على جمعة يشرح قوله تعالى «يد الله فوق أيديهم»
قال الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن المراد من قوله تعالى: (يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [الفتح: 10]، إن قدرته وقوته فوقهم ومحيطة بهم، وليس المراد منها الجارحة، والتأويل هنا ليس بمستغرب، فأنت كمخلوق إذا استحال أن تعرف نفسك بكيفية أو مكان، فكيف يليق بعبوديتك أن تصف الله تعالى بـ أين أو كيف وهو مقدس عن ذلك؟! فالله عز وجل منزه عن الكيفية والكمية والمكانية، لأن من لا مثل له لا يمكن أن يقال فيه: كيف هو؟ ومن لا عدد له لا يقال فيه كم هو ومن لا أول له لا يقال له: ممن كان ومن لا مكان له لا يقال فيه: أين كان؟.
وتابع عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل «فيسبوك»: وليخاطب المسلم عقله ويتدبر في كلام الله تعالى، فإنما أمرنا بالتفكر والتأمل والتدبر في آياته، فإن فعل ذلك فسيجد أن مذهب أهل السنة والجماعة من الأشاعرة والماتريدية الناقلين والمدافعين عن منهج السلف على مر القرون والعصور- الذي ذكرناه آنفًا هو الحق، ويرحم الله الإمام الغزالي حيث يقول: (من أخذ علمه من العبارات والألفاظ ضل ضلالاً بعيدا، ومن رجع إلى العقل استقام أمره، وصلح دينه، ومن أشكل عليه أمر فعليه الرجوع إلى أهله، ليستبين له الحق.
وأضاف أن معرفة حقيقة الله تعالى والوقوف على كنهه هو من أول المحالات، فإنه ليس بين خلقه وبينه أي مشابهة ولا مناسبة، قال تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى: 11]، فكيف يمكن أن تحيط به العقول، وهي لا تحيط إلا بما شاركها في شيء مما هو حادث مثلها. فهو تعالى بكل شيء محيط، ولا يحيطون به علما. وإنما غاية ما نعلم منه تعالى وجوده وتنزيهه عن صفات المخلوقات، فإنه سبحانه تجب مخالفته تعالى للحوادث، لأنه لو ماثلها في شيء لكان حادثا مثلها وهو محال عليه تعالى.
وأكمل: وما يجب على المسلم في ذلك إلا أن يعمل عقله ولسانه فيما ينفعه، فيعمل عقله في التفكر في آلاء الله تعالى وأفعاله، ويشغل لسانه بذكر الله تعالى لما يرى في كل وقت وحين من آيات باهرات، ومن إبداعه سبحانه في الأرض والسموات مما يدل على أن الله تعالى خالق أحد فرد صمد لا تحيط به الظنون ولا تحويه الفهوم.
واختتم حديثه: اللهم ارزقنا حسن النظر فيما يرضيك عنا، ووفقنا لما تحبه في التعامل مع ذاتك وصفاتك بما يحققنا بالفهم الصحيح الموروث عن أشياخنا.