ملتقى الحوار يصدر تقريرًا حول تأثير كورونا على العنف الأسري
أصدرت وحدة الدراسات والبحوث بملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، تقريرا بعنوان: (وباء كورونا والعنف الأسرى : هل من ارتباط؟)، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة.
ويأتي التقرير للتأكيد على الجهود العالمية لزيادة الوعي بالعنف ضد المرأة أو العنف على أساس الجنس المتجذر بعمق في عدم المساواة بين الجنسين، والذي يعد من أبرز انتهاكات حقوق الإنسان في جميع المجتمعات.
وأشار التقرير إلى أن واحدة من كل ثلاث نساء تتعرض للعنف الجنسي أو الجسدي في حياتها، كما أثناء النزوح وأوقات الأزمات يزداد خطر العنف على أساس الجنس بشكل كبير بالنسبة للنساء والفتيات.
وتناول التقرير عددا من المحاور أبرزها: أولًا: أنواع العنف القائم على النوع الاجتماعي، أوضح التقرير أنه على الرغم من أن النساء والفتيات هن الضحايا الرئيسيات للعنف على أساس الجنس، إلا أنه يتسبب أيضًا في أضرار جسيمة للأسر والمجتمعات، وهناك أشكال مختلفة من العنف على أساس الجنس وأكثرها شهرة هو العنف المنزلي والعنف الجسدي بينما يمكننا أن نجد أن الناس قد يتجاهلون أو قد لا يكونو قادرين على إدراك أن العنف النفسي يمكن أن يكون شكلاً من أشكال العنف على أساس الجنس أيضًا، وقد ذكر التقرير التعريفات المختلفة المعتمدة لأنواع العنف القائم على النوع الاجتماعي: (العنف الجسدي، والعنف المنزلي/ الأسري).
ثانيًا: الاتفاقيات الدولية الخاصة بالعنف ضد المرأة، شهد العقدان الماضيان أيضًا العديد من القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن العنف ضد المرأة، بما في ذلك قرار تناول العنف الأسري على وجه التحديد، وفقًا لمعاهدات الأمم المتحدة المختلفة بشأن العنف المنزلي، فإنه ينتهك حقوق الإنسان، باعتباره انتهاكًا للحريات الأساسية مثل الحق في الحياة والأمن الشخصي، باعتباره انتهاكًا للحق في المساواة.
تناول التقرير أنه هناك بعض الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي تندد بالعنف الموجه ضد المرأة حيث يُعترف بالعنف المنزلي في القانون الدولي باعتباره انتهاكًا لحقوق الإنسان، ومن أهم هذه الاتفاقيات:
1- اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
وهذه الاتفاقية تطلب من الدول القضاء على التمييز ضد المرأة في جميع المجالات وتعزيز حقوق المرأة على قدم المساواة، وكثيرًا ما توصف بأنها الاتفاقية الدولية لحقوق المرأة.
تُعرِّف هذه الاتفاقية التمييز ضد النساء والفتيات على أنه أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد من قبل الرجال ضد المرأة بهدف التأثير وإضعاف تمتع المرأة بحقوق الإنسان السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو المدنية. وتلتزم جميع الدول التي صادقت على هذه الاتفاقية باتباع سياسة وطنية تقضي على التمييز ضد المرأة بجميع أشكاله.
2- اتفاقية مجلس أوروبا بشأن منع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي (اتفاقية اسطنبول)
تُعرف اتفاقية اسطنبول العنف ضد المرأة على أنه انتهاك لحقوق الإنسان، وتدين جميع أشكال العنف ضد المرأة ويصف هذا العنف بأنه تعبير عن اختلال تاريخي في القوة بين المرأة والرجل، وتعد الاتفاقية الأكثر شمولاً لحقوق الإنسان في مجالها وأول صك إقليمي ملزم قانونًا بشأن العنف ضد المرأة في أوروبا.
3- بروتوكول حقوق المرأة في إفريقيا الملحق بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب
يُسمي البروتوكول (بروتوكول مابوتو) نسبة لمدينة مابوتو في موزمبيق، ويضمن البروتوكول حقوقًا شاملة للمرأة بما في ذلك الحق في المشاركة في العملية السياسية، والمساواة الاجتماعية والسياسية مع الرجل، وتحسين الاستقلالية في قرارات الصحة الإنجابية، ووضع حد لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
4- اتفاقية نشأة منظمة المرأة العربية
حيث نشأت منظمة المرأة العربية لتؤمن بأن مفهوم العنف لا يقتصر على الإيذاء البدني أو الجسدي، وإنما يتسع مفهومه ليشمل سائر مظاهر ممارسة التمييز ضد المرأة وحرمانها من أي من حقوقها الإنسانية.
ثالثًا: الارتباط بين وباء كورونا و ازدياد معدلات العنف المنزلي:
أكد التقرير أن العمل من المنزل أثناء تفشي وباء كورونا أدى إلى زيادة مستويات التوتر والقلق بين العديد من أفراد الأسرة حيث أثارت العزلة أثناء الوباء توترات أدت إلى العنف المنزلي، ونتيجة لذلك وسع مرتكبو الانتهاكات سلطتهم. كما زادت المكالمات إلى خطوط المساعدة من ضحايا العنف المنزلي بمقدار خمسة أضعاف المعدل المعتاد في بعض البلدان. وقد أطلق الكثيرون على العنف المنزلي اسم "جائحة الظل" لهذا السبب مع الوباء.
1-العنف الأسري أثناء تفشي وباء كورونا
أظهر التقرير بعض الإحصائيات الخاصة بالعنف الأسري على مستوى العالم: وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تحتل منطقة شرق المتوسط المرتبة الثانية عالميًا في حالات العنف الأسري ضد المرأة، حيث تصل إلى 37٪ من إجمالي الحالات العالمية، كما تظهر الإحصائيات زيادة في العنف ضد المرأة في أمريكا اللاتينية ودول أخرى، في منطقة البحر الكاريبي بالتحديد، وزادت المكالمات إلى خطوط المساعدة بنسبة 53 في المائة في المكسيك خلال الربع الأول من عام 2020.
كما أنه عند بدء الوباء زاد العنف المنزلي في هوبي بالصين بنسبة 300٪، و25٪ في الأرجنتين، و30٪ في قبرص، و33٪ في سنغافورة، و 50٪ في البرازيل. كما ارتفعت الدعوات إلى الخطوط الساخنة للعنف المنزلي منذ اندلاع الوباء في المملكة المتحدة. وأزداد الوضع قلقا في الولايات المتحدة، حيث أبلغت إدارات الشرطة عن زيادات في المدن في جميع أنحاء البلاد، وكانت على سبيل المثال: 18٪ في سان أنطونيو، و 22٪ في بورتلاند، و 10٪ في مدينة نيويورك. وفي إسرائيل، بمناسبة الشهر الدولي للتوعية بمكافحة العنف الأسري، أعلنت وزارة الضمان الإجتماعي أن هناك زيادة في عدد الحالات في العام الماضي، حوالي 19000 شخص توجهوا إلى مراكز المساعدة، ونحو 15000 من المكالمات طلبت التدخل.
2-العنف الأسري أثناء كوفيد- 19 في مصر
ذكر التقرير أنه تتعرض حوالي ثمانية ملايين امرأة مصرية لخطر العنف الأسري كل عام، وقد تتعرض نسبة تصل إلى 86% من الزوجات للإيذاء الزوجي. حيث وجه أربعة من كل خمسة رجال متزوجين شكلاً من أشكال العنف النفسي ضد زوجاتهم. بالإضافة إلى ذلك، أبلغ ما يقرب من نصف الشابات عن تعرضهن للعنف الجسدي من قبل إخوانهن أو آبائهن، وبحسب البيانات، فقد حدثت زيادة بنسبة 13٪ في عدد المرضى في مراكز علاج العنف الأسري، وحصلت 2704 امرأة على رعاية فردية، و 9278 رعاية أسرية.
