سيناريو متكرر.. أولياء أمور يعلقون على ضرب المدرسين
أعادت واقعة اعتداء ولي أمر بالدقهلية على مدرس متطوع بمدرسة داخل الفصل، وتقييده لضربه بالحذاء أمام جميع التلاميذ، الحديث عن الاعتداءات المتكررة على المعلمين وممارسة أعمال البلطجة في المدارس.
وأرجع معلمون وأولياء أمور أسباب تكرار هذه الحوادث، بسبب غياب العقوبات وعدم توافر موظفين أمن بالمدارس والاعتماد على المعلمين أنفسهم في تأمينها عند حدوث أي اعتداء من أولياء الأمور أو الطلاب.
«كنا بنمشي في شارع تاني لما نشوف المدرس ماشي في نفس الشارع من كتر خوفنا منه».. بهذه الكلمات بدأت منى أحمد، أحد أولياء الأمور، تعليقاها على هذه الواقعة مؤكدة أن هيبة المعلمين ضاعت، مشيرة إلى أن ذلك يرجع إلى عدة أسباب من بينها إلغاء الضرب في المدارس والدروس الخصوصية.
وأضافت: «عندما ينتظر المدرس أخذ أموالًا من الطالب عن طريق الدروس الخصوصية ويعتمد في دخله على تلك الأموال نظرًا لضعف مرتبه، بالطبع ذلك سيجعل المدرس يتقبل على نفسه بعض السلوكيات غير الملائمة لمكانته وتختلف من قدرة تحمل شخص لأخر، لكونه بالأول والأخر أبًا ويحتاج توافر دخلًا مناسبًا يستطيع به توفير حياة كريمة لأولاده».
واستكملت: «على الجانب الآخر يجعل هذا الأمر الطالب مطمئنًا أن المعلم لن يقدر على أذيته بأي طريقة لأنه وعلى حسب ظن الطالب يحتاج نقود الحصة التي يحصل عليها من الدرس الخصوصي».
بينما كان للمدام سوزان أحمد، ولي أمر، رأي أخر وهو أن الأعمال المسرحية والدرامية لها من الأثر في تراجع هيبة المدرس، إذ أن عددًا من هذه الأعمال أظهرت أبطالها يسخرون من المُعلم، ونالوا تفاعل الجمهور معهم وضحكاتهم، بل وحفظ «إفيهات» السخرية تلك، موضحة أنه بالطبع ذلك الأمر ترسخ في نفوس بعض الأجيال الجديدة الذين قلدوا أبطال هذه الأعمال الدرامية، ووجدونها تنال إعجاب الجماهير بما فيهم ذويهم كما تنال إعجابهم هم أيضًا فأخذوها مثالًا للتعامل مع المعلم الذي يجب أن يحتذى به.
فيما قال كمال أحمد، ولي أمر، إن الأخلاق بشكل عام اختلفت حاليًا عن السابق، ونحن نعيش كما أسماه بمنحدر أخلاقي يُفسد أغلب المفاهيم والمبادئ التي تربت الأجيال السابقة عليها، متابعًا أن الجانب الديني كذلك لدى الأغلبية حاليًا أصبح يتنامى بشكله الظاهري فقط، وليس بالمفهوم الجوهري، موضحًا أن كل ذلك يؤثر بالطبع على طريقة التعامل مع المدرس، كما هو الحال مع تغير التعامل مع كافة فئات المجتمع.
ويرى «كمال» أن الحل في الاهتمام بإدخال المواد التي تعلم الأخلاقيات للطلبة منذ الصغر في مناهجهم التعليمية، وكذلك بالتوعية الدينية الحقيقة غير المتشددة التي تنتج جيلًا من أشخا ص يعلمون بالفطرة حقًا الأخلاق الحميدة ويتبعونها دون إرغام من أحد.
وبسؤال بعض المدرسين، عن هيبة المدرس، قالت حياة أحمد، مدرسة لغة عربية بمدرسة ابتدائي في الجيزة، إنه بالفعل يوجد بعض المدرسين يجعلون المادة هي التي تتحكم بهم بل وأحيانًا تجعلهم يدفعون جزءًا من كرامتهم بسبب اعتمادهم على أموال الدروس الخصوصية من بعض الطلاب، وهذا ما رأته أمرًا غير مقبول وتفريطًا كارثيًا من المعلم في حق مكانته، موضحة أنه أيًا كانت الأسباب لا ينبغي للمدرس أن يسمح لطالب بتجاوز حدوده الأخلاقية معه، فهذا أمر يعد سبة للمجتمع كله، وعلى المجتمع أن يقوم في انتفاضة غضبًا من تلك السبة.
وتابعت «حياة»: «لا يمكن إنكار أن جزءًا من هذا الأمر يرجع مسئوليته كذلك إلى ضعف مرتبات المدرسين الأمر الذي يضطرهم إلى إعطاء دروسًا خصوصية رغم منعها، على الرغم من كونها تجعل بعض الطلبة يتجرؤون عليهم وفي هذا لا تنفي حياة مسئولية المعلم في توقيف الطالب عند حده مهما كان الثمن»
وطالبت وزارة التربية والتعليم برفع مرتبات المدرس، لضمان دخل مناسب له يجعله في حل تام عن تحمل مثل هذه السلوكيات التي لا تتناسب معه ومع مكانته على الإطلاق.
على العكس، يرى طارق أحمد مدرس لغة إنجليزية، أن هيبة المعلم لم تضيع وكل معلم مسئول عما يحدث معه، مشيرًا إلى أن منع الضرب أو قلة المرتب لا يمكنهما أن يقللا من هيبة المدرس إلا أن تفريط المعلم في مكانته هو من يتسبب في ذلك، موضحًا أنه يعمل مدرسًا منذ أكثر من 12 عامًا ويحافظ على هيبته، باتباعه أسلوبًا متحضرًا في التدريس لطلابه تعلمه من خلال قراءاته المتعددة لكتب تعديل سلوكيات الأطفال وطرق التعامل معهم، ومن ثم قام بتطبيقها أثناء تدريسه مما جعله محبوبًا بين طلابه دون المساس بكرامته او هيبته كمعلم أجيال.