من يحكم فوضى تعليم السباحة لحديثي الولادة في مصر؟
ثوان معدودة أنقذت مؤمن 6 أشهر من شفا الموت، كادت أن تذهب معه أحلام والدته في أن يصبح سبّاحا ماهرا، بعدما الحقته بأحد أكاديميات تعليم سباحة حديثي الولادة في منطقة البدرشين التابعة لمحافظة الجيزة، بعدما سمعت عما يسمي بـ«سباحة الرُضع في مصر».
بعد هذا الحادث، ظل «مؤمن» يعاني شهرين كاملين من ضيق في التنفس، والدته طافت به على أطباء كثيرين والذين فسروا الحالة بأنها مسألة وقتية حتى ينتظم تنفسه مرة أخرى.
«كان خطأ عمري بعدما كدت أن أفقد ابني»، تستعيد نجوى 38 عامًا، تلك التجربة المريرة، التي بدأت بمشاهدتها لإعلان عن مكان يدعى تعليم سباحة الرضع سن 6 أشهر.
قدمت السيدة لطفلها مؤمن الذي تم شهره السادس ببعضة أيام، ولم يتطلب الأمر سوى بطاقتها ومبلغ 350 جنيهًا نظير التدريب الشهري، والذي كان لمدة ٣ أيام في الإسبوع لمدة ساعتين.
تعود السيدة بذاكرتها إلى تلك اللحظات المروعة التي عاشتها، في الإسبوع الثالث من التدريب، حين كان طفلها في المسبح برفقة المدرب الوحيد ومساعدته ومعه أربعة أطفال آخرين يدربهم بالتناوب.
تقول: «المدرب كان في آخر المسبح ومؤمن سقط في مكان بعيدًا عنه، وأماكن جلوس الأمهات بعيدة أيضًا»، نجوى تصف ما حدث وقتها، بإنها لم تلحظ سقوطه في وقتها، وحين انتبهت ظلت تصرخ وتسرع نحوه، حتى فزع الأطفال وانتبه المدرب وما أن وصل إليه كان أغمى عليه، وأصيب باختناق، وقام المدرب بإسعافات أولية له.
نجوى هي واحدة ضمن أمهات أخريات، رغبوا في إعداد صغارهن ليكونوا أبطال في رياضة السباحة، إلا أن شاهدوا بأعينهم لحظات كادوا أن يفقدوا فيها ابنائهم، بسبب وجود أكاديميات تعليم السباحة للرضع، غير مؤهلة ولا تطبق عوامل الآمان.
من نجوى إلى منى السيدة التي بكت بشدة بعدما مات رضيعها غرقًا في مسبح في إحدى أكاديميات تعليم سباحة الرضح خلال العام 2017، حينها انتشر مقطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي لسيدة تبكي وهي جالسة على الأرض بعد فقدانها لطفلها الرضيع 10 أشهر.
بحسب المنشور على صفحتها، فإنها لديها طفلين، إحداهم يبلغ من العمر 11 عامًا، وكان ملتحقًا برياضة السباحة في ذلك النادي، والثاني رضيعًا لا يتعد عمره 10 أشهر.
قام مدرب السباحة بتخصيص يومًا لتعليم الأطفال الرضع في نفس المسبح بمساحته بالغة الطول والعرض، وبالفعل الحقت ابنها الرضيع برفقة عدد من السيدات الأخريات، وأثناء التدريب لاحظت اختفاء ابنها من المسبح، ولم تنتبه إلا على أصوات صراخ وجسد طفلها يطفو على سطح.
فهل بالفعل سباحة الرضع في ذلك العمر آمنة؟ يجيب على ذلك عدد من الدراسات التي اختلفت فيما بينها، فقد أجرى خبراء بريطانيين من معهد «غريفيث لبحوث تعلم الطفل»، دراسة طبقت على عدد من الرضع الذين مارسوا رياضة السباحة فور ولادتهم، خلصت إلى أن الأطفال اكتسبوا العديد من المهارات قبل أقرانهم ممن لم يمارسوا تلك الرياضة.
ولخصت الدراسة فوائد السباحة للرضع فيما يلي: «لمساعدة في إبعاد خطر الإصابة بأمراض القلب المختلفة، تحسن دورته الدموية، تحسن وتقوية الرئة وقدرتها ووظائفها، جعل العضلات أكثر قوة، زيادة قدرة الطفل على التحمل والصبر والتحكم والسيطرة في النفس، التخلص من الوزن الزائد».
على النقيض، كان هناك تحذيرًا قويًا من الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، من تبكير دروس السباحة للرضع، ونصحت خلال مطلع العام الحالي، بعدم إعطاء الرضيع أي دروس سباحة إلا بعد سن الرابعة بسبب خطورتها عليه.
الأكاديمية الأمريكية استندت في اعترضها العلمي بشأن سباحة الأطفال، على أن فكرة تعليم الطفل مهارات الأمان صعبة في العمر الصغير، وأن أمان الطفل معرض للخطر، لاسيما أن كان المدرب أو المكان غير مؤهلين بشكل كافي لذلك.