صالون سحر الرواية يناقش «رقص الإبل» للروائي فتحي إمبابي
ناقش مساء أمس صالون سحر الرواية مناقشة رواية «رقص الإبل» للكاتب الروائي فتحي إمبابي، وهي الرواية الثالثة له في مشروع خماسية روايات النهر والتي بدأها برواية «نهر السماء» وتبعها «عتبات الجنة» وصولًا إلى رواية «رقص الإبل»، والمقرر نشرها عبر الهيئة العامة للكتاب.
جاء ذلك بحضور الكاتب الروائي والسيناريست محمد رفيع، والكاتبة الروائية ضحى عاصي، والشاعرة والناقدة حسناء رجب، والكاتب الروائي شريف العصفوري، والكاتبة الروائية هويدا عطا والكاتبة الروائية منى العساسي.
وقالت الشاعرة والناقدة حسناء رجب: «إن رواية رقص الإبل لم تولد حتى من رحم الاحتجاج على ما عانت منه إفريقيا مساوئ التهميش مقارنة بالقارات الأخرى، بقدر ما خرجت من الخوف من أن يفقد الإنسان السوداني الإفريقي حياته الخاصة الغنية والمعقدة وحريته الأساسية: «في الحق تقرير مصيره من أولياء النعمة المتطفلين، ومن هنا قرر الكاتب: على أي نحو ينبغى أن يكون العالم، الإنسان، وعلى أي نحو ينبغى أن تكون نظرة الفنان إلى هذا أو ذاك».
وتابعت: «من هذا المنطلق اعتمدت الرواية فى طرحها على المنهج التاريخي السردي، من خلال الوقوف على أهم الأحداث التاريخية، الثورة المهدية فى مرحلتها الأولى، والتي أخذت اسم زعيمها، فترة زمنية لم تحظى بالاهتمام من قبل الباحثين بل اقتصر الأمر على الإشارة إليها باقتضاب، وهناك من مر عليها مرور الكرام، في سرد ناضج منذ البداية برواية رقص الإبل، أثمر التطعيم الصوفي والفلسفي وأحيانًا الفكاهي منذ البداية أيضًا».
واستطردت: «وعلى أي حال فإن فتحي إمبابى لا يمكن حصره في تصنيف محدد في هذه الرواية، لقد تجسدت رؤيته تقاليد الأدب الشرقي العظيم المهموم بقضايا التغلب على ما تعانيه الروح الإنسانية، البحث عن مغزى الحياة وحل الأسئلة الملعونة: كيف انتقلت الثورة المهدية من حركة دينية صوفية بحتة إلى ثورة وطنية واقعية ضد الحكم المصرى والغزو الإنجليزى؟ أو مثلًا ما هي الظروف التي أدت إلى بروز حركة محمد أحمد المهدي؟ أو مثلًا إلى أي مدى كان تأثيرها على السودان؟ تتحدث الرواية عن عصر الحماس العظيم والخوف العظيم، تخللت الرواية لمحة جغرافية تاريخية حول السودان، الأرضية الموضوعية التي تنطلق منه مسرح الأحداث، الأراضي الواقعة جنوب مصر، ذكر أهم القبائل المؤثرة في تاريخ السودان وأكثر ما جذب الكاتب هو وضع الأفكار كافة التي جاءت من عقل الشعب ووجوده القومي موضع الاختبار.
كان أبطال «رقص الإبل»: «التلب، مسك الجنة، ست النفر، ود التوم، الحاجة فاطمة، الضباط العرابيون، فى عالم بكر وليد، عبر غرائب المكان وفرضياته، عبر دهشة من جراء العجائب والمفاجآت وتعدد أشكال ردود الفعل، عبر الحرب التى تضع أوزارها شيئا فشيئا، عبر الانفجار الثوري».
الشعب السودانى عند إمبابى مثله مثل الطبيعة يعي شبكة من العلاقات المكثفة المتعددة، عالم رائع مفعم بالطبيعة، مفعم بالحب والعشق والعنف، عالم يتميز بالتعددية والثراء.
ومن جانبه، قال الكاتب والروائي شريف العصفوري: «رقص الإبل» هذه هي الرواية الثالثة من خماسية نهر النيل للروائي الكبير فتحي إمبابي، تبدأ الرواية بالاشارة إلى زمن ما بعد هزيمة أحمد عرابي في سبتمبر 1882، تبدأ في رسم مسرح الرواية في جنوب كردفان على حدود المديرية الاستوائية في ذلك الزمن القريب السحيق، يصفون ذلك الزمن بالبكر، ولكنها بقريتنا نحن الذين لا نعلم، من الوصف والسرد، عاش ذلك الجزء من وادي النيل في أراضي شاسعة، زرع بعضها حتى أنهكها فرحل لغيرها، أو استخدمها لرعي الابل و الأبقار.
ولفت العصفور إلى أن الرواية «شرحت الرواية باستفاضة شديدة باللغة والأسماء والهوامش، تركيبة ذلك الجزء الغائر في عمق أفريقيا بالقرب من منابع النيل أو أحد روافده، الحرارة الشديدة وصلت إلى السرد ليس لفظا و مفردة، بل أيضا بالحميمية الشديدة في نقل صورة المجتمع القبلي بأفراده وطقوسه وتقاليده، كما وصفت الجغرافيا والمناخ حوله من دارفور شمالا وسهول السافانا ثم غابات خط الاستواء جنوبا.
وأشار إلى أن «انقسمت السردية كما أرادها الكاتب إلى سبعة أقسام في 27 فصلا، ولكنني أراها في ثلاثة حركات كبرى، الثلث الأول في بناء المسرح السردي مع بطن من بطون قبيلة "حمر" من لون الأبقار التي يرعونها، ثم حركة ثانية في كتابة تاريخ الثروة المهدية ودوافعها وشخوصها ومكوناتها، ثم حركة اخيرة و ثالثة لرسم تاريخ حملة العقيد البريطاني في خدمة التاج المصري ويليام هيكس لمحاولة استعادة مدينة الأبيض من يدي المهدي ونهايتها المأساوية بالابادة والهزيمة.