رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الشهر الثالث عشر».. جديد الروائى أحمد سعداوى

أحمد سعداوي
أحمد سعداوي

تصدر قريبا عن منشورات نابو ببغداد، أحدث إبداعات الروائي العراقي أحمد سعداوي، رواية "الشهر الثالث عشر". وتعد رواية "فرانكشتاين في بغداد"، هي أشهر أعمال سعداوي، والتي للمرة الأولي بالعربية عام 2013 عن منشورات الجمل٬ وفازت بجائزة البوكر للرواية العربية 2014، وترجمت إلي العديد من اللغات منها الفرنسية والفرسية والإنجليزية والألمانية.

ــ الشهر الثالث عشر جديد مؤلف فرانكشتاين في بغداد

ومما جاء في روايته الجديد "الشهر الثالث عشر" يقول الروائي العراقي أحمد سعداوي: أليست عودته إلى تلّ الإمجعْبزة هي نوعٌ من الاختباء؟ لماذا يريد والده أن يحبسه في البيت؟ هل يخشى شيئاً في هذه الناحية النائية التي ترقد خارج إيقاع الزمن الصاخب للحياة الحقيقية في العاصمة والمدن المشابهة لها؟يعترف عايد مع نفسه بأنه كان يشعر بالراحة حين يعود في إجازاته إلى هنا، ولكنه لا يطيق البقاء فيها لوقتٍ طويل.

إن أجواءها الخاملة تمتصّ طاقته وتبرّده بهدوء، بل وتمحو ما يميّزه عن الآخرين. هو لا يفهم ما هي الإثارة بتكرار اليوميات نفسها، بالإيقاع نفسه كلّ يوم من دون أي تغيير جدّي. إن ضيق العالم الذي لا يتعدّى عند غالبية الناس هنا حدود تلّ الإمجعْبزة قلّص من حدود رؤيتهم وتفكيرهم، وهذا ما يتحسّسه عايد بالحوارات مع الناس هنا، حتى مع أهله وأصدقاء طفولته، ولذلك لم يكن ليأخذ هذه الحوارات والأحاديث على محمل الجدّ. كان يستعملها للاسترخاء، وكنوع من الفعاليات السياحية، وهي لذلك لا تأخذ إلا وقتاً قصيراً منه ليعود بعدها إلى إيقاع حياته الطبيعي، هناك في العاصمة الصاخبة.وإذا كان الأب، الشيخ ضهد، يخطّط لإشراك ابنه بالأعمال التجارية، بعد حصوله على شهادة القانون، وأن يتسلّم بالتدريج مهام إدارة أعمال العائلة منه، فإن عايد كان يفكّر بأشياء أخرى، لم يكن يرى من المناسب أن يكشف عنها قبل تخرّجه، حتى لا يثير نزاعاً مبكّراً مع والده، يطيل من أمد المعركة المتوقّعه معه.

ولكن، هل سيتخرّج حقاً؟! المذيع صاحب الصوت المتعالي ما زال يتحدّث عن "المؤامرات" و "المخرّبين"، ويبدو أن الملاحقات الأمنية ما زالت مستمرة. النسخ الخمسة من الصحيفة الرسمية التي تأتي متأخرة يومين عن موعد صدورها، ويلقيها سائق بيك آب من دائرة المطبوعات عند نوري الحلّاق في مركز ناحية الإمجعْبزة، فتصل منها نسخة مطويّة وملفوفة بكيس نايلون إلى يد "بدر" الخادم المراهق في بيت الميزر، ومن ثم إلى يد والده ليقرأ فيها عند العصر، هذه الصحيفة ما زالت تنشر أشياء عن مخطّطات دولية يراد للعراق أن يقع في حبائلها.

هناك مقالات مرصوفة بشكل أنيق على جانبي الصفحات الداخلية مع صور لكتّابها بربطات عنق وبدلات وشوارب سوداء محدّدة، وكلّهم يرتدون نظّارات طبيّة بإطارات سميكة من تلك التي يرتديها نجيب محفوظ، وزكي نجيب محمود، ويحيى حقّي، وغائب طعمة فرمان، ويبدو هؤلاء الكتّاب في هذه الصور، التي تعتلي سطورهم المطبوعة، بهيأة واجمة، فالكلام عن الحقيقة يستوجب هذه التصاوير الجادّة. الحقيقة لا تسخر وهي دائماً متجهّمة.