«الإفلات من العقاب».. كيف يستغل المجرم ثغرات القانون بادعائه الجنون؟
قضية قاتل الإسماعيلية والمذبحة التي تمت على مسمع ومرأى من الجميع جعلت جميع الأوساط والمواطنين في حالة ترقب وانتظار لعقوبة الجاني مع القصاص للمجنى عليه بعد أن قطعت رأسه شاهد أولاده ذلك، لكن كان هناك حالة من التخوف أن يتلاعب محاموه بالأوراق محاولين إنقاذ موكلهم من العقاب بإثبات عدم سلامته الذهنية والعقلية، وهو ما قد حاول الجاني فعله لكن لم تنصره اللجنة الطبية التي عُرض عليها، لكن هناك مواد في القانون يُفلت من خلالها عدد من المجرمين من العقاب عن طريق تزييف شهادات بذلك.. نروي بعضها ونسرد الرأي القانوني في السطور القليلة التالية.
"لقد كنت أعاني حياة زوجية بائسة فأنا في قبضة رجل لا يعرف معنى المودة والرحمة ولكن عادات المجتمع ترفض أن تصبح مطلقة، رضخت للأمر الواقع حتى علمت بزيجته الثانية، ولكني رفضت بشدة تلك الفكرة ليس حبًا فيه بل شفقًا على مسكينة تدخل شرك هذا الرجل الذي تعدى حدود الله معها مرارًا وتكرارًا " بتلك الكلمات بدأت هبة سرد قصتها، التي تحولت من مشكلة في بيت الزوجية إلى ملف جنائي.
بمجرد علم "هبة محمد" قررت على الفور طلب الطلاق والتهديد بأخذ كافة مستحقاتها القانونية والشرعية من مؤخر، نفقة متعة وما شابه، وهنا إزادت الأمور سوءً، فبدأ بالتحول من السيء إلى الأسوأ كانت كل لحظاتها عبارة عن تعنيف والضرب المبرح والطعن في شرفها، إلا أن أصبحت حياتها مهددة حيث شرع الزوج بقتلها، كما تسترسل قائلة: "كان مشهداً لا يُنسى، فزوجي يخنقني بكامل قوته ماكنش على لسانه غير كلمة واحدة هقتلك واخلص منك"، تتذكر جيدًا صراخ أبنائها اثناء غيابها عن الوعي لنقص الأكسجين بعد أن خلصها الجيران ورفعوا يد الزوج.
لجأت للشرطة واستعانت بمحامين وبعد تهديدات كثيرة من الزوج بأخذ أطفالها منها إذ لجأت للمحكمة لطلب الطلاق أو الشكوى بحقه لتهجمه عليها وغير ذلك هدد بقتلها هي والصغار، لكن تحول الأمر فجأة بعد أن كان محسوم لصالحها بسبب توافر شهادة الشهود وتقرير الطب الشرعي باصابتها البالغة ونماذج من رسائل التهديد الواضحة، لكن صدمها المتهم بمرافعة تفيد ان المتهم المسكين مريض نفسي فاقد الأهلية لا يجوز محاكمته بل يجب معالجته.
وأرفق بتقرير يفيد بأن المتهم أحمد يونس كان يعمل في مصنع للبلاستيك بتاريخ قديم وتم رفده على أنه قام ببعض التصرفات الجنونية وظهر عليه أعراض مرض جنوني متقطع وهو الصرع، شهادة لا أصل لها من الصحة فزوجي لم يعمل في أي مصنع من قبل ولكن لا يعتد شهود في قضية شروع في قتل، وتقرير آخر من مستشفى حكومية يفيد أن المتهم مريض بالصرع وتأتيه نوبات نفسية تجعله لا يشعر بما يفعل حتى وان كانت النتيجة قتلي أنا أو أبنائي، وحكم القاضي بـ10 سنوات مع إيقاف التنفيذ حيث أنه لا يستطيع أن يبرئه لأنها قضية شروع في قتل.
وخرج المتهم من القضية منتصرًا وخرجت أنا وأبنائي ومازلنا تحت التهديد من مجرم لم يقدر عليه القضاء كما يقول هو دائمًا.
محمود كبيش : قدرة المحامي تنتهي في المحكمة ويكتشف المتهم سلامته العقلية بعد الملاحظة
وذلك حسب ما يؤكد الدكتور محمود كبيش، أستاذ القانون الجنائي وعميد كلية الحقوق جامعة القاهرة السابق، فهناك ثغرة في القانون هي ما تتيح تساهل الجناة بالتواطؤ مع محاميه عن طريق نصوص المادة 24 من القانون رقم 71 لسنة 2009، وما فداها إذا ما ثبت وجود خلل عقلى أو نفسي لدى الجاني، للمحكمة حق عرض المتهم المدعي المرض النفسي، على لجنة طبية متخصصة بعلم النفس الجنائي، تكمن مهمتها في مراقبة تصرفات المتهم ووضع تقرير بحالته الصحية، كذلك يتم وضعه تحت الملاحظة في مستشفى الأمراض النفسية ودراسة تاريخه المرضي منذ بداية إصابته بالمرض، ومتابعة حالاته 6 أشهرعلى الأقل، ثم بعد ذلك يتم تشخيص حالته بالنسبة للسن والظروف قبل الجريمة، ثم يصدر تقرير نهائي للجنة للفصل في مرضه من عدمه.
لكن هناك من يتلاعب بهذا التقرير على حسب ذكر كبيش، فالكثير من المحامين يتّخذون المرض النفسى أو العقلى حيلة ووسيلة للإفلات الجاني من المحاكمة، رغم اتزانه النفسي وسلامته العقلية وارتكابه الجريمة مع سبق الإصرار والترصد، ولكن الأطباء النفسيين يكشفون خداعهم بسهولة، نظراً لأنّ المريض النفسى يُصاب بأعراض معينة ولا يمكن لإنسان طبيعى أن يستمر فى التمثيل بأنّه مريض نفسى بإتقان لمدة 45 يوماً، ولذلك يقُرّر المشرع تغليظ العقوبة على المتهم، بسبب تضليله العدالة.