«أعز من الوِلد وِلد الولد».. أجداد حُرِموا من رؤية أحفادهم
من المتعارف عليه إقامة الدعاوى القضائية من قبل الأب والأم لرؤية أبنائهم عقب وقوع الانفصال بينهما، ولكن ما يغفل عنه هو أن الأجداد كذلك يشتاقون لرؤية أحفادهم بل ويقعون ضحايا الخلافات الدائرة بين الزوجين، فيُحرمون من رؤية أعز الولد لذا يضطر بعضهم للجوء إلى القضاء لرؤية ذلك الحفيد الذي هو من أصلابهم.
ذلك ما حدث مؤخرًا مع أحد الأجداد الذي أقام دعوى قضائية أمام محكمة الأسرة بإمبابة لرؤية حفيدته، وإلزام الحاضنة بموافقتها على ذلك، مؤكدًا أن المدعي عليها كانت زوجة ابنه، ورزقت منه بـطفلين، في زواج دام بينهما 7 سنوات، إلى أن حدث الطلاق العام الماضي، وأن الصغار بحضانة والدتهم وفقا لصحيح القانون، ولكنها امتنعت طوال 12 شهر عن تمكينهم من رعاية الصغار والتواصل معهم مطالبًا برؤية أحفاد مرة كل أسبوع.
وأشار في ذلك إلى أن هذا حقه وفقًا للمادة 20 ,2,3من المرسوم بقانون 25 لسنة 1929المعدل بقانون رقم 100 لسنة 1985 "انه لكل من الأبوين الحق في رؤية الصغير أو الصغيرة وللأجداد مثل ذلك في حالة عدم وجود أي من الأبوين، وإذا تعذر تنظيم الروية اتفاقا نظمها القاضي.
ولعل حالة هذا الجد لم تكن هي الحالة الوحيدة التي يقهر فيها أجداد شوقًا لرؤية أحفادهم، في «الدستور» تواصلنا مع بعض هؤلاء الأجداد الذين ربطتهم علاقة حب وتعلق شديدة بأحفادهم ولكنهم حرموا منهم فجأة، وما لذنب لهما سوى لخلاف الأبوين وانفصالهما.
«م. ح» وهو جد لحفيدين توأم زيد وملك 8 سنوات يقول: «تربوا أحفادي على يدي أنا وزوجتي منذ ولادتهما حيث كانت ظروف عمل ابني وزوجته تجعلهما يتركانهما معنا لفترات طويلة، كنت أشعر أنني طفل ألهو وألعب واستمتع بأوقاتي التي أعيش أواخرها، كنت أرى في عيونهم كذلك حب وتعلق شديدان يفرحاني، ولا أنسى لحظات بكاؤهما وقت أن يأتي أبويهما لأخذهما من بيتنا»، مضيفًا أنه بعد ذلك حدث خلافًا بين ابنه وزوجته أدى الى انفصالهما وهو ما نتج عنه أن أخذت الأم الأبناء، وحرمت الأب والجد رؤيتهما رغم مطالبتها القانونية بذلك، وهو الامر الذي ترك أثرًا نفسيًا كبيرًا عليه، قائلًا: «نفسي أشوف أحفادي اللي من صلبي تاني وأخدهم في حضني، وأنا مليش علاقة بخلافات ابني ومراته».
«أعز الوِلد وِلد الوِلد».. تقولها السيدة حياة أحمد جدة الطفلة لـ«الدستور» معبرة عن شعورها نحو حفيدتها الوحيدة ليلى التي حرمتها زوجة ابنها من رؤيتها بعد حدوث انفصالها مع الابن، موضحة أن الجدّ أو الجدة الأسوياء في حال حُرموا من أحفادهم، يشعرون بفراغٍ كبير يملأ قلوبهم قد يصل بهم أحيانًا كثيرة إلى الاكتئاب خاصة في حال كانوا شديدو التعلق بأحفادهم وتربطهم صلة حب وعطف كبيرة كما الحال بينها وبين حفيدتها الصغيرة التي لا تتعدى السبع سنوات، لذا طالبت حياة بضرورة تطبيق القانون الذي يسمح للأجداد برؤية أحفادهم مرة أسبوعيًا، وذلك حفاظّا على نفسية الأطفال الذين كثيرًا ما يرغبون في لقاء أجدادهم نظرًا للفطرة الطبيعية التي تحكم حب الصغار للجلوس مع الأحفاد والاستماع إلى أحاديثهم، وكذلك رحمة بالأجداد المسّنين الذين يحتاجون لحظات بسيطة من السعادة الحقيقية مع أصلابهم في آخر أعمارهم.
الرأي القانوني
وعن الرأي القانوني في رؤية الأجداد لأحفادهم أوضح محمود ابراهيم المحام بالاستئناف لـ«الدستور» أنه سبق للمحكمة الدستورية العليا وأن قضت بعدم دستورية الفقرة الثانية لنص المادة 20 من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون 100 لسنة 1985 - قانون الاحوال الشخصية المصري- بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية فيما تضمنه من قصر حق الأجداد فيحال عدم وجود أبويهم. رؤية الاحفاد حتى في حالة وجود الأب والأم الحق في رؤية الصغير أو الصغيرة وللأجداد مثل ذلك عند عدم وجود الأبوين.
وأشار إلى أنه كانت المادة السابقة مثار لجدل كبير من الفقهاء والدستوريين، وهو الأمر الذي أدى للطعن عليها بمخالفة المادتين «2، 9» من دستور 1971، المقابلتين للمادتين «2، 10» من الدستور، لإخلاله بما بمبادئ صلة الأرحام، التي حث عليها الدين والأخلاق مؤكدًا أن رؤية الأحفاد لأجدادهم يعتبر حق أصيل لهم لكي لا تنقطع صلة الرحم وتستمر وحدة الأسر مهما حدث من خلاف بين الزوجين، وتابع أنه بذلك فإن هذا النص المطعون فيه يمثل هدماَ لكيان الأسرة التي حرصت الشريعة الإسلامية على حمايتها، مما يخالف مقاصد الشريعة ويترتب عليه مخالفة أحكام الدستور.
وناشد المئات من الجدات والأمهات غير الحاضنات المجلس القومي للمرأة بضرورة النظر في تعديلات قانون الأحوال الشخصية، بما يضمن حق غير الحاضنات في رؤية أحفادهن.