خلال مشاركته في فعاليات مؤتمر الأطراف للأمم المتحدة السادس والعشرين لتغيير المناخ بجلاسجو
«عمران» يدعو الهيئات الرقابية للمبادرة بتقديم حوافز لأدوات التمويل الخضراء
طالب الدكتور محمد عمران، رئيس هيئة الرقابة المالية، بصفته رئيسا للجنة الأسواق النامية والناشئة، والتابعة للمنظمة الدولية للهيئات الرقابية على أسواق المال (الأيوسكو)، جميع مراقبي أسواق المال في الدول النامية، بسرعة الانتهاء من إصدار معايير إعداد الشركات لتقارير إفصاحات الاستدامة والتغير المناخي داخل أسواقهم، كي تصبح أكثر جاذبية أمام العديد من المؤسسات الاستثمارية الدولية والتي قامت بإعادة صياغة لاستراتيجياتها لمواجهة تحديات التغير المناخي، وتبنت مبادئ الاستدامة والتحول نحو دعم الاقتصاد الأخضر والمشروعات صديقة للبيئة.
جاء ذلك أثناء مشاركته فى فعاليات الدورة 26 لمؤتمر الأطراف للأمم المتحدة السادس والعشرين لتغيير المناخ (COP26) بمدينة جلاسجو الاسكتلندية، كمتحدث في اللقاء الذى نظمه معهد التمويل الأخضر بالتعاون مع مؤسسة مدينة لندن بعنوان “قمة الأفق الخضراء" -ظهر اليوم- والذى يوفر منصة للانخراط في حوار عملي لتسريع التدفقات الاستثمارية للمشروعات الخضراء والمشروعات صديقة البيئة، وتعبئة التمويل من الحكومات ومن القطاع الخاص لمواجهة الالتزامات العالمية نحو التغير المناخي، وذلك بمشاركة عدد من ممثلي مؤسسات التمويل الدولية.
وشدد على أن تلك التقارير ستعكس مدى الالتزام المهني من جانب مراقبي أسواق المال، وتكشف عن قدرة الشركات على تطبيق مبادئ التنمية المستدامة بما يولد الثقة لدى مستثمري الاقتصاد الأخضر وتمكينهم من اتخاذ قرارات استثمارية مدروسة من خلال تحديد المخاطر والفرص التي قد لا ترصدها التقارير المالية التقليدية. وهو الأمر الذي يتماشى مع ما يشهده العالم من اهتمام متزايد بتطبيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة منذ الإعلان عنها في 2015.
ودعا الهيئات الرقابية والتنظيمية على أسواق المال في الأسواق الناشئة إلى أن تكون جزء من الحل من خلال تقديم حوافز للأدوات المالية المرتبطة بالاستدامة (كالسندات الخضراء، والصكوك،) بخفض مقابل خدماتها عن الفحص والدراسة، وكذا قيام أطراف السوق المتعددة من البورصات ومديري الأصول ومزاولي السمسرة في الأوراق المالية والتسوية والحفظ المركزى بخفض مقابل خدماتهم عند إتمام القيد والتداول.
ورحب رئيس لجنة الأسواق النامية والناشئة بالأيوسكو بإعلان مؤسسة المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية (IFRS) عن إنشاء مجلس معايير الاستدامة الدولية (ISSB) الذي سيطور أساس عالمي شامل لمعايير الإفصاح عن الاستدامة لتلبية احتياجات المستثمرين، لافتاً إلى أن الأسواق المالية تحتاج إلى تقييم المخاطