«تبرعات حرام».. دور أيتام تستغل صور الأطفال لجمع الأموال
انتهاك صارخ ترتكبه بعض دور الأيتام في حق الأطفال المقيمين بها، تنشر صورهم الخاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي، بهدف استعطاف قلوب المصريين، لجلب تبرعات بزعم إنقاذ هذه الحالات من الفقر والعوز، ما يُعد جريمة مكتملة الأركان وفق لتصريحات مسئولى وزارة التضامن الاجتماعي.
وحذرت أيضًا دور الأيتام التي تتعمد استغلال الأطفال في جمع الأموال بطرق منافية للأخلاق والقانون، مؤكدة أنه سيكون هناك قرارات رادعة لمحاسبة المؤسسات التي تخالف ذلك، قد تصل إلى غلق الجمعيات بشكل نهائي، إذ استغلوا الأطفال في إثارة الشفقة أو استخدموهم في إعلانات التبرعات.
رصدت "الدستور" استغلال دور الأيتام لصور الأطفال، ونشرها على صفحات "السوشيال ميديا"، لجمع تبرعات بطريقة الاستعطاف.
حبس ٥ سنوات وغرامة ٢٠٠ ألف
أقر قانون الطفل المصري، بمعاقبة أي شخص يعرض حياة الأطفال داخل دور الأيتام للخطر، بالحبس ٥ سنوات، وغرامة مالية تصل إلى٢٠٠ ألف جنيه، ذلك ما أوضحه هاني هلال، رئيس المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، مؤكدًا أن هناك خطط فعالة لمجابهة ظاهرة استغلال الأيتام في كسب الأموال بطرق غير مشروعة.
تحدث "هلال" عن دور وزارة التضامن الاجتماعي في الرقابة على دور الأيتام، وإجراء تفتيشات دورية عليها للتحقق من مدى الضرر الذي قد يلاحق الأطفال المقيمين بها، فضلًا عن دور المحافظات في تشكيل لجان رقابية أخرى من جانبها لحماية الأيتام في محافظاتهم.
واستكمل حديثه مع "الدستور"، مشيرًا إلى ضرورة فرض الرقابة من قبل الشخص المتبرع نفسه قبل تقديم أمواله إلى أي مكان، والذهاب بشكل شخصي إلى دار الأيتام للتأكد من آليات التعامل مع الأطفال المتواجدين، وإذ ظهر أمامه مشكلة ما، يجب أن يتقدم بشكوى على الفور إلى اللجان المختصة بحماية الطفل داخل وزارة التضامن.
وأضاف أن مصر استطاعت في الآونة الأخيرة جمع التشريعات المعنية بالطفل في قانون مجمع، وهو قانون الطفل المصري 12 لسنة 1996 الذي أجريت عليه تعديلات شاملة بمشاركة الجمعيات الأهلية المعنية بالطفل والأطفال أنفسهم عام 2008 بالقانون 126 لسنة 2008، ليصبح واحدًا من أفضل التشريعات الوطنية في العالم، وعند صدور دستور مصر 2015 تضمن المادة رقم 80 المعنية بالطفل كأكبر مادة في الدستور أقرت كافة الحقوق الأساسية لأطفالنا تأكيداً لاهتمام الدولة المصرية بتحصين حقوق أطفالها".
متاجرة بالأبرياء
بمجرد أن كتبنا على محركات البحث في موقع فيسبوك جملة "محتاجين تبرعات للأيتام"، سرعان ما اطلعنا على صفحات تابعة لمؤسسات تدعي أنها خيرية، وتتاجر بصور الأيتام للحصول على أكبر قدر من التبرعات، ممتنعين عن الالتزام بقانون الطفل، الذي نص على عدم تعريض الأطفال للخطر داخل دور الأيتام.
واتضح من خلال البحث داخل الجروبات السرية، التي خصصت عملها في تجميع الأموال باستخدام صور الأطفال داخل دور الأيتام، كوسيلة للبحث عن متبرعين، وبالفعل تفاعل عدد كبير من الأشخاص معهم، وسألوهم عن الوسيلة التي يمكن إرسال المال من خلالها، دون التحقق من مدى مصدقية صاحب المنشور، أو الجهة المسؤولة عن الأطفال، التي سيتم إرسال المبالغ المالية والملابس لها.
أوضح رئيس المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، أن استغلال الأطفال في نشر صورهم الخاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي، يُعد أمرًا خطيرًا للغاية، سواءً من الجانب الإنساني الذي يعرض حياتهم للخطر، ويجبر المجتمع على التعامل معهم بمبدأ أن شيئًا ما ينقصهم، أو من الاقتصادي الذي يشهد جمع تبرعات لا يُحدد مصيرها أو الشخص الحقيقي المتلقي لها في غياب الرقابة عليهم.
ويذكر أن الرئيس السيسى، أصدر قرارا بالقانون رقم 15 لسنة 2015، بتعديل بعض أحكام القانون الضمان الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 2010 حيث جاء بالمادة الـ 96 من قانون الطفل أنه: "يعد الطفل معرضاً للخطر، إذا وجد في حالة تهدد سلامة التنشئة الواجب توافرها له، وذلك في أي من الأحوال الآتية: إذا تعرض أمنه أو أخلاقه أو صحته أو حياته للخطر، إذا كانت ظروفتربيته في الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات الرعاية أو غيرها من شأنها أن تعرضه للخطر أو كان معرضاً للإهمال أو للإساءة أو العنف أوالاستغلال أو التشرد، يعاقب كل من عرض طفلاً لإحدى حالات الخطر بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 2000 جنيه ولاتجاوز 5000 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وفي آخر الإحصاءيات الرسمية التي أعلنت عنها وزارة التضامن الاجتماعي، فقد بلغ عدد دور رعاية الأيتام في مصر 521 دار أيتام وحضانة إيوائية، بينما بلغ عدد المستفيدين والمستفيدات من دور رعاية الأيتام 11200 مستفيد ومستفيدة خلال عام 2020.
قانوني: يجب الإبلاغ عن مروجي صور الأيتام
حذَّر عدد من الحقوقيين في الفترة الماضية من خطورة استغلال الأيتام في جمع الأموال وعمليات الكسب غير المشروع بحجة العمل الخيري، مؤكدين أن هذه الممارسات فيها امتهان لليتيم وغمط لحقوقه.
ومن الجانب القانوني، أوضح المحامي أيمن محفوظ، أنه هناك مجموعة من الأشاخص الذين يعتبرون أنفسهم موكلون بحماية الأيتام، يتعمدون استغلالهم دون رحمة، سواءً على مستوى الإيذاء النفسي أو العنف الجسدي، ولكن الأكثر كارثية حين يتعمدون نشر صور الأطفال على الملأ بقصد الحصول علي الأموال من الغير، وفي أغلب الأحيان لا تقدم لصالح الأيتام، إنما تصل إلي القائمين على حمايتهم.
وتعددت أوجه تلك الجرائم حسب وصف "محفوظ": "تبدأ من تلقي أموال بدون ترخيص من قبل الجهة الإداريه، والعقوب هنا طبقًا لقانون العمل الأهلي، تصل إلى غرامه مليون جنيه، ولكن قد تأخذ تلك الجريمة شكل جريمة النصب المعاقب عليها طبقا للمادة 336 عقوبات، والعقوبه تصل إلى الحبس 3 سنوات".
وأضاف أن جريمة استغلال الأيتام تندرج ضمن صور الإتجار بالبشر، طبقا لنصوص القانون رقم 64 لسنة 2010، وهي استغلال الاطفال في التسول بقصد حصد الاموال، والعقوبه تصل للمؤبد إذ اكتملت اشتراطات الجريمة".
ونوه إلى دور المواطن في مكافحة هذه الجريمة، من خلال الإبلاغ الفوري عن أي دعوة مشبوهة تروج لها دور ايتام، بقصد استغلال الاطفال في جمع تبرعات، والأهم هو عدم التعامل معها، وتوجيه التبرعات للمصارف الشرعية والرسمية من خلال الجهات الإدارية الرسمية الموثوق بها.