«بين الفقه والفن: النزاع على الصورة».. كتاب جديد لشربل داغر عن المركز الثقافى العربى
صدر حديثا عن المركز الثقافي العربي كتاب «بين الفقه والفن: النزاع على الصورة» للكاتب الكبير شربل داغر.
وفي المقدمة التي كتبها شربل داغر للكتاب كتب يقول:" شكلت الصورة، ذات المرجعية الإسلامية، في السنوات الأخيرة، وجهًا أو علامة عن صراع مكشوف، دموي، في غير مدينة أوروبية وعربية وإسلامية، دون أن يتبين الدرس، في صورة وافية ومناسبة، أسباب اندلاع هذا العنف: أله علاقة بمجرد تصوير الرسول أم تحديدًا بالسخرية منه؟ أيكون الفن بتصرف الفنان وتعبيرًا عن حقه في التمثل والتعبير أم يكون الفن تحت نظر الجماعة، بل بتصرف الجهة أو الجماعة الغالبة (أو التي تسعى إلى الغلبة) في تحديد عقيدة الجماعة وصورة هويتها؟ أتتعين أسباب هذا العنف في نطاق الفن وأحكامه أم في نطاق أوسع منه، لكنه يتخذ من الصورة تعبيرًا مكثفًا ومختزلًا عنه؟ ألا يكون تناقل الصورة – وهو أيضًا تناقلُ وسائل الإعلام الإلكتروني المسرَّع لها – سببًا لتناقل الصراع على عجل، بما خفَّ نقله والصراع حوله؟
هذه الأسئلة وغيرها تستدعي أسئلة مزيدة: هل نهى الفقه الإسلامي عن تصوير الرسول تحديدًا أم عن مجرد التصوير؟ هل أجمعت المذاهب الإسلامية – على اختلافاتها العقيدية – أم اختلفت في الموقف من الصورة، ولا سيما الفنية منها؟ هل هناك فروق بين مواقف الفقهاء، من جهة، وبين ممارسات الفنانين أنفسهم في هذه الثقافة أو تلك، من جهة ثانية؟
إلا أن طرح هذه الأسئلة وغيرها يستدعي طرح أسئلة ربما مخالفة لها، مثل هذه: أهو الفن، والاختلاف في الموقف منه، بين عربي وغربي، ما يفسر اشتداد العنف بين الجانبَين؟ ألا تكون المواقف من تصوير الرسول، ومن الصورة الفنية، ذريعة لمناوشات ذات دوافع أخرى، خصوصًا عند مُفتعليها؟ ألا "يستعمل" المبادرون إلى إشعال هذا العنف الدينَ، والرسولَ، والصورةَ وغيرها لكي يتمكنوا من التسيُّد على جماعاتهم، في بيئاتهم نفسها، وحيثما تواجدت (تمامًا مثلما جعلوا قبل ذلك من الحجاب "مسألة" في حد ذاتها)؟ ألا يكون للعولمة الظافرة ضغط متفاقم، أينما كان، على الحدود وعلاماتها (أيًا كانت)، بما فيها حدود الكيانات والاعتقادات والمواقف وعلاماتها "الحضارية" والثقافية والفنية؟ ألا يؤدي هذا الضغط المتفاقم إلى استثارة مواقف "ضدية" و"بائسة" و"يائسة"؟
الأسئلة عديدة ومتشعبة، تستجمع أحوالًا معقدة، تختلط فيها أسباب القوة بأسباب الفن، وموازين القوى العالمي بخيارات جمالية وذوقية، مثلما يتداخل عالم الفن الصغير بعالم البشر الكبير، ما يشير – وإن بعلامات سلبية ودموية - إلى قوة الفن المتعاظمة، ما هو مدعاة لأكثر من بحث ومراجعة.
أما عن شربل داغر فقد ولد في 5 مارس 1950 وهو شاعر وكاتب وروائي وأستاذ في جامعة البلموند في لبنان، وخريج جامعة السوربون الجديدة، ويحمل شهادتَي دكتوراه في الآداب العربية الحديثة وفي فلسفة الفن وتاريخه.
له ما يزيد على ستين كتابًا باللغتين العربية والفرنسية، أمّا في الأدبيات فله العديد من المنشورات منها، "العربية والتمدن في اشتباه العلاقات بين النهضة والمثاقفة والحداثة"، وكتاب "الشعر العربي الحديث: قصيدة النثر" الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب (الفنون والدراسات النقدية 2019).