طه حسين توسط لتعيينه وكيلًا للنائب العام.. محطات فى حياة الكاتب «موسى صبرى»
ولد موسى صبري عام 1924 بأسيوط، وعندما كبر التحق بكلية الحقوق ليتخرج فيها عام 1943 بمجموع 75%، ولكن يومها رفضت نقابة المحامين تسجيل اسمه لصغر سنه، وكان يبلغ وقتها من العمر 18 عامًا، وكان قانون المحاماة يمنع اشتغاله قبل بلوغ الحادية والعشرين، فقرر أن يكون نضاله لتعديل قانون المحاماة.
واتجه صبري في حينها إلى الكاتب مصطفى أمين وشرح له قصته، وانفعل أمين وكتب مقالًا باسم ابن البلد نشر في مجلة الاثنين، ثم ذهب إلى فكري أباظة في دار الهلال فكتب عنه مقالًا بعنوان "جناية النبوغ"، ولكن عرف بعد ذلك أن أفضل من يستطيع تحريك قضيته هو الدكتور طه حسين، والذي توسط له لدى وزير العدل فأمر بتعيين موسى صبري وكيلًا للنيابة.
وفي اليوم المحدد لحلف اليمين أمام النائب العام، صدر أمر عسكري باعتقال موسى صبري بعد أن عثر ضباط القلم السياسي على نسخة من الكتاب الأسود الذي أصدره مكرم عبيد للتنديد بفساد الحكم الوفدي، ومسودات من خطب كان موسى قد ألقاها وهو طالب يدين فيها حكومة الوفد، وتم اعتقال موسى صبري وإيداعه معتقل الزيتون حيث التقى اليوزباشي المعتقل أنور السادات وجلال الدين الحمامصي.
ومن المعتقل بدأ موسى صبري مشواره الصحفي، حيث تلقى أول درس في الصحافة على يد الصحفي الكبير جلال الدين الحمامصي، فكان يجمع أخبار المعتقلين وما يتعرضون له من تعذيب ويكتبها ليتم تهريبها من المعتقل إلى الصحف.
وبعد سقوط حكومة الوفد خرج موسى صبري من المعتقل وبداخله حلم الصحافة، ونجح في العمل بمجلة بلادي، وكتب لها أول حديث صحفي في حياته مع نبوية موسى إحدى المجاهدات الأوائل في مجال التربية والتعليم.
واستقال موسى من مجلة بلادي وانتقل عام 1946 للعمل بمجلة الأسبوع مع جلال الدين الحمامصي، وانتقل مرة أخرى مع الحمامصي إلى جريدة الأساس، التي أصدرها الحزب السعدي، وعمل كمحرر للصفحة الأدبية، ثم انتقل إلى جريدة الزمان التي كان يملكها إدجار جلاد باشا، وعندما حدث خلاف بين الحمامصي ورئيس التحرير مع مالكها عرض صاحب الجريدة على موسى صبري أن يتولى رئاسة تحريرها مع زيادة مرتبه من 45 جنيهًا إلى 100 جنيه، لكن قوبل هذا الإغراء بالرفض من جانب موسى صبري وقدم استقالته تضامنًا مع الحمامصي.
وفي عام 1950، بدأ موسى صبري العمل بأخبار اليوم، والتقى مع مصطفى أمين الذي وقع قرار تعيينه محررًا برلمانيًا لصحيفة أخبار اليوم وآخر ساعة بمرتب 45 جنيهًا، ولم يمض على عمله البرلماني فترة طويلة حتى أسند إليه مهمة نائب رئيس تحرير جريدة الأخبار.
ولمع اسم موسى صبري في بلاط صاحبة الجلالة، واشتهر بكتاباته الصريحة وأسلوبه المقروء، وتعمق في كواليس الحياة السياسية في مصر منذ عهد ما قبل الثورة، كانت محصلتها انتصارات صحفية سجلتها مانشيتات أخبار اليوم، ولعل أخطر تحقيق صحفي سياسي قدمه في شهور عمله الأولى هو تحقيق وقائع الفساد في توزيع أراضي الدولة المخصصة للمعدمين، وإذا بها تعطى لأقارب زوجات رئيس الحكومة الوفدية، وأحدث عند نشره قنبلة مدوية في الساحة السياسية، وذلك حسبما ذكر في تقرير عن موسى صبري نشر بمجلة آخر ساعة عام 1992.