«اختفت محطة يوسف وهبي بسبب هدم مقام الولي».. نوادر ومواقف الإذاعات الأهلية
كان الفنان يوسف وهبي من القلائل الذين يملكون محطة إذاعة أهلية في الراديو وكانت شهيرة لدرجة أن المطربين والمطربات كانوا يتسابقون لإذاعة أغانيهم فيها، كان اسم المحطة في البداية محطة مصر الملكية، وتم تغييره إلى محطة رمسيس، وهناك الكثير من النوادر لهذه المحطة نسردها كما ذكرها صاحبها يوسف وهبي في تقرير له نشر بمجلة الكواكب.
يقول يوسف وهبي: "كانت هناك الكثير من الحوادث الطريفة للمحطة، منها مثلا أن هناك خلافا نشب بين عزيز عثمان وإبراهيم عثمان على تركة والدهما، المرحوم محمد عثمان الفنية، وسبب هذا الأمر خلافا كبيرا بينهما، فكان عزيز عثمان يعتبر نفسه الخليفة الطبيعي لوالده، وكان إبراهيم يعتقد أن عزيز يسئ إلى ذكرى والده عندما يغني اغانيه من محطتي، وحدث ذات مرة أن الجو كان مضطربا، وأثر هذا على صوت عزيز عثمان فوصل إلى آذان المستمعين مشوها مضطربا، وثار إبراهيم وجاء في اليوم التالي واقتحم الاستوديو اليتيم في المحطة، ومعه تخت موسيقي كامل، وغنى نفس الأغنية أمام الميكروفون، وبعد أن أنتهى من الغناء راح ينصح شقيقه عزيز على الهواء ويستحلفه برحمة والده أن يكف عن غناء أغنيات والده احتراما لذكراه، وفي هذا الوقت كان عزيز قد حضر ثائرا إلى المحطة، وهو يمسك بيده بعصا غليظة، واقتحم الاستوديو وانهال على شقيقه ضربا، وبالطبع نقل الميكروفون "الخناقة" بكل تفاصيلها إلى المستمعين، حتى الشتائم وألفاظ السباب التي تبادلها الشقيقان دون وعي.
ومن القصص أن مصطفى رضا وهو من أكبر عازفي القانون في مصر كان من نجوم محطة يوسف وهبي، وكان يذيع من المحطة مجانا، وكان إذا أعجبته حركة موسيقية أتاها أمام الميكروفون صاح قائلا:" الله.. الله ياسي مصطفى"، كان يطيب لنفسه ولا يكتم إعجابه بفنه أمام الميكروفون.
ومن القصص أن العقاد وهو العازف الكبير على آلة القانون كان في تخته أولاده وهم عازفي أيضًا، وكان يحلو أن يقدمهم بعد العزف إلى المستمعين قائلا:" النبي حارسه ابني اسماعيل بيضرب على العود، والنبي حارسه ابني محمد بيضرب كمنجة"، وهكذا يقدم أولاده واحدا واحدا، وكان أولاد العقاد يحيونه أثناء العزف أمام الميكروفون وهم يقولون:" بابا يا سيد الكل، يا سيد القانون يا بونا".
ومن القصص أن الشيخ صبح كان لديه صوت قوي وكان يجيد العزف على الناي والعود والبيانو، وكان قد حدث خلاف بينه وبين إحدى المحطات الأهلية، واسمها محطة فاروق، فجاء إلى محطتي محطة مصر ليذيع منها، وكان كلما انتهى من أغنيته يقول:" ينعل..." ثم ينطلق يسب محطة فاروق واسمها، وجاء البوليس وقبض عليه ذات مرة، ولم يفرج عنه إلا بعد أن تعهد بعدم سب المحطة لأنها تحمل اسم فاروق، وكان الشيخ صبح يحرص على أن يقدم نفسه للمستمعين قائلا:" أنا الشيخ صبح، أنا سيد المطربين، واللي مش عاجبه يشرب من البحر".
ويحكي أيضًا: "وكان من بين المطربين الذين يغنون في المحطة المطرب فريد الأطرش، وكان له أيامها معجبون كثر برغم صغر سنه، وكنا نذيع الشهادة الابتدائية بالأرقام، ونجح فريد الاطرش في امتحان الشهادة الابتدائية فأذاع المذيع رقم جلوس ووجه إليه الحديث قائلا:" مبروك يافريد، ان شاء الله تغني الليلة حاجة كويسة بالمناسبة دي".
وكانت المحطة بعد أن أطلقت عليها اسم رمسيس قد انتشرت في مدينة رمسيس بالزمالك، وكان إلى جوارها مقام لولي يمسونه "أبو فانوس"، وقطع المذيع في إحدى الليالي إذاعة البرنامج وصرخ قائلا:" الحقوني يا مستمعين، أبو فانوس طلع لي، واستقال في اليوم التالي خوفا من شبح الشيخ أبو فانوس الذي طارده طوال الليل".
وخفنا أن تتكرر المأساة فسعينا حتى هدمنا مقام الولي رغم احتجاج محبيه، وأنصاره الذين مضوا توعدوننا قائلين بأن غضب الولي سيحل على المحطة فيخربها، ولم يمض أسبوع على هدمنا لمقام الشيخ أبو فانوس، حتى هجم جيش من الفئران على أسلاك المحطة وأعملوا فيها أسنانهم فقرضوها، واضطرت المحطة بعد هذا الهجوم إلى التوقف، وأقام أنصار ولي الله أبو فانوس حفلا تبادلوا فيه التهاني قائلين ان نقمة ولي الله قد نزلت بالمحطة، وأعدوا حذا الحادث كرامة من كرامات الولي، ومن يومها اختفت محطة رمسيس من الميدان الإذاعي.