«مستقبل وطن للدراسات»: قلة وعى مستخدمى «الإنترنت» سبب جرائم الابتزاز
أصدر مركز مستقبل وطن الدراسات السياسية والاستراتيجية برئاسة النائب محمد الجارحي، الأمين العام المساعد، أمين شباب الجمهورية بالحزب، ورقة سياسات حول التَّهدِيدات وَالجرائِم الإِلكترونيَّة الجَديدة عَلَى المُجتمَع المِصْريّ «جريمة الابتزاز الإلكترونيّ نموذجًا».
وقال مركز الدراسات: «اهتزَّ المُجتمَع المِصْريّ عَلَى وقع قيام فتاة فِي العقد الثاني مِن عمرها بالانتحارِ، نتيجة تعرُّضها لِضغوطٍ نَاتِجةٍ عَن ابتزازِها مِن خِلال مَجمُوعة مِن الصور وَنشرها وَتداولها فِي مُحِيطها، وَفتحت هذه الواقعة الحديثَ عن نوعٍ مِن الجرائِم تزايد وَأصبحَ أَكثَر انتشارًا فِي الآونة الأخيرة، وَهي الجرائِم الإلكترونيَّة، الَّتِي تعودُ بالأساسِ إلى قلة وعي مُستخدِمي شبكة الإنترنت، وَخاصَّةً مُستخدِمي مواقع التَّواصل الاجتماعيّ فيما يتعلقُ بِسهولة القرصنة، وَالحصول عَلَى المَعلُومات عَن طريقِ الاختراقِ».
وتناول التَّقرير مفهوم جريمة الابتزاز الإلكترونيّ، وَمُؤشِّرات تزايدها فِي الآونةِ الأخيرةِ، وَالأسباب وراء تزايد انتشار هذه الجريمة، وَتَداعياتها عَلَى المُجتمَع المِصريّ، وَالجهُود المَبذُولة لِلحدِّ مِن انتشارِها وغيرها من الجرائِم الإلكترونيَّة، وَبعض السُبل والمقترحات لمُواجهتها.
وأشارت الورقة البحثية، إلى أن الجريمة الإلكترونيَّة هى الجريمةُ ذات الطَّابع المَاديّ الَّتِي تتمثلُ فِي كلِّ سلوكٍ غَيْر قانُونيّ مُرتبط بأي شكلٍ بِالأجهزة الإلكترونيَّة يتسببُ فِي حصول المُجرم عَلَى فوائدَ مَعَ تحميلِ الضحيَّة خسارة، وَدائمًا يكون هدف هذه الجرائِم هُوَ سرقة وَقرصنة المَعلُومات المَوجُودة فِي الأجهزةِ أو تهدفُ إلى ابتزازِ الأشخاصِ بِمَعلُوماتهم المُخزَّنة عَلَى أجهزتِهم المَسرُوقة، فالجريمةُ الإلكترونيَّة عبارة عَن نشاط إجراميّ تُستخدَم فيه تقنيةُ الحاسب الآلي بِطريقةٍ مُباشرةٍ أو غَيْر مُباشرة كوسيلةٍ أو هدف لِتنفيذ الفعل الإجراميّ. وَيوجد العديد مِن الأشكال لِلجريمة الإلكترونيَّة، وَمِنها وَالَّذِي كانَ سببًا فِي إقدام العديد مِن الشباب تحديدًا عَلَى الانتحارِ، ما يعرف بالابتزازِ الإلكترونيّ.
أولًا: الابتزاز الإلكترونيّ «المَفهُوم وَالمُؤشِّرات»:
الابتزاز الإلكترونيّ هُوَ عمليَّة تهديد وَتَرهيب لِلضحيَّة بِنَشْر صور أو موادَّ فيلميَّةٍ أو تسريب مَعلُومات سريَّة تخصُّ الضحيَّة، مُقابل دفع مبالغ ماليَّة أو استغلال الضحيَّة لِلقيام بأعمال غَيْر مَشْرُوعة لِصالح المُبْتزين كالإفصاحِ بِمَعلُومات سريَّة خاصَّة بِجهة العَمَل أو غَيْرها مِن الأعمالِ غَيْر القانُونيَّة، وَغالبًا تبدأ العمليَّة عن طريق إقامة عَلاقة صداقة مَعَ الشخصِ المُستهدَف، ثم يتمُّ الانتقالُ إلى مرحلةِ التَّواصل عَن طريقِ برامج المُحادثات المرئيَّة؛ ليقوم بعدَ ذَلِكَ المُبْتز بِاستدراج الضحيَّة وَتَسجيل المُحادثة الَّتِي تحتوي عَلَى مُحتوى مُسيء وَفَاضِح لِلضحية أو اختراق الحسابات الشخصيَّة وَصناعة صور مُفبرَكَة. ثم يقومُ أخيرًا بِتهديدِهِ وَابتزازِهِ بِطلب تَحويل مبالغ ماليَّة أو تسريب مَعلُومات سريَّة، وَقد تصل درجة الابتزاز فِي بعض الحالات إلى إسناد أوامر مُخلَّة بِالشَّرفِ وَالأعراف وَالتقاليد مُستغلًا بِذَلِكَ استسلام الضحيَّة وَجهله بِالأساليب المُتَّبعة لِلتعاملِ مَعَ مثل هذهِ الحالات.
وَلا يوجد إحصاءٌ مُحدَّدٌ حولَ عدد البلاغات المُرتبطة بِجرائم الابتزاز الإلكترونيّ، وَلكن نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" إحصائيَّة جاءَ فيها أنَّ من بين كل 100 شخصٍ مُستخدِم لِلإنترنت كنسبةٍ تقديريَّةٍ، هُناكَ واحد تعرَّضَ لِلابتزازِ الإلكترونيّ بعدة طُرق؛ سواء عبر تسجيل صوتي أو فيديو أو صور أو حَتَّى رسائل مَكتُوبة. وَيُعدُّ هَذَا الرقم ضخمًا جدًّا، وَإِنْ كانَ أيضًا لا يعبرُ عَن الواقع فِي مُجتمعاتنا العَرَبِيَّة؛ حيث لا يلجأ أغلب مَن يتعرضون للابتزازِ وَالتَّهديد لطلب المساعدة، بل يفضلون محاولة التغلُّب عَلَى هذهِ المُشكلة بِمفردهم، ما يؤدِّي بدورِهِ لحالات مِن الانتحارِ وَأذيَّة النَّفْس أو الغَيْر أحيانًا أو المعاناة مِن الاضطرابات النَّفْسيَّة.
وَفيما يخصُّ الواقع المِصريّ؛ فلا توجد إحصاءات رسميَّة حديثة عن مُعدَّل جرائم الابتزاز الإلكترونيّ، وَلكن كشفَتْ دِراسة أعدتها لَجنة الاتِّصالات وَتُكْنولُوجيا المَعلُومات بِمَجلِس النُّوَّاب المِصْريّ، أنَّ شهرَي سبتمبر وَأكتوبر مِن عام 2018 شَهِدَا تقديم 1038 بلاغًا بِجريمة إلكترونيَّة، منها جرائم ابتزاز إلكتروني وَالَّتِي نجحَت وزارة الداخليَّة فِي ضبط أغلب المُتهمين فيها.