القصة الكاملة لتاريخ الجنون في الأرض من فوكو لـ كلود كيتيل
وصم الأخرين بالجنون في المعتاد هو أمر بالغ السوء، ويتأتي نتيجة ردود فعلنا تجاه ممارسة آخرين لأشياء يتفق الوعي الجمعي على أنها خطرة، لهذا سنجد ان في كل مكان وزمان هناك اشخاص موصومين بالجنون، وفي كل مكان وزمان كان ثمة استجابة أخلاقية واجتماعية وطبية وجنائية لهم. وهناك العديد من الكتب التي تناولت ظاهرة الجنون وتاريخه ومن ضمن ابرز تلك الكتب منها في التقرير التالي :
تاريخ الجنون
ويأتي كتاب تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي لميشيل فوكو كأول عمل نظري متكامل، حول الجنون ، ويسرد فيه فوكو نماذج لما يوصلوا بالمجانين ومنهم الكذابين ، والحمقى ، ويعرف الجنون بأنه يغري لانه معرفه ، ولان هذه الصورة العبثية تمثل عناصر معرفة صعبة، ومنغلقة، وباطنية".
يرى فوكو أنه حتى مجيء القرن التاسع عشر كان الجنون مسألة تخص الشرطة أكثر مما تخص الأطباء ، ولفت إلى أن لم يكن هناك أساس للبحث في حالات سابقة لمعالجة المرضى عقليا في تاريخ الطب النفسي .
ويذهب فوكو عبر كتابة إلى التوقف كثيرا أمام جنون الفلاسفة والشعراء ـ والادباء والفنانين ، أمثال "نيتشه ، وجيرار دونيرفال ، غويا ، ونيتشه " وغيرهم، ويري في جنون هؤلاء هو ف جنون يحاكم العقل الغربي.
موجز تاريخ الجنون
يستقصي المؤرخ الإنجليزي روي بورتر عبر كتابه موجز تاريخ الجنون" والصادر عن كلمة التابعة لهيئة أبوظبي للثقافة ومن ترجمة أحمد خريس . الكيفية التي قاربت بها الثقافة الغربية الجنون وعالجته. ويبدأ الكتاب بعرض مفهوم الجنون كما ساد في العصر السابق على الكتابة، وذلك حين نظر إلى الجنون بوصفه تلبّساً شيطانياً أو إلهاماً سماوياً. فقد ساد هذا الفهم عي العصر السابق على الكتابة ، وقد وردت هذه الاعتقادات الفوق طبيعية في كتب الطب المصري ، وطب بلاد مابين النهرين ، وفي الأسطورة وفي الفن الإغريقيين
يستعرض المؤلف مولد العلوم الطبية ، ممتحنا التفكير العقلي والطبيعي حول الجنون مثلما طوره فلاسفة الإغريق وأطبائها، وكما أدرك لاحقا في التراث الطبي العربي
يذهب الكاتب إلى رصد ما قدمه الأدب والفنون المختلفة للجنون والحمق كمادة ثرية لها وذلك عبر معاني و موتيفات الجنون الثقافية.
تاريخ الجنون ..من العصور القديمة إلى يومنا هذا
ويأتي كتاب تاريخ الجنون ..من العصور القديمة إلى يومنا هذا للمؤرخ الفرنسي كلود كيتيل كواحد من ابرز الكتب التى تناولت واصلت وبحثت وناقشت تاريخ الجنون.
يذهب كلود كيتيل إلى تفسير اهتمامه بإنجاز كتاب عن تاريخ الجنون إلى وصمنا جميعا الإصابة بالجنون.ربما تكون هذه أجابة الحكما على ما تردد من قول مأثور يرجع تاريخه إلى القرن السابع عشر:"إذا أردت أن ترى مجنونا ، فما عليك إلا انظر إلى نفسك في المرآة".والحقيقة ليس هذا هو الجنون .
يذهب كيتيل إلى الإشارة إلى أن اليونانيون القدماء هم أول من اهتم بدراسة الجنون، ويلفت إلى ثمة حضارات ومجتمعات سبقت اليونان وأثرت فيها نجدهم في المعابد التي شيدت لغرض طبي في الحضارة البابلية ومصر القديمة ، ككما في معبد ممفيس على سبيل المثال والذي كان يعد مدرسة للطب ومشفى في الوقت نفسه ، ومن بين أولئك الذين كانوا يتوافدون على هذه المعابد طلبا للشفاء تجد المجانين الذين كانوا ينتظرون دورهم لحدوث معجزة معهم خلال ممارسة بعض الطقوس.
يسرد كتيل تفاصيل رحلة العلاج لمرضى الجنون داخل معبد ممفيس " وسط أجواء الشعائر الدينية كانتهناك ممارسات كالصوم و الاغتسال والتطهر، والدهن بالمسحة المقدسة تسبق الدخول ألى المعبد، أحيانا ببضعة أيان ، للمبيت فيه ليلة .
وفي اليوم التالي للنوم حضانة المريض، والذي يمكن أن يصاحبه تناول بعض العقاقير، كان يقص أحلامه على " الكهنة الأطباء: الذين كانوا بدورهم يقومون بتفسيرها للحصول على وصفات العلاج والأدوية والأنظمة الغذائية ، والتي كان الإله بنفسه هو من يمليها على المريض في بعض الأحيان عن طريق الاحلام ويمكن الافتراض بأن الحالات المرضية للرجال والنساء التي لا أمل في شفائها لم يكن يسمح لها بدخول المعبد