نهى يحيى حقي: والدي وصف بائع العرقسوس بـ«سوليست مصر الأول»
قالت الإعلامية نهى يحيى حقي، خلال ندوة "إبداعات يحيي حقي"، بمعرض القاهرة للكتاب: "كان لوالدي يحيي حقي اهتمام كبير بالأغاني والأمثال الشعبية، وكان دائما ما يذكر ويستعين بالمثل الشعبي: "طمعنجى بنى له بيت فلسنجى سكن له فيه"، ومعنى المثل أن الطماع بنى منزلا رغبة فى المال الوفير، وقد يكون قد رفض أن يسكن فيه إلا صاحب مال وفير أيضا، فرزقه الله تعالى بساكن مفلس".
وعن الجوانب الإنسانية الراقية في شخصية الأديب يحيى حقي، صاحب القنديل، والذي يحتفي به معرض الكتاب هذا العام، أردفت نهى حقي: "حكى لي والدي عن قصته مع لص وهو في طريقه للمنزل، مشيرة إلى أن يحيى حقي، خلال ترأسه لتحرير مجلة "المجلة"، كان يعود إلي البيت مستقلا مترو مصر الجديدة".
وفي إحدى المرات وهو واقف سارح، والدنيا زحمة، وهو ممسك بعامود المترو، فإذا بيد تتسلسل إلى جيبه، لتسرق الساعة منه، لكنه أحس به٬ وقال له: "يا ابني أترك لي الساعة، فهي كل ما تبقى لي من أبي".
ويقول حقي: “لم أر في حياتي عيون صامتة كما كانت عيون هذا اللص، شكرتني عيناه لأنني لم أصرخ ولم أفضحه، كانت عيناه مليئة بالأسف والأسى، ونزل من المترو”.
وتابعت "نهى": “ربما يكون تصرف والدي درس لهذا الشاب، ونقطة تحول في حياته، ليسير في طريق مستقيم، لقد تعامل مع هذا الشاب بأبوة وإنسانية وإحساس رقيق، ينم عن رجل يفهم جيدا أبعاد النفس البشرية”.
وحول مبادئ الفن والموسيقى التي غرسها الأديب الراحل في نفس ابنته نهى يحيي حقي، أضافت: "لم يكن أبي وهو يسير في الطريق ونحن معه، لا ينظر للطريق أبدا، بل كان يحدثني عن كل ما نمر به في طريقنا، فكان يقول لي: هل سمعت هذا الكروان، صوته يقول أنه كروان صغير، وهذا الكلب مسعور، وكان يشير إلى قطط الشارع ويقول: أنظري شعر هذه القطط خشن لأنها تفتقد العطف والمحبة، بينما القطط التي تربى في البيوت فشعرها ناعم وجميل، لأنها بتاخد من مشاعر الحب والحنان من أصحابها، وكان يفرق بين نظرة القطة عقب ولادتها وشراستها في الدفاع عن أولادها، عن القطط في غير هذه الفترة، فالقطط أيضا تحتفي بالأمومة وتشعر بأحاسيسها، مثلها مثل البشر. حتى أن يحيي حقي كان يصف بائع العرقسوس بأنه "سوليست مصر الأول".
كما كان يحيي حقي، يعرف كل أنواع الزهور والنباتات، وكان يعرف كل رائحة، ويحب زهرة النرجس ويقول إن رائحتها جميلة جدا، وكان مهتم بالأشياء البسيطة، وحتى في المسرح كان قلبه وعينينه على الكومبارس ومن خلف الكواليس وليس الأبطال، لذا نجح في تجسيد ووصف أدق الحالات والمشاعر الإنسانية.
وبدوره قال الكاتب صلاح معاطي: في وصيته التي أوصاني بها حدثني عن الفنان التشكيلي "حسن سليمان"، وأوصاني أن أزوره وأسأل عنه، وعندما ذهبت إليه بالفعل قال لي حسن سليمان: تسكعت أنا ويحيى حقي في ميدان السيدة زينب، وتعلمت الإيقاع وتربت أذني عليه، من صوت الشيخ "ندي" مؤذن مسجد السيدة زينب، وقد كان له تأثير على كل واحد فينا واستمتعنا بالفن داخل هذا الحي الشعبي العريق.