«أفاعي لاماشتو».. مجموعة قصصية جديدة للعراقي گاصد محمد
صدرت حديثا عن منشورات المتوسط -إيطاليا، مجموعة قصصية جديدة للكاتب والمترجم العراقي، المقيم في إيطاليا، گاصد محمد، حملت عنوان "أفاعي لاماشتو".
و المجموعة 14 قصةً تضعُ القارئ في دوامةٍ من الحكايات العراقية التي تجرحُنا قسوتُها، بإزاحة كلِّ فنونِ الإخفاء وهي فحصٌ عميقٌ لواقعٍ تقفُ فيه الشخصياتُ، بتعقيداتها اليوميَّة، شاهدةً على مرحلةٍ تاريخيةٍ مؤلِمَة من سيرةِ بلدٍ أنهكتهُ الحروب.
المجموعة القصصية الجديدة "أفاعي لاماشتو" تتجاوزُ ظلاميةَ الأحداثِ، إلى الطريقة التي يتعايشُ فيها الإنسان العراقي مع التفجيرات، والعمليات الانتحاريّة، والقتل المجانيّ، ناهيكَ عن متاعب الحياة اليوميَّة، وقلَّة الحيلة أمامَ جبروتِ تحوُّلاتٍ عميقةٍ يمرُّ بها المجتمع منذ عقود، وما تفرضهُ التناقضاتُ من أسلوبٍ لحياةٍ تقف على الحافَّة. إنَّها حوافُّ الأشياء البديلة لكلِّ أشكال الموت ومعانيه الصادمة. وهنا، يضعنا الكاتبُ في مواجهةٍ مباشرة مع الجسد والأحلام الصغيرة التي تجعلهُ يرثُ العنفَ، مجرماً وضحيَّة، وما بينهما من محاولاتٍ للبقاء على قيد الحياة، أو نسفِها بالكامل.
"أفاعي لاماشتو"
انتظار ماذا؟ السؤال الأكثر حضوراً بين المشاهدِ وهي تتكثَّف في عباراتٍ موجعة، كأن نقرأ في قصة "أفاعي لاماشتو" المقطع التالي: "حلَّ ظلام قاتم على بغداد، ذلك الظلام الذي كان يحملُ معه - بعد عام 2003 - رائحة الخوف والبارود والموت". إنها حكاياتُ ما قبل النوم، والذي لن يكونَ ملاذاً هانئاً، طالماَ يأتي في ظلامٍ "لا شيء يسود تحت جنحه سوى الفوضى".
ويلفت الناشر إلي: سنلتقي، من قصةٍ إلى أخرى، بأبطالٍ ملعونينَ بأساطيرَ مخيفة، من بائع حكاياتٍ يقعُ ضحيةَ خيالهِ الشره، إلى الشطيانة لاماشتو، إلى أفعى برؤوس ثلاثة، إلى تاريخٍ يصفعُ صاحبهُ وزلزال في بلادٍ بعيدة يذكِّره بما عاشه من تجارب مرعبة في نوبة ذكرى، وكيف تتحوَّل الأساطير إلى حقيقة؟ في مدينةٍ يسودها الرعب ليلَ نهار؟ ولا يكون ضحاياها سوى الأبرياء الذين يدفعونَ ثمن "الصراع من أجل السلطة، ضحايا الجهل والقناعات الخاطئة"، دون أن يكونَ لهم دخلٌ في كلِّ ما يحدث بين الأرباب، فقط هم أناسٌ عاديونَ يمرُّون في الشوارع المُفخَّخة للحياة إلى أشغالهم العسيرة.
بذكاءٍ وخفَّةٍ يحكي لنا گاصد محمد قصصاً أتقنَ سردَها، بما تستحضرهُ الذاكرة وما يقعُ في بابِ إعلامنا بما نجهلهُ من تفاصيلَ اختارَ لها شخصياتٍ تضربُ قناعاتنا في مقتلٍ، وتفتحُ عقولنا، المسمَّمة باعتبار ما يحدث عادياً لكثرةِ تداولهِ، على مأساة الإنسان وملهاته في زمنٍ تكلَّسَ جرَّاء انتظارنا الطويل.
"أفاعي لاماشتو" مجموعة قصصية جديدة للكاتب العراقي گاصد محمد، صدرت في 184 صفحة من القطع الوسط، ضمن سلسلة "براءات"، التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.
من أجواء الرواية
ومما جاء في المجموعة القصصية "أفاعي لاماشتو" للكاتب گاصد محمد..
"رأيتُ، طَوالَ حياتي، الموتى، الأعضاء المبتورة، الأجساد الممزَّقة أو المحترقة، رأيتُ الدم أحمر قانياً، رأيتُهُ يجفُّ، ويصبح أسود باهتاً، ويغطِّيه التراب. رأيتُ الإنسان وهو يموت، ورأيتُهُ هيكلاً عظمياً، أو ركاماً من العظام. رأيتُ البيوت تتهدَّم، والسيَّارات تحترق، والأرواح تعانق أعمدة الدخان، وترتفع نحو السماء. وها أنا اليوم في إيطاليا، والزَّلْزَال يضربها، والسقوف تهدِّد بالسقوط على رأسي. ما الذي ينقصني بعد، يا تُرى، لأراه، أنا البابلي، حتَّى أقول: أنا الذي رأى كلَّ شيء؟!
من هو گاصد محمَّد؟
گاصد محمَّد، كاتب ومترجم عراقي (مواليد بابل عام 1981)، أستاذ اللغة والأدب العربي في جامعة بولونيا الإيطالية. نال شهادة البكالوريوس في اللغة الايطالية في بغداد عام 2006. أكمل دراساته العليا في إيطاليا، فنال الماجستير عام 2011 عن بحث مقارن ما بين الديكاميرون وألف ليلة وليلة، ثمّ أتمّ الدكتوراه عام 2015 عن بحث مقارن تناول فيه تأثير الحكايات العربيّة في الديكاميرون.
يكتب بالعربيّة وبالايطاليّة، وقد صدرتْ له مجموعة شعريّة باللغة الايطاليّة تحت عنوان "الحياة ليستْ مقبرة جماعيّة"، عن دار النشر "لاركولايو". وصدرت له نصوص وقصص في عدّة مجلات ودوريات ايطاليّة. تُرجمتْ بعض نصوصه إلى اللغة الرومانيّة.
ترجم إلى العربيّة مجموعة روايات: (القرصان الأسود) أميليو سلجاري، (الصيف الجميل، الشيطان فوق التلال) تشيزره ﭘـاڤيزه، (شيخوخة) ايتالو زڤيڤو، (مدينة) أليسّاندرو باريكّو.
وترجم إلى الايطاليّة: المجموعة الشعريّة (التعليمات بالداخل) أشرف فيّاض، رواية (مرسى فاطمة) حجي جابر، المجموعة الشعريّة (قارب إلى ليسبوس) نوري الجراح، ورواية (قتلة) لضياء الخالدي.