«أونكتاد»: تأثيرات كورونا على التجارة العالمية بعيد المدى
قال مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) إن أجواء التجارة البحرية في العالم تبدو عاصفة، كما أن آثار جائحة كورونا غير المباشرة عليها؛ ستكون بعيدة المدى، ويمكن أن تغير النقل البحري.
وأفاد تقرير أصدره الأونكتاد اليوم، في جنيف عن التجارة البحرية في العالم ونموها، بأن آثار جائحة كورونا على التجارة البحرية في عام 2020 كانت أقل حدة، مما كان متوقعا في البداية.
وتوقع التقرير أن يتباطأ النمو السنوي في التجارة البحرية بين عامي 2022 و2026 إلى 2.4 %، مقارنة مع 2.9% خلال العقدين الماضيين، مضيفا أنه وفقا لمراجعة العام الجاري (2021) ستتقلص التجارة البحرية بنسبة 3.8% في عام 2020؛ ما يعكس صدمة أولية، لكنها انتعشت في وقت لاحق من العام، ومن المتوقع أن تزيد بنسبة 4.3% في عام 2021، ولكن مع تصاعد للمخاطر والشكوك.
وقالت المنظمة الدولية إنه مع الاعتراف بالانتعاش الناشئ الا أن التقرير يرسم صورة للضغوط غير المسبوقة في سلاسل التوريد العالمية والارتفاعات الهائلة في أسعار الشحن والزيادات الكبيرة في الأسعار في الأفق للمستهلكين والمستوردين والتحولات المحتملة في أنماط التجارة بسبب التوترات التجارية وفي السعي لتحقيق مزيد من المرونة.
وأكدت ريبيكا جرينسبان أمين عام أونكتاد أن التعافي الدائم سيعتمد على مسار الوباء، وسيعتمد - إلى حد كبير - على القدرة على التخفيف من حدة الرياح المعاكسة ونشر لقاح عالميا، لافتة إلى أن تأثيرات أزمة كورونا ستضرب الدول الجزرية الصغيرة والبلدان الأقل نموا بشكل أقوى.
وقال التقرير إن الوباء كشف عن التحديات التي كانت موجودة - بالفعل - في صناعة النقل البحري وضخمها، لا سيما نقص العمالة واحتياجات البنية التحتية، كما أنه يثير القلق بشأن استمرار الأزمة الناجمة حول تغييرات الطاقم وذلك مع عمليات الإغلاق وإغلاق الحدود ونقص الرحلات الجوية الدولية؛ مما ترك مئات الآلاف من البحارة الذين تقطعت بهم السبل في البحر غير قادرين على استبدالهم أو إعادتهم إلى أوطانهم.
ودعا التقرير، الدول إلى الاهتمام العاجل لإنهاء أزمة تغيير الطاقم، مشددا على أن جميع الدول يجب أن تكون أطرافا في الصكوك القانونية الدولية ذات الصلة بما في ذلك اتفاقية العمل البحري لعام 2006.
ونبه التقرير إلى أن الاختناقات في سلسلة التوريد؛ أعاقت الانتعاش الاقتصادي، حيث واجه انتعاش التجارة تحديات لوجستية ناجمة عن الوباء، بما في ذلك نقص المعدات والحاويات والخدمات الأقل موثوقية، إضافة إلى أوضاع الموانئ المزدحمة والتأخيرات الطويلة وأوقات السكون.
وأضاف أن القيود المفروضة على جانب العرض في شحن الحاويات؛ أدت إلى زعزعة النقل البحري والتجارة، مشيرا إلى أنه في حين انخفضت طلبات السفن الجديدة بنسبة 16% في عام 2020، استمرارا للاتجاه التنازلي للسنوات السابقة فان شركات الشحن استجابت في عام 2021 لقيود السعة مع زيادة الطلبات الجديدة.
وأكد التقرير أن التكاليف المتزايدة لشحن الحاويات تمثل تحديا لجميع المتداولين ومديري سلسلة التوريد وبشكل خاص بالنسبة للشاحنين الأصغر حجما الذين قد يكونون أقل قدرة على استيعاب النفقات الاضافية ويكونون في وضع غير مؤات عند التفاوض على الأسعار وحجز المساحة على السفن.
وحذر من انه اذا استمرت الزيادة الحالية في أسعار شحن الحاويات فسوف تؤدي الى زيادة كبيرة في أسعار كل من الواردات وأسعار المستهلكين وتوقع تحليل الأونكتاد أن ترتفع مستويات أسعار الواردات العالمية في المتوسط بنسبة 11% نتيجة لزيادة معدل الشحن في حين أن الدول الجزرية الصغيرة النامية التي تعتمد بشكل أساسي على النقل البحري لوارداتها قد تواجه زيادات تصل إلى 24%.
وذكر التقرير أنه إذا ظلت معدلات شحن الحاويات عند مستوياتها المرتفعة الحالية فمن المتوقع أن تكون أسعار المستهلكين العالمية أعلى بنسبة 1.5% في عام 2023 مما كانت ستصبح عليه كما يتوقع ان يبلغ الارتفاع 7.5% في الدول الجزرية الصغيرة النامية و2.2% في أقل البلدان نموا.
وشدد تقرير المنظمة الدولية على أنه في مواجهة ضغوط التكلفة تلك والاضطراب الدائم في السوق فمن المهم بشكل متزايد مراقبة سلوك السوق وضمان الشفافية عندما يتعلق الأمر بتحديد الأسعار والرسوم والتكاليف الإضافية.
وقال التقرير إن التجارة الالكترونية - التي تسارعت بسبب الوباء - أدت إلى تغيير عادات التسوق الاستهلاكية وأنماط الإنفاق، ودفعت الطلب على مرافق التوزيع والمخازن التي يتم تمكينها رقميا وتقدم خدمات ذات قيمة مضافة.
وأكد أن هذا الأمر يمكن أن يولد فرص عمل جديدة للشحن والموانئ، لافتا إلى أن الانتعاش الاجتماعي والاقتصادي العالمي؛ سيعتمد على النقل البحري الذكي والمرن والمستدام وجهود التلقيح العالمية الواسعة النطاق، مع تمتع البلدان النامية بإمكانية أكثر انصافا للحصول على اللقاحات.