية، وأنا أتتبع ما يحدث من تطور رقمى له تأثيرات كبيرة على أطفالنا وعلى مجتمعنا. أهلًا بكم من موقع "الرمال البيضاء" White Sands.. حيث الأكواد البرامجية جاهزة، ومواقع وتطبيقات.. تنتهى هناك عند سور الصين العظيم بعد تتبعها، وكأن المارد الصينى يرد الصفعة للعالم بعد اقتحامه سباق السيطرة على الفضاء من جانب، وما على الأرض من معلومات من جانب آخر فى ظل عصر المنافسة على امتلاك المعلومات الذكية.
مشكلة البشر "الطمع"، وتحت ستار الربح السريع.. استدرجوا الكثير من الفاعلين المميزين على الإنترنت فى الواقع الافتراضى للوصول لامتلاك الواقع الحقيقى أيضًا.. مثلما فعل قبل ذلك "تشارلز بونزي" الذى يعد صاحب أكبر عملية احتيال فى التاريخ.. الأب الروحى للمستريحين فى العالم.
استغل "بونزي" الكوبونات البريدية للنصب على زبائنه. وعلى نفس النهج قام مجموعة من الشباب بإطلاق موقع "وايت سانذ" بهدف تحقيق ربح مادى سهل وسريع عن طريق الأكود لعملات رقمية مشفرة من خلال خطوات بسيطة على غرار مشاهدة فيديو أو عمل لايك لفيديو أو لبعض صفحات أو الألعاب.
حقًا.. إنها حالة من التضليل والاستغفال.
بعض الذين تعرضوا للاحتيال ينادون بأن الموقع هو من احتال عليهم بطريقة الخداع الكبرى والطمع والأرباح السريعة. وأكدوا أن الموقع كان يرسل الأرباح لكل عضو مميز أو عضو عادى على الأكواد والمحافظ الموجودة للأشخاص على حساباتهم وبعض التحويلات على محفظة شركات الاتصالات. ثم سرعان ما أغلق أصحاب موقع الرمال البيضاء تطبيقهم بعد أن حصدوا مبالغ طائلة من تحويلات الأعضاء، وتحول الأمر إلى شكل جديد من أشكال النصب.
شبكة عنكبوتية واضحة.. أمام الجميع، ولكن الكثير لا يعلم ما وراءها من تشابكات ضخمة.
احذروا أن تمشوا وراء القطيع طمعًا فى المكسب السريع.
تابعوا أطفالكم.. خاصة مع لعبة بابجى.. التى يلعبها عدد ضخم من الأطفال والكبار أيضًا. وعلى النهج نفسه للرمال البيضاء، وبطريقة الشحن على إحدى شبكات الموبايل لكود اللعبة تحصل على الكثير من المميزات فى اللعبة، مثل "الشدات" التى تزيد من شغف المنافسة للمشاركين، والإثارة وهوس الحرب.
"بابجي" ليست لعبة فردية بقدر ما هى منظومة لمراحل عديدة.. تضع جميع المشاركين على الخريطة الرقمية من خلال رصد ومعرفة العديد من سلوك المشاركين واهتماماتهم..
ماذا بعد؟ وماذا علينا أن نفعل فى ظل التطور السريع والمخيف مع أطفالنا؟!
الانطلاق إلى الأمام ومواجهة هذه الاتجاهات تحتاج إلى أفكار جديدة منظمة ومتكاملة من شباب وخبراء فى سبيل تكوين "الجيش الرقمي" الذى يضم وحدات البحث والتطوير داخل كل مؤسسة لحفظ "أمن المعلومات" باعتباره "أمنًا قوميًا" بالتعاون مع وزارة الاتصالات.
أعتقد أنه يجب علينا- كمقترح- توظيف الشباب لتكوين مدينة ذكية تصنع البرامج والألعاب، وخلق جيل جديد من الذكاء الإنسانى لخدمة البشرية والتصدى اعتمادًا على الأفكار العلمية والمنظومة العملية فى منطقة الشرق الأوسط ككل.
حان الوقت لكى نكون جزءًا من فضاء المعلومات ورواده.
حان الوقت لتغيير سلوكياتنا من مستهلكين إلى منتجين.
من الآخر..
ربما يكون كل ما حولنا صنع فى الصين.
ولكن الريادة الوطنية والمبادرات الإنسانية الآن.. صنع فى مصر.