ما حكم الشرع في زوج قال لزوجته لو ذهبتِ لأهلك أنت طالق؟
تعتبر أسئلة الطلاق من الأسئلة الأكثر شيوعًا واهتمامًا من جانب السيد سواء غبر وسائل التواصل الاجتماعى أو إلى المؤسسات المنوطة بالفتوى في مصر، ومن بين الأسئلة التي وردت إلى الشيخ مكرم عبد اللطيف، مدير عام أوقاف كفر صقر بالشرقية، والإمام والخطيب بوزارة الأوقاف، عبر صفحته على"فيسبوك"سؤال من سيدة تقول: زوجى قال لى إذا ذهبتِ إلى بيت أهلك فأنتِ طالق، ولم يستثن وقتًا معينًا للزيارة، ثمّ أذن لى فيما بعد، فهل يقع طلاقه أم لا؟ وهل له الحق في التّراجع عن طلاقه؟
وأجاب الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف قائًلا:" إن هذا السؤال يتعلّق به مسألتان من مسائل كتاب الطّلاق:الأولى: مسألة الطلاّق المعلّق، هل يقع أم لا؟، والثانية: مسألة التّراجع والتّنازل عن الطلاق المعلّق، هل يصح أم لا؟
حكم الطلاق المعلق
وأضاف عبداللطيف أن الطلاق هو حل عقد الزوجية بين الرجل والمرأة، والطلاق وإن كان لا يقع إلاّ عند الغضب غالبًا إلا أنه ينقسم إلى قسمين:
– القسم الأول منجّز يقع حالًا بمجرد التلفظ به بشروطه المعروفة بين العلماء، كأن يصدر ممن يملك الطلاق في حق من يقع عليها الطلاق، ويكون بلفظ الماضي، ومن غير قيد.
– أما القسم الثاني فهو الطلاق المعلّق، ومعناه أن يكون مقيداً بشرط، وهذا النوع من الطلاق اختلف فيه الفقهاء إلى ثلاثة أقوال:
القول الأوّل: إنّ الطلاق إذا عُلِّق على شرط يقع إن حصل ما عُلِّق عليه لفظ الطلاق، ولا عبرة بنيّة صاحبه أو قصده؛ سواء قصد التّهديد أو غيره، وإليه ذهب جمهور العلماء من الحنفيّة، والمالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة.
القول الثاني: إنّ الطّلاق المعلّق إذا وجد المعلق عليه لا يقع أصلاً، سواء أكان على وجه اليمين، وهو ما قُصِد به الحثُّ على فعل شيء أو تركه أو تأكيد الخبر، أم لم يكن على وجه اليمين، وهو ما قُصِد به وقوعُ الطلاقِ عند حصول المعلَّقِ عليه.
وذهب إلى هذا القول ابن حزم الظاهريّ، وقال: أنّه لا يمين إلاّ بالله تعالى، ولم يوجب الله كفارة في غير يمين به؛ فلا كفارة في يمين بغيره عز وجلّ، وقد روى الامام مسلم فى صحيحه عن النّبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ».
- القول الثالث: ذهب إليه جماعةٌ من العلماء فقد اختاروا القول باعتبار الطلاق المعلق على شرط يقصد به الحث أو المنع أو تصديق خبر أو تكذيبه، ولم يقصد إيقاع الطلاق يمينًا مكفرة، ولهم في ذلك وجهة نظر إلى أنّ الطلاق المعلّق يعتبر طلاقًا إذا قُصد به الطلاق، أما إن قُصد به الحث أو المنع، فيعتبر يميناً تلزم فيها كفارة اليمين، وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن لم يجد شيئًا من ذلك صام ثلاثة أيام.
وتابع عبداللطيف: وعلى هذا فإن الطلاق المعلّق إن قصد الزوج بتعليقه على شيء وقوع الطلاق عند حصول المعلّق عليه اعتبر طلاقًا، وإن قصد بتعليق الطلاق الحث أو المنع أو تصديق خبر أو تكذيبه لم يقع الطلاق عند حصول المعلّق عليه، وإنما يكون يمينًا تجب فيها الكفارة.
حكم التراجع عن الطلاق المعلق
وقال مدير عام الأوقاف: "وأمّا المسألة الثانية: وهي: التّراجع عن الطلاق المعلّق، والتنازل عنه بعد صدوره: فقد اختلف فيها العلماء على ثلاثة أقوال:
- القول الأوّل: إنّ من علّق الطّلاق على حصول شيء، لا يمكنه التراجع عن ذلك التعليق، وإليه ذهب جمهور العلماء، ودليل القول الأوّل: أنّه أخرج الطّلاق من فيه على هذا الشرط؛ فلزم كما لو كان الطّلاق مُنَجَّزًا.
- القول الثاني: جواز التّراجع عن الطلاّق المعلّق. وهو قول في مذهب الحنابلة، ودليل القول الثاني: القياس، فإنّ الإنسان إذا قال لعبده: إذا جاء رأس الشهر فأنت حرّ، فإنّ له أن يرجع في العتق، وهو أشدُّ نفوذًا من الطّلاق وأحبُّ إلى الله، فلأنْ يجوز ذلك في الطّلاق من باب أولى.
- القول الثالث: جواز التّراجع عن هذا الطّلاق إن كان التّعليق من باب المعاوضة؛ مثل أن يقول: إن أعطيتِني ألفًا فأنتِ طالق؛ فله الرّجوع ما لم تعطه، وقول الجمهور أقرب الأقوال، وأوْلَاها بالأخذ في هذه المسألة؛ وذلك سدًا لباب التساهل في الإيمان والطّلاق.