علماء وباحثون: طفرة هائلة في منظومة البحث العلمي المصرية خلال 7 سنوات
شهد قطاع المعاهد والمراكز والهيئات البحثية في مصر، تطورات مميزة خلال السبع سنوات الماضية ، حيث قامت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بجهود كبيرة لتوظيف البحث العلمي لخدمة الإستراتيجية القومية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار 2030، وربط البحث العلمي بالصناعة، ومواكبة الثورتين الصناعيتين الرابعة والخامسة، ودعم الباحثين والمبتكرين.
وأكد نخبة من العلماء والباحثين ، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط تعليقا على ما أورده كتاب "الرؤية والإنجاز.. مصر تنطلق" في محور وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أن مصر شهدت على مدى 7 سنوات مجموعة من الإنجازات ساهمت في الارتقاء بالمنظومة البحثية في مصر بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية في الدولة لمواجهة التحديات الاجتماعية والصناعية لتحسين التنافسية الصناعية وتعظيم الموارد الطبيعية والاقتصادية.
من جهته، قال الدكتور محمود صقر، رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، إن منظومة البحث العلمي شهدت على مدى 7 سنوات طفرة هائلة بدءا من زيادة الميزانية المخصصة للتعليم العالي والبحث العلمي حيث تم مضاعفة ميزانية التعليم في مصر لتصل إلى 6% من إجمالي الناتج القومي المحلي، ومضاعفة ميزانية البحث العلمي لأكثر من 1% من إجمالي الناتج القومي المحلي.
وأضاف أنه تم التركيز على مجموعة من مشروعات البحث العلمي خلال الفترة الماضية ضمن الاستراتيجية القومية الموحدة للعلوم والتكنولوجيا والابتكار 2030، من أجل إنتاج وتوطين التكنولوجيا للمساهمة في التنمية الاقتصادية والمجتمعية بهدف توجيه الإنفاق على البحث العلمي للمشروعات البحثية المرتبطة باحتياجات جميع قطاعات المجتمع حتى يتم الاستفادة من نتائج الأبحاث المنتجة.
وأشار صقر إلى أن أبرز تلك المشروعات دعم الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية لإنشاء المركز المصري للجينوم، والذي يعد خطوة مهمة وتاريخية تضاف لسجل البحث العلمي المصري، لأهميته في وضع حجر الأساس للطب الشخصي والدقيق، ومحور الأبحاث في المجال الطبي خلال العقد القادم، موضحا أنه من المتوقع الانتهاء منه بداية عام 2025 بتكلفة 2 مليار جنيه.
وأوضح أن هذا المركز يهدف إلى إعداد خريطة للجينوم البشري المصري، لاكتشاف والوقوف بدقة على الخصائص الوراثية للأمراض المختلفة، ومن ثم دخول عصر الطب الشخصي والعلاج الجيني وأدوية المستقبل المتخصصة والمصممة بناءً على التركيبات الجينية.
وفي مجال الطاقة، كشف صقر عن افتتاح المعمل المصري الصيني المشترك للطاقة المتجددة بمركز تنمية إقليم جنوب الصعيد التابع للأكاديمية بجزيرة قرمان في محافظة سوهاج والذي يأتي تنفيذاً لإستراتيجية العلوم والتكنولوجيا والابتكار لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي 2030، في مجال نقل وتوطين التكنولوجيا وتعميق التصنيع المحلي.
وأكد أن المعمل المصري الصيني هو الأول من نوعه كمركز للبحوث والتطوير والابتكار في مجال تصنيع الخلايا الكهروضوئية والألواح الشمسية وتطوير صناعة الطاقة الشمسية وزيادة كفاءتها على المستوى القومي والإقليمي.
وقال رئيس أكاديمية البحث العلمي إن فكرة تأسيس هذا المعمل جاءت بعد توقيع مذكرة تفاهم للتعاون المصري الصيني أثناء زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للصين في ديسمبر 2014، وقد وقعت أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا اتفاقاً مع وزارة البحث العلمي الصينية في أغسطس 2015 لبدء تنفيذ إنشاء المعمل المشترك وذلك أثناء زيارة وفد مصري برئاسة رئيس الأكاديمية إلى الصين، وتم الاتفاق على تنفيذ المشروع على ثلاث مراحل المرحلة الأولى للطاقة الشمسية والمرحلة الثانية للكتلة الحيوية والثالثة لطاقة الرياح.
وفي مجال المياه، أشار إلى أنه تم افتتاح مركز تنمية وتعمير منطقة حلايب وشلاتين التابع للأكاديمية بمقر محطة مركز بحوث الصحراء بشلاتين، حيث تم تجهيز وتأهيل ثلاثة معامل متكاملة لإجراء جميع تحاليل المياه والتربة والنبات والغذاء وأمراض الحيوان، بالإضافة إلى إنشاء معشبة لحفظ الأصول الوراثية وذلك في إطار التعاون المثمر والبناء بين الأكاديمية ومحافظة البحر الأحمر.
وبالنسبة لاستراتيجية دعم الباحثين وتشجيعهم، قال صقر إنه تم إطلاق مجموعة من المبادرات لدعم الباحثين وتشجيعهم منها معرض القاهرة الدولي للابتكار، وبرنامج "القاهرة تبتكر" لرعاية الشباب الموهوبين علميًّا، وإطلاق شهر "العلوم المصري" ليضم 250 حدثًا في مجالات مختلفة، ومبادرة (رالى تصنيع أول سيارة مصرية) تحت مظلة أكاديمية البحث العلمى بدعم (10) ملايين جنيه للمسابقة و14 مليونا لإنشاء مركز بحوث تطوير صناعة السيارات إلى جانب برنامج (جامعة الطفل).
وعن مواكبة الجهود العالمية لمواجهة جائحة كورونا ، أكد الدكتور ياسر رفعت نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي، زيادة نشر البحوث العلمية التي قدمها العلماء والباحثون المصريون في المجلات المُفهرسة عالميًا على منصة Scival العالمية، والتي أظهرت قيام الباحثين المصريين بنشر 1355 بحثًا في مجال (كوفيد- 19)، خلال فترة الجائحة، لتأتي بذلك مصر في مُقدمة الدول الإفريقية الأكثر نشرًا للبحوث العلمية في هذا المجال.
وقال إن الإحصائيات الصادرة عن المكتبة الوطنية الأمريكية للطب والخاصة بالدراسات الدولية التي تمت في مجال فيروس كورونا، أظهرت أن مصر نشرت 258 دراسة علمية، لتعُد بذلك أكثر الدول العربية التي نشرت دراسات في مجال (كوفيد- 19).
كما أكد الدكتور محمد هاشم، رئيس المركز القومي للبحوث، نجاح علماء المركز في التوصل إلى لقاح مضاد لكوفيد 19، يخضع حاليا للتجارب السريرية، مما يؤكد قدرة علمائنا على إدخال مصر في مجال إنتاج اللقاحات الخاصة بالإنسان لأول مرة، وهو ما يعبر عن طفرة حقيقية في توجيه البحث العلمي لمواجهة التحديات التي يواجهها المجتمع المصري.
كما كشف الدكتور عماد عويس رئيس مركز بحوث وتطوير الفلزات، عن نجاح المركز في تصميم وتنفيذ وتصنيع أول بوابة تعقيم ذاتي متكاملة "صناعة مصرية"، والتعاقد على توريدها لعدة شركات وجهات حكومية إلى جانب تحضير محاليل تعقيم غير كحولية ذات أساس مائي باستخدام الطرق الكهروكيميائية، وأثبتت الفحوص كفاءة استخدامها في عمليات التطهير والتعقيم، بالإضافة إلى تصميم وتنفيذ وتصنيع كمامة معالجة بالفضة النانوية المُحضرة بالطرق الكهروكيميائية، حيث يعاد استخدامها لعدة مرات.
وفي مجال الفضاء، أكد الدكتور محمد القوصي الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية، سعي مصر خلال المرحلة المقبلة بتثبيت اقدامها بشكل اوسع وزيادة تواجدها في مجال الفضاء عبر اتخاذها عدة خطوات مهمة، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية ، لكي تكون الدولة قادرة على الإسهام في التقدم العلمي والتكنولوجي بما يضمن المشاركة في العوائد التنموية وتحقيق الأمن القومي.
وقال القوصي إنه من المقرر إطلاق القمر الصناعي المصري "مصر سات 2" في الربع الأول من عام 2023 بمنحة من الحكومة الصينية تصل إلى 70 مليون دولار ،وهو مشروع مشترك بين الوكالة ونظيرتها الصينية، وهو التعاون الثاني بين مصر والصين في مجال الفضاء وذلك بعد مركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية في المدينة الفضائية المصرية.
وأضاف أن (مصر سات 2) من الأقمار متوسطة الحجم، وزنه نحو 350 جراما ، وتم تزويده بكاميرا تصوير عالية الدقة، وسيساعد مصر في خططها التنموية في العديد من المجالات.
وكشف القوصي عن إطلاق القمر الصناعي " NEXSAt"، نهاية العام القادم بالتعاون مع إحدى الشركات الألمانية، وهو من نوعية الأقمار الصغيرة، ويزن 65 كيلو جراما ويخصص لأغراض التصوير الفضائي والاستشعار عن بعد، مؤكدا أن هذا القمر بمكونات مصرية تصل إلى %45 التي تمثل البرمجيات التي تتحكم في القمر وأجهزة اختبار وتجميع القمر في مصر، وتعد نسبة 45% نسبة جيدة جدا تدعم مكانة مصر بين الدول الفضائية.
ونوه إلى التعاقد بالفعل مع اليابان لإطلاق مجموعة من الأقمار الصناعية من نوعية كيوب سات العام المقبل ، ومنها القمر "EgSAcube - 3" وهو حجمه أكبر 3 مرات من الحجم العادي لأقمار الكيوب سات وتم تصنيعه بالكامل في الوكالة ، والقمر "EgSAcube-4" وحجمه 1.3 كيلوجرام بالتعاون مع جامعة بنها.
كما كشف الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية عن الانتهاء من المبنى الدائم لوكالة الفضاء الإفريقية التي تستضيفها مصر نهاية العام المقبل بوكالة الفضاء المصرية، مشيرا إلى أن مصر رصدت مبلغ 10 ملايين دولار، لاستضافة وإنشاء وتشغيل الوكالة ، موضحا أنه تم الانتهاء الفعلي من المبنى المؤقت، وستقوم الوكالة بإعداد كوادر إفريقية ذات خبرات متميزة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار.
من جانبه، أوضح الدكتور جاد القاضي رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، أنه تم افتتاح محطة رصد الأقمار الصناعية والحطام الفضائي التابعة للمعهد وهي محطة معنية برصد حركة الأقمار الصناعية فى مدارات مختلفة وكذلك رصد حركة المخلفات الفضائية التي يمكن أن تؤثر على حركة الأقمار الصناعية.
وقال إن المحطة تتكون من تلسكوب بصري بقطر 11 بوصة (28 سم) يلحق به كاميرا عالية الحساسية مزدوجة الشحن (CCD)، ويبلغ مجال الرؤية للنظام ما يقرب من 8 درجات مربعة (3.4 × 2.3 درجة)، إضافة إلى ذلك توجد قبة فلكية بقطر 3 أمتار تفتح كاملة بالنظام الأوتوماتيكي بمحاذاة أفق الراصد مما يسهل عملية الرصد والتتبع السريع للأجسام منخفضة الارتفاع.
وأضاف القاضي أن الهدف الرئيسي من إنشاء هذه المحطة هو إعطاء المجتمع العلمي المعلومات اللازمة حول حالة البيئة الفضائية المحيطة بالأقمار الصناعية العاملة في مختلف الارتفاعات، وتقديم أحدث البيانات لكل جسم تم اكتشافه حديثًا بما في ذلك المعلومات المدارية والقدر النجمي، ويمكن استخدام هذه البيانات في تطوير نماذج رياضية لدراسة التطور المداري طويل الأمد المحتمل لهذه الأجسام، وكذلك احتمالية تصادم هذه الأجسام مع الأقمار الصناعية العاملة مما يتيح للجهات المالكة للأقمار الصناعية استخدام هذه البيانات من أجل الحصول على نماذج دقيقة للتنبؤ بحركة القمر وتقييم المخاطر المحيطة به.
وعن النشر الدولي، أكد الدكتور محمد الطيب مساعد وزير التعليم العالي والبحث للشئون الفنية والتخطيط الاستراتيجي، حصول مصر على المركز الأول إفريقيًا في مؤشر المعرفة العالمي حيث حصلت مصر على المركز 53 على مستوى 154 دولة للعام الحالي، لتقفز 19 مركزًا مقارنة بالعام الماضي.
وفي قطاع البحث والتطوير والابتكار، كشف عن حصول مصر على المركز 58 على مستوى 154 دولة عام 2021، مقارنة بالمركز 74 على مستوى 138 دولة 2020، مؤكدا أن تقدم مصر في مؤشر المعرفة العالمي، يعكس ملامح التطور العديدة التي يشهدها قطاع التعليم العالي والبحث العلمي في مصر على كافة المستويات بدعم كامل من القيادة السياسية وكافة مؤسسات الدولة.
وأوضح أن مؤشر المعرفة هو خارطة طريق للتنمية المُستدامة للمُجتمعات، حيث يساعد الدول على صياغة استراتيجيات التفكير الاستباقي لدعم المعرفة وتعزيزها باعتبارها عنصرًا رئيسيًا في بناء اقتصاد معرفي أقوى مع ضمان التنمية المُستدامة، لافتا إلى أنه يهدف إلى قياس المعرفة كمفهوم شامل وثيق الصلة بمختلف أبعاد الحياة الإنسانية المعاصرة في سياق مقاربة مفاهيمية ومنهجية متناسقة.