«جسد معافى».. «إنهاء قوائم الانتظار» تعيد الحياة لمئات المرضى مجانًا
كل الأماني خلال العقود الأخيرة من المصريين تجاه وطنهم كانت تتلخص في تطوير قاعين لا ثالث لهم وهما التعليم والصحة، فالأول يصنع المستقبل ويحافظ على حضارة الماضي ويجعل الحاضر لائق، أما الثاني يؤمن الحيوات ويمنحهم الآدمية التي يستحقونها فلم يكن العدل أن يموت العشرات يومًا على قارعة المستشفيات وأروقتها منتظرين إجراء جراحة بسيطة، أو تتعلق آمالهم على قوائم الانتظار وفي أغلب الحالات كانت تفتقر للوقت.
وفي نهاية 2018 كانت توجهات الدولة في صالح المواطن والعمل على تأمين حياة كريمة له، وأول الأمور التي يتأتى بها ذلك كان إنقاذ حياته، فأطلقت مبادرة “إنهاء قوائم انتظار الجراحات الحرجة والعاجلة” على مدار 245 يومًا، لإجراء 1000 عملية جراحية يوميًا بتكلفة مليار جنيه، وزعت على جميع محافظات مصر وكثفت جهودها في المستشفيات الجامعية والتعليمية والتابعة للقوات المسلحة.
واستمرت حتى بداية جائحة كورونا المستجد، ولم تتوقف عن إنقاذ المرضى، خاصة المحتاجين لجراحات قلبية وتركيب قسطرات ودعامات وزراعة القوقعة وعمليات الرمد، و ظن المستفيدين أن بغلق المستشفيات الجامعية لإجراء العزل الطبي لمجابهة كورونا لم يجدوا الدعم، لكن تدخلت مبادرة “حياة كريمة” لبث أمل من جديد.. في هذه السطور نروي قصص لحالات عادت من الموت المحقق بفضل حياة كريمة.
نجاة من الموت.. جمال يعود للحياة مرة أخرى دون تحمل جنيه واحد
جمال عبد الحي منذ نحو عامين أصيب بإعياء شديد أثناء تواجده في مطعم الفلاح بقويسنا محافظة المنوفية حيث يعمل كمحاسبًا هناك، كانت البداية على ما يذكر أنه شعر برعشة في يداه اليسرى، ويتزامن معها عرق شديد ثم مع ألم شديد عضلة قلبه، لم يسيطر عليه.
يروي الرجل الأربعيني أنه سقط مغشيًا، ليجد نفسه بمستشفى قويسنا المركزي، وبعد فحص الأطباء له تبينت إصابته بجلطة في الشريان التاجي، في تلك الحالة كان يجب عليه تركيب دعامة للقلب مع عدم إمكانية التأجيل بسبب خطورة الحالة، خاصةً لتكرار النوبات مع ارتفاع ضغط الدم الشديد محدثًا إنسداد تام في الشريان الأورطي المغذي للقلب هُنَا تعين عليه تركيب دعامة وقسطرة.
عمل “جمال“ في المطعم يتدرج تحت العمالة الحرة فهو لا يخضع لجهة تكفل له التأمين الصحي، حوله الطبيب لمستشفى الجامعي بشبين الكوم لكن كان عليه الانتظار طويلًا حسب سعة المستشفى ولَم يكن يستطع الخضوع للعملية قبل مضي عام على تحويل حالته.
بدأ في البحث عن مشفى خاص بعد تحذير الطبيب له، فانسداد الشريان التاجي وإصابة القلب بجلطة يُنذر بتوقف نهائي لعضلة القلب في حالة ارتفاع ضغط الدم أو التعرض لأي وعكة صحية.
كانت تكلفة العملية بمستشفى الصفوة التخصصي تفوق قدرته المادية فراتبه يبلغ ألفين جنيه، يذكر أن تكلفة الدعامة كانت كانت ٣٠ ألف جنيه والقسطرة ٤٥٠٠ تعثر في جمع المبلغ حيث اقترض ٢٠ آلاف جنيه أنفقها على العلاج والتحاليل ومنشطات عضلة القلب.
يكمل أن الطبيب الذي يتردد عليه نصحه بالتسجيل على موقع الوزارة بعد أن أعلنت الدولة عن بدء حملة للقضاء على قوائم الانتظار، يعمل طبيبة كاستشاري في المستشفى الجامعي بالمنوفية لذا اخبر جمال أن الألوية تكون على حسب الحالة وليس هناك اَي اعتبار آخر.
بالفعل استجاب « جمال» لنصيحة الطبيب وقامت ابنته بإدخال البيانات التي كان منها الرغبة في دخول اَي مستشفى حسب الموقع الجغرافي، وبعد اقل من ساعتين ورده اتصال من ادارة المستشفى يعلمه برقم الانتظار الخاص به والذي على اساسه سيخضع لكشف طبي من قبل لجنة بالمشفى، في نفس الوقت استعلمت اللجنة عن باقية ومنها حالته الاجتماعية والمادية حتى توفر له علاج ما بعد العملية، في أول أيام يونيه الماضي حان موعد عمليته، وقتها سأل عن الكلفة ليفاجئ انه لن يتحمل جنيه واحد حتى في نفاقات ما بعد الجراحة من عناية مركزة وأدوية.
المثقفات المجتمعات، تعظم دورهم الشهور الماضية مع حياة كريمة، فساهمنّ في تجهيز قوائم المستفيدين من معاش تكافل وكرامة، تجهيز فصول لمحو أمية الآلاف، التوعية بمبادرة “2 كفاية“ و “مودة“ لتنظيم الإنجاب والحد من تزويج القاصرات، وبعد إتمام العديد من الملفات قررت وزارة التضامن الاجتماعي استمرار الاستفادة من جيش المثقفات، في البحث عن حالات تصحيح الأبصار، وتركيب السماعات الطبية والعمليات الحرجة في القرى الصغيرة والنائية.
ياسمين: بعد تصحيح بصري أتمكن من خدمة أولادى
بالفعل خلال الشهور الماضية استفاد مئات الحالات بعمليات الرمد وتركيب السماعات لاستئناف حياتهم بشكل طبيعي، من بين هؤلاء ياسمين يحيى، التي تذكر أن أثناء ترددها على فصول محو الأمية بمركز أطفيح، الجيزة، كان يعيقها الرؤية الضبابية، وهي تريد الاستفادة من التعليم كي تبحث عن عمل ملائم، فصاحبة الـ 35 عام حُصر بين عمالة المنازل، تنظيف الدواجن والفلاحة.
طلبت مساعدة المثقفة المجتماعية شيماء عبود، والتي وفرت لها كشف طبي من خلال جمعية " أمان الأسرة" المنسقة لحياة كريمة في أطفيح، وبالفعل توجهت لمستشفى نور العيون بالمهندسين للفحص، وتبين اصابتها بالمياه الزرقاء.
قلقت “ياسمين“ من نفقات العملية خاصة أن جُلّ ما تملك هو معاش تكافل وكرامة علاوة على يوميتها التي بالكاد تكفي لإعالة أبنائها الأربعة، لكن طمئنتها “شيماء“ ان حياة كريمة تتكفل بالكامل بها، وبالفعل تم إجراء العملية في الـ 21 من يوليه الماضي بنور العيون، ولمدة شهر ترددت عليهم للمتابعة والفحص حتى عاد لها النظر بالكامل، وتخلصت من الشعور المستمر بالصداع والدوار نتيجة ضعف الرؤية ومنها ستتمكن من خدمة أولادها ومساعدتهم في المذاكرة، فهي الآن تستطيع القراءة والكتابة بشكل جيد.