شجاعة سيدة ويقظة الأمن ومكالمة المحافظ.. كواليس حادث السحل بحلوان
ثوانٍ قليلة رصدتها كاميرا المراقبة، وثّقت خلالها ملحمة كبيرة من شجاعة طفلتين أمام سارقهما، وبطولة امرأة من المارة؛ ألقت بجسدها في مواجهة دراجة نارية لتُنقذ الطفلتين من مصير مجهول.. لم تهتم حواء حلوان لأمرها، وقررت أن تفدي صغيرتين كانت تعتقد أنهما تتعرضان للاختطاف، مهما كلف الأمر.. «شوفتهم كأنهم أحفادي».. صورة بطولية لم تكن خاتمة المشهد؛ فرجال البحث الجنائي بالقاهرة؛ كانت خُطاهم سريعة لتحديد هوية اللص وتقديمه للعدالة سريعًا، وأتت الجهود ثمارها.
في منطقة العزبة البحرية؛ على أطراف مدينة حلوان، كانت الشقيقتان سما وآلاء محمد، تسيران في أحد شوارع المنطقة.. شارع هادئ نسبيًا، كان مناسبًا لتتبادل الصغيرتان الأحاديث في طريقهما، قبل أن يقطع أحدهما هذا الهدوء، ويبدأ الضجيج من حولهما.
كان اللص يسير قريبًا منهما.. اعتقدت أنه من أهالي المنطقة، قبل أن يخطف الهاتف من يد آلاء ويركض نحو دراجته البخارية لاستقلالها والفرار هاربًا.. سنوات عمرهما القليلة لم تمنعهما من الركض خلف الجاني لاستعادة الهاتف.. تعلقت الصغيرتان بالجاني بينما كان ينطلق بدراجته للهروب.
«ركضت خلفه، وأمسكت به، وكذلك فعلت شقيقتي، لكنه كان يزيد من سرعة الدراجة» تقول الشقيقة الصغرى سما لـ«الدستور»، مؤكدة أنهما كانتا تتعرضان للسحل في هذه الأثناء، وسط صراخهما، قبل أن تتدخل سيدة من المارة لتقف أمامه وتوقع به أرضًا، لكنه صدمها وأسقطها.. «مرّ بعجلاته فوقها.. هذه السيدة أنقذتني من الموت».
اطمأنت السيدة على الطفلتين، وألغت رحلة تسوقها عائدة للمنزل تتحامل على نفسها بعد أن صدمها اللص بدراجته.. وهكذا فعلت الطفلتان وهاتفتا والدهما الذي كان في عمله داخل محكمة حلوان، حيث يعمل بالمحاماة.. «كانتا تبكيان بشدة، في حالة انهيار.. وحينها توجهت لهما وذهبنا إلى قسم شرطة حلوان لتحرير محضر بالواقعة» ـ يقول الأب.
يقظة أمنية
رجال أمن القاهرة بإشراف اللواء أشرف الجندي، مساعد وزير الداخلية مدير أمن العاصمة، تحركوا سريعًا لضبط الجاني وتقديمه للعدالة، وكان فريق من ضباط البحث الجنائي بحلوان، بقيادة العقيد أحمد عبدالعزيز مفتش المباحث، والمقدم أحمد فرج، رئيس مباحث حلوان، والنقيبين أحمد الدالي ومحمود سعداوي، معاونى مباحث القسم، يعمل جاهدًا لتحديد هوية الجاني وضبطه.. مجهوداته أتت ثمارها خلال ساعات، ونجح رجال الأمن في ضبط اللص من منطقة المعصرة بالقاهرة، حيث يقطن هناك.
«كلابشات» في يد الجاني كانت جزاءً لجريمته، تمهيدًا للتحقيق معه وإحالته للمحكمة المختصة التي ستُحدد العقوبة التي ستطاله.. وفي مشهد آخر كانت بطلة المشهد الحاجة بشرى، تُلازم فراشها، بعد أن طالها الألم جراء الصدمة التي تعرضت لها.. «شوفتهم كأنهم أحفادي، وافتكرته بيخطفهم.. كان لازم أمنعه».. قالت بطلة الواقعة لـ«الدستور».
مكالمة من المحافظ
مكالمة هاتفية تلقتها السيدة بشرى، كان طرفها الآخر اللواء خالد عبدالعال، محافظ القاهرة، يُشيد ببطولتها، قبل أن يصل الدكتور أحمد القزاز رئيس حي حلوان، إلى منزلها ومن خلفه سيارة الإسعاف التي جاءت لتُقلها لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة والاطمئنان على حالتها الصحية، مؤكدًا أن أجهزة الدولة جميعها تُقدر بطولتها، وأن ما فعلته ليس غريبًا على حواء المصرية التي يشهد لها التاريخ بمواقفها البطولية لحماية الوطن.
انطلقت سيارة الإسعاف إلى وجهتها لمُداوة آلام بطلة حلوان، ودخل الجاني إلى مقر النيابة العامة مُقيدًا بالكلابشات، بينما خرجت سما وآلاء بصحبة والديهما ترتسم على وجهيهما ابتسامة النصر.. «ماما علمتنا من صغرنا على الشجاعة، وإننا منسبش حقنا» ـ قالت سما.