لماذا سمي عيد الغطاس بالظهور الإلهي و«الثيؤفانيا» و«الابيفانيا»؟
تحتفل الكنيسة القبطية الارثوذكسية، برئاسة قداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، اليوم الأربعاء، بعيد الغطاس المجيد، والذي يحمل كذلك مُسمى وشعار “عيد الظهور الإلهي”.
وقال إبرام منصور، الحاصل على دبلوم معهد الرعاية والتربية الكنسية، إن عيد الغطاس يسمى بعيد الظهور الإلهي لأن هناك ظهر بقوة الله الواحد مثلث الاقانيم بحسب الإيمان المسيحي فظهور أقنوم الابن في شخص المسيح الذي هو الكلمة المتجسد والذي يظهر معمدًا على يد القديس يوحنا المعمدان في نهر الأردن، وظهر صوت الآب من السماء بقوله هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت، بينما ظهر الروح القدس على شكل حمامة استقرت على كتفه.
وعن سبب تسميته بـ"الثيؤفانيا" فقال إن "الثيؤفانيا أو "ثيؤفاني"، أي الظهور الإلهي، وهذا التعبير اللاهوتي مأخوذ ومركب من كلمتين يونانيتين هما "ثيؤسي أي "الله" و"فانين" أي "يظهر" حيث أن في يوم معمودية السيد المسيح هو أول يوم يظهر فيه الثالوث بشكل واضح أمام الكل، فلم يُرى الثالوث القدوس مجتمعًا واضحًا إلاَّ في وقت معمودية السيد المسيح، لذلك نسمي هذا العيد "عيد الظهور الإلهي"، حيث الآب في السماء يقول: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت"، والابن في نهر الأردن، والروح القدس مستقرًا عليه مثل حمامة، عيد الظهور الإلهى (الثيؤفانيا)
وشرح المطران الراحل الأنبا بيشوي في دراسة له سبب تسمية عيد الغطاس بالابيفانيا، حيث قال إن الكلمة “إبيفانيا” تقال عن عيد الظهور الإلهى عند عماد السيد المسيح فى نهر الأردن وحلول الروح القدس عليه “بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ” وإنفتاح السماء وصوت الآب يقول على مسمع من يوحنا المعمدان والسيد المسيح بالطبع “هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ” ، لكن الكلمة نفسها هى كلمة يونانية مركبة من مقطعين إبى وفانيا ومعنى مقطع “إبى” أي “فوق” أما معنى كلمة “فانيا” فهى من الفعل “فينو” أى يضئ أو يظهر وبذلك تكون كلمة “إبيفانيا” معناها “يظهر من فوق” ولذلك تُطلق على “الظهور الإلهى” فى وقت عماد السيد المسيح، وعلى عيد الغطاس.
وقد وردت كلمة “إبيفانيا” في النص الكتابي “بِظُهُورِ مَجِيئِهِ” وهي عن ظهور السيد المسيح فى مجيئه الثانى. كما وردت فى النص الكتابي “بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَ النِّعْمَةِ الَّتِي اعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، إِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ”. وقد وردت فى هذا النص كلمة “بظهور” نطقها “إبيفانياس” نتيجة التصريف اللغوي، وهذه عن مجئ السيد المسيح الأول وإتمامه الفداء.
وأكد أن أهمية عيد الظهور الإلهى هو أن الثالوث القدوس قد صار ظاهراً حيث أن الابن الوحيد الجنس الذي تجسد من أجل خلاص البشر كان صاعداً من مياه الأردن، واقترن ذلك بالعلامة التي أعطيت ليوحنا المعمدان وهو حلول الروح القدس على ابن الله المتجسد بهيئة جسمية مثل حمامة، وأيضاً إنفتاح السماء فى نفس ذلك الحدث ومجيئ صوت الآب السماوى يشهد لألوهية الابن الذي هو موضوع سرور الآب قبل الأزمنة الأزلية، وأيضاً فى تجسده وطاعته الكاملة للآب في كل شئ بحسب إنسانيته، وبهذا يكون الثالوث قد أعلن في ذلك الحدث بشهادة يوحنا المعمدان.
وقد تحقق قول إشعياء النبي في نبوته عن هذا الحدث حينما كتب بفم السيد المسيح “رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ” لقد مسح الآب بالروح القدس ابنه الوحيد المتجسد، ولذلك دعى “المسيح” بأداة التعريف؛ فهو ليس مجرد مسيح للرب لكنه هو المسيح أو “المسيا” المنتظر.
أما عن مسحه بالروح القدس؛ فإن ذلك كان من ناحية إنسانيته وليس من حيث لاهوته لأن له نفس الجوهر الإلهي مع الروح القدس والآب.