الفتيات يستطعن.. ليال وطفة: اقتحام عالم تأليف الموسيقى لم يكن سهلًا (حوار)
سورية الأصل.. عربية الهوية.. إمرأة أربعينية تتنقل بين البلدان العربية لتتعرف على ألحان بلدان العرب.. تتعرف على آلة هنا، ونغمة هناك، كي تنسج منهما موسيقاها الخاصة، لتحفر اسمها بقوة في عالم الموسيقى الذي يهيمن عليه الرجال إنها ليال وطفة.
وتقول ليال إن الموسيقى شكلت جزءًا كبيرًا من وجدانها خاصة في السنوات الأولى لها، وكانت تقوم بإجراء التجارب فيها على استحياء، وعندما بلغت الثامنة والعشرين من عمرها قررت التفرغ لتأليف الموسيقى، خاصة موسيقى الأفلام والمسلسلات، لتترك وظيفتها التى قضت فيها ثماني سنوات.
«نوارة، قبل زحمة الصيف، موجة حارة، وفوتوكوبي»، أمثلة لأعمال من بين 25 عملًا أنتجتها لأفلام ومسلسلات، في مصر وخارجها.
غيرها الكثير من الكواليس التى روتها لـ«الدستور» في السطور التالية..
بدايًة.. أخبرينا كيف تأثرت بالثقافة والموسيقى السورية؟
تركت سوريا وأنا في التاسعة من عمري، لكنها لم تتركني، فكان بداخلي مخزون كبير من تراث بلدي، ثقافة وفن، حتى وإن لم يكن حاضرًا في ذاكرتي، لكنني أحيانًا أقوم بتأليف جملة موسيقية وأشعر أني سمعتها من قبل، ويكون ذلك حقًا، كما أني حرصت على استمرار الزيارات لسوريا بصحبة أسرتي كل صيف، وفي الربيع، ولم ننقطع عنها إلا بعد أحداث 2011، فيروز هي مطربتي المفضلة، وأستمع إليها كلما شعرت بالحنين إلى الوطن.
متى يمكن أن يتخلى الإنسان عن وظيفته لإشباع شغفه بهواية؟
الإجابة تختلف من شخص إلى آخر، فهناك من لا يقوى على اتخاذ هذا القرار أبدًا، أو من يدركه مبكرًا، وآخرين بعد فوات الأوان.
أما عني أنا فقد أخذت هذا القرار وأنا في عمر الـ28 بعد سنوات طويلة من العمل في مجموعة الـmbc، وقتها شعرت أني يجب أن أترك وظيفتي الآن وأتوجه إلى الشيء الذي أحبه، فقد تحول العمل إلى روتين وهو الأمر الذي لا يطيقه الأشخاص المبدعين.
بالإضافة إلى أنني قمت بعدد من التجارب خلال سنوات عملي، لأكتشف أن النتائج ستكون أفضل عندما أتفرغ ، ومن ثم قررت التفرغ لتأليف الموسيقى وتحديدًا للأفلام والمسلسلات، وأنا سعيدة جدًا بهذا القرار، وبكل ما يترتب عليه من أشياء جميله أو غير ذلك.
هل كان دعم الأهل مُشجعًا لكي على اتخاذ قرار التفرغ؟
أهلي دائمًا ما يقدمون لي الدعم المعنوي، وتحديدًا أمي، وهم يحبون الموسيقى كثيرًا، ولكني لا أريد منهم أكثر من ذلك، فأنا مستقلة ماديًا منذ سن الثامنة عشر، لأنهم لا يردون دعمي ماديًا ولكن أنا من يفضل ذلك، وأفضل أن أساعد من حولي لا أن اعتمد عليهم، لكنهم بالطبع يدعموني معنويًا وهذا أهم بكثير.
قدمتي أعمال فنية مع المخرجين «هالة خليل ومحمد خان».. هل هناك فرق في التعاون بين الرجل والمرأة؟
بشكل عام لا فارق عندي في التعامل بين رجل وامرأة، فأنا في النهاية أتحدث مع شخص موهوب، أيا كان نوعه، ونحاول معًا الوصول إلى أفضل النتائج.
"مبحبش حد يتعامل معايا على أني ست".. صحيح أنها فخورة بكوني إمرأة، إلا أنني أفضل التعامل مع الإنسان على أساس كونه إنسان، هكذا أتعامل مع الآخرين، وهكذا أحب أن يتعامل الجميع معي.
وأعربت عن سعادتها بمشاركة الأستاذ الكبير محمد خان، آخر أعماله، وهو فيلم قبل زحمة الصيف، قائلًة: “محمد خان كان مهتمًا بالموسيقى وهو من شجعني على التفكير خارج الصندوق”.
هل يختلف شكل الموسيقى التي تقدم في مصر عن غيرها من الدول العربية والخليج؟
“موجة حارة، دانتيل، والخطايا العشرة”، العمل الأول من مصر، والثاني من سوريا ولبنان، والأخير من الخليج، كٌل منهم فيه من موسيقى بلده الخاصة، ولكن تجمعهم روح واحدة، فيستطيع المتابع للموسيقى أن يعرف هذه الموسيقى لمن تكون، رغم اختلاف الآلات المستخدمة والتي تستوحى من تراث كل بلد، فبالتأكيد هناك فرق، حتى ولو كان فرق بسيط.
كامرأة رائدة في مجال تأليف موسيقى الأفلام أي المؤلفين الرجال تعجبك موسيقاه؟
في مصر أحب كثيرًا خالد كمار، وهشام نزيه، ونحن أصدقاء، وأسعد بصداقتهم هذه، وكذلك الفنان الكبير عمر خيرت، فجميعهم عباقرة ومبدعين. وفي الوطن العربي آلان الكمبوذ السوري، وكذلك إياد رماوي، أحب عدد من أعماله، وهناك بالطبع أخرين لأن الأمر له علاقة أيضًا بالعمل الفني بشكل عام.
في رأيك.. ما الفرق الجوهري بين الموسيقى العربية والغربية؟
"احساس الآلات العربية يصلني أكثر، وأحب الأوركسترا، فأقوم أنا بمزجهما وأصنع مزيكتي الخاصة".. تقول ليال، إن المهارات مختلفة، فنحن العرب لدينا ما يسمى ربع تون وهو غير متوفر عن الغربيين، بالإضافة إلى المقامات التي لدينا، وأنواع الآلات التي نستخدمها.
وبالنسبة لي، أعتقد أن الإحساس بالآلات العربية يصل أسرع، خاصة عند استخدام عود أو ناي.
ما الفرق بين تأليف الموسيقى للأفلام والمسلسلات والأوركسترا؟
الأوركسترا لها حالة مختلفة ولم أخوض تجربة مماثلة حتى الآن، إلا أنني أحضر لحفلة أوبرا بدبي، أقوم خلالها بإعادة توزيع القطع الخاصة بي كي تكون مناسبة للأوركسترا والمسرح.
أما الفيلم، فنقوم بكتابة الموسيقى له على طريقة المشاهد، حيث نقوم بمشاهدة الفيلم والتعرف على المشاهد التي تحتاج للموسيقى.
أما في المسلسلات، نقوم بإعداد مجموعة من القطع تصل أحيانًا إلى 100 قطعة، ومؤخرًا أصبح هناك إعداد لكل حلقة على طريقة الفيلم، وهو أمر مكلف للغاية.
هل التأليف الموسيقى لا يزال حكرًا على الرجال ؟
على خلاف أوقات سابقة، هناك عدد كبير من الفتيات بدأت تجربتها الخاصة في مجال التأليف الموسيقى، إلا أن الأمر يحتاج إلى المثابرة فقد عملت في المجال على مدار 22 عام ولم أحصد النتائج إلا بعد 10 سنوات على الأقل.
هل لا يزال لديِك نفس الخوف والقلق الذي كان يصيبك في بداية مشوارك؟
الحقيقة أنني حتى الآن تصيبني حالات من الانفعال، ودرجة من درجات الخوف، لكنها تكون ممزوجة بالإثارة، والرغبة في تقديم شيء جديد، وأعتقد أن هذا أمر جيد، فإذا ما استقر في ذهن المؤلف أنه وصل لمرحلة من الاستقرار فربما لن يتمكن من تقديم أشياء فريدة ويتحول الأمر معه إلى روتين، وأنا أعتقد أن هذا القلق يدفعني نحو من زيد من التقدم والإبداع.
وأخيرًا.. هل تعتقدين أن نمط حياتك انعكاس لشخصيتك؟
أنا لا افتعل الأسلوب الخاص بي، هو طبيعي جدًا، حتى شعري هو بطبيعته كيرلي وأنا أفضله كذلك، ولكني اتفق فعلًا حول تأثر شكل الإنسان الخارجي بطبيعته، خاصة لو كان هذا الشخص إنسان مبدع، وبالفعل نلاحظ أن الأشخاص الذين يعملون في مجالات إبداعية لا يحتاجون إلى مجهود كبير كي يظهر ذلك على مظهرهم الخارجي، من شعر وملابس أو اختيار للألوان، فتكون جميعها مجنونة.