وزير الأوقاف: تعلم العربية وإتقانها جزء لا يتجزأ من خدمة الدين
قال الدكتورمحمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن “الله-عز وجل- شرَّف اللغة العربية بأن جعلها لغة القرآن الكريم”، مستشهدا بقوله تعالى: "قُرءَانًا عَرَبِيًّا غَيرَ ذِي عِوَج لَّعَلَّهُم يَتَّقُونَ"، فنزول القرآن الكريم بالعربية تشريف لنا وتكليف، تشريف بتعظيم اللسان العربي، وتكليف بالحفاظ عليه.
وأضاف وزير الأوقاف خطبة الجمعة بمسجد سيدي أحمد بن عطاء الله السكندري بمحافظة القاهرة، بعنوان: “لغة القرآن والحفاظ على الهوية”، أن الله - عزوجل- تكلف نبينا -صلى الله عليه وسلم- وأمته إلى يوم الدين بسؤالهم عن حمل هذه الأمانة.
وتابع وزير الأوقاف: "نحن نشهد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وأن أصحابه الكرام حملوا الأمانة من بعده".
ولفت وزير الأوقاف، إلى أن “اللغة العربية، هي وعاء القرآن الكريم، ومفتاح فهمه، وفهم القرآن الكريم والسنة النبوية فرض واجب، ولا يتم إلا بتعلم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، ولا يمكن لعالم أن يدَّعي فهم النص القرآني أو النبوي فهمًا دقيقا دون إدراك لأسرار العربية”.
وأشار إلى بعض الأمثلة التي تؤكد على أهمية اللغة في فهم النص القرآني وأن إتقانها أحد أهم شروط المفتي والمفسر والمجتهد قوله تعالى: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ"، فقوله تعالى:"وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ" جعل الحسنات درجات وكذلك جعل السيئات درجات، ولو كان في غير القرآن الكريم فقال: ولا تستوي الحسنة والسيئة، لجعل المفاضلة بين الحسنة والسيئة وهذا أمر واضح، وكأن القرآن الكريم يقول الحسنات درجات فعليكم بالحسنات أعلاها، والسيئات درجات فاجتنبوا أدناها وأعلاها، ثم ضرب أنموذجًا بالحسنة فقال تعالى: "فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ" فإذا كنت تحلم وتصفح مع العدو المبين الواضح فما بالك بما يجب عليك مع الصديق الحميم.
وأكمل:"في سورة الكهف نقف مع قوله تعالى:"قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا" ، فكلمة " تَسْتَطِع" بتائين ، وفي الآية الأخرى يقول سبحانه: "ذَلِكَ تَأوِيلُ مَا لَم تَسطِع عَلَيهِ صَبرًا"، فلماذا جاءت كلمة "تستطع" الأولى بتاءين والثانية "تسطع" بتاء واحدة؟ أهل اللغة يقولون: زيادة المبنى زيادة في المعنى، ففي الآية الأولى كان سيدنا موسى (عليه السلام) متطلعًا ومتلهفًا ومتشوقًا أن يعرف ما حدث من أسباب خرق السفينة وقتل الغلام وبناء الجدار، فجاءت كلمة "تستطع" بتائين، وبعد أن أخبره العبد الصالح لماذا خرق السفينة؟ ولماذا قتل الغلام؟ ولماذا بنى الجدار؟ هدأت نفس سيدنا موسى (عليه السلام) فخفت حدة التطلع إليه، فخفت صياغة الكلمة فقال تعالى: "تَسطِع" بتاء واحدة".
وواصل: في سورة الأنعام يقول الحق سبحانه: "إِنَّمَا يَستَجِيبُ الَّذِينَ يَسمَعُونَۘ وَالمَوتَى يَبعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيهِ يُرجَعُونَ" فعندما نفتح المصحف نجد علامة الوقف اللازم أعلى كلمة "يسمعون" ميمًا صغيرة ، وهي علامة الوقف اللازم؛ أي أنك لابد أن تقف هنا ، لأن الحق سبحانه يقول لنبينا: "إِنَّمَا يَستَجِيبُ الَّذِينَ يَسمَعُونَ"؛ أي من أصحاب القلوب الحية، حيث يقول سبحانه : "لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا"، ثم استأنف فقال تعالى: "وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ"، فجعل الذين يعرضون عن الذكر والقرآن وأوامر الله كالأموات، حيث يقول سبحانه: "إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ"، وهؤلاء وأولئك سيرجعون إلى الله "ثُمَّ إِلَيهِ يُرجَعُونَ" فيجزيهم بما عملوا وفق ما تقتضيه حكمته، ولو أخطأ أحد فوصل كلمة "الموتى" ولم يقف عند كلمة "يسمعون" لأدخل الموتى في عداد من يسمعون، وهو عكس ونقيض النص القرآني.