رئيس المركز الأورومتوسطي: التصوف هو ممارسة إنسانية تعبُّدية
قال الدكتور منير القادري، رئيس المركز الأورو متوسطي لدراسة الإسلام اليوم، إن رجالات التصوف والطرق الصوفية الأصيلة عملوا على أن يتبوأ الاهتمام بالأخلاق و القيم صدارة انشغالات الإنسانية، حتى تعيش تطورات العالم الحديث وواقعها المعاصر في تناغم مع القيم الكونية للعدالة والمساواة والاحترام والعيش المشترك، وأبرز أنها مقاربة تحث على تطوير الإحساس واستكشاف الرموز المتجلية في هذا الكون، لأن مصدرها مقام الإحسان وغايتها السمو بالروح وتهذيب النفس والتحلي بروح المسؤولية والالتزام لمصلحة الإنسانية، جاء ذلك خلال ليلة الوصال الصوفية رقم 91 والتى تنظمها مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية.
وتابع " القادرى" : "إنها تربية أخلاقية عرفانية تهدف إلى حماية فضاءات حياتنا من التهالك، مع ربط وعي الناس بأهمية المفهوم المركزي للمحاسبة الدائمة للنفس ومراقبتها لتحقيق الواجب إزاء الله وخلقه، كمصدر ومنطلق للعمل والالتزام الأخلاقي، حتى ينخرط الإنسان فاعلا في درب الإيمان و الإحسان، ويكابد وسط تداعيات العيش في المجتمع في خضم معركته في هذه الحياة طلبا لوجه الله تعالى وتحقيق سعادة الدارين كما ورد في الأثر:( فمن خاف الله خوف الله منه كل شيء،)قال تعالى: (وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا ) (سورة الإسراء الآية 72)".
ولفت الى أن التصوف ينبغي أن يُفهم على أنه ممارسة إنسانية تعبُّدية، تتَّخذ من الدين وسيلة لتحقيق غايتين، احداها أخلاقية يتجلَّى دورها في العمل على إصلاح المجتمع الإنساني، وتهذيب أخلاقه ورَوْحَنَتِه، والأخرى معرفية تتمثل في صلة العبد بربِّه، والتي هي صلة تعبُّد ومحبَّة، يُرجى - من بلوغ مداها الأقصى- تحقيق المعرفة بالله .
وأضاف" القادري" أن التربية الروحية والأخلاقية للتصوف هي خلاصة الأذواق المعرفية الرائقة للمشايخ أهل الله التي وجب علينا استغلالها في تأهيل العنصر البشري دينيا وروحيا وفكريا وسلوكيا، بموازاة مع التأهيل العملي، مؤكدا أن هذه القاعدة هي التي حملها نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم في تأسيسه للنموذج التنموي للأمة، الصالح لكل زمان ومكان، ليخلص الى أن "كمال خلق العبد في تحققه بمقام العبودية وقيامه بحقوق الربوبية".