رابعًا: الجهود الدولية لمناهضة للعنف ضد المرأة
آتى بالتقرير أنه بُذلت جهود لمكافحة العنف ضد المرأة وخاصة العنف الأسري على مستوى العالم من خلال الاتفاقيات المصدق عليها المختلفة وتعاملت مع معظم الدول التي تلتزم بها لمحاربة العنف ضد المرأة ووضع عقوبات وقوانين للمساعدة في الحد منه والقضاء عليه، كما أن هناك جهودا بذلها المجتمع الدولي لرفع مستوى الوعي حول العنف الأسري ويتم ذلك من خلال حملات دولية لرفع الوعي في جميع أنحاء العالم، ومن أهم تلك الحملات:
1- حملة 16 يومًا من النضال ضد العنف على أساس الجنس
يصادف هذا العام الذكرى الثلاثين لحملة الـ 16 يومًا العالمية للاحتفال بالذكرى السنوية، وهي حملة دولية سنوية تنطلق في 25 نوفمبر، (أي اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة)، وتستمر حتى 10 ديسمبر يوم حقوق الإنسان العالمي. وفي عام 2020، زادت الحملة من جهودها لتضخيم أصوات العاملات في الاقتصاد غير الرسمي مع الاستمرار في المطالبة بالتصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190 وإنهاء جميع أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي في الأماكن الخاصة والعامة. وفي هذا العام 2021، تركز الحملة على العنف الأسري في عالم العمل، أي إنهاء العنف والتحرش في عالم العمل.
2- حملة UNiTE
وتم إطلاقها في عام 2008 في ظل حملة الأمين العام للأمم المتحدة "اتحدوا بحلول عام 2030 لإنهاء العنف ضد المرأة"، وهي جهد متعدد السنوات يهدف إلى منع العنف ضد النساء والفتيات والقضاء عليه في جميع أنحاء العالم.
تدعو مبادرة "UNiTE" الحكومات، والمجتمع المدني، والمنظمات النسائية، والشباب، والقطاع الخاص، ووسائل الإعلام، ومنظومة الأمم المتحدة بأكملها إلى توحيد الجهود في التصدي للوباء العالمي للعنف ضد النساء والفتيات.
أعلنت حملة "UNiTE" أن اليوم الخامس والعشرين من كل شهر هو "اليوم البرتقالي"، وهو يوم لزيادة الوعي واتخاذ إجراءات لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات. ويمثل اللون البرتقالي باعتباره لونا مشرقا ومتفائلًا مستقبلًا خال من العنف ضد النساء والفتيات.
يدعو اليوم البرتقالي النشطاء والحكومات وشركاء الأمم المتحدة إلى حشد الناس وتسليط الضوء على القضايا ذات الصلة بمنع وإنهاء العنف ضد النساء والفتيات، ليس فقط مرة واحدة في السنة، في 25 نوفمبر (اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة)، لكن كل يوم 25 بالشهر.
3- اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة
لاحظ نشطاء حقوق المرأة يوم 25 نوفمبر باعتباره يومًا ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي منذ عام 1981. وقد تم اختيار هذا التاريخ لتكريم الأخوات ميرابال، ثلاث ناشطات سياسيات من جمهورية الدومينيكان قُتلوا بوحشية في عام 1960 بأمر من حاكم البلاد ، رافائيل تروجيلو (1930-1961).
وفي 20 ديسمبر 1993، اعتمدت الجمعية العامة إعلان القضاء على العنف ضد المرأة من خلال القرار 48/104، مما يمهد الطريق نحو القضاء على العنف ضد النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم.
وأختتم التقرير بالتأكيد على أن العنف المنزلي مشكلة صحية خطيرة ومنتشرة تؤثر على الضحايا في جميع أنحاء العالم ولسوء الحظ ترتبط بمعدلات كبيرة من المرضى والوفيات، معظم النساء اللواتي يتعرضن للعنف المنزلي معرضات بشكل كبير لمضاعفات جسدية مثل نتائج الحمل السيئة والأمراض المنقولة جنسيًا وحتى الإجهاض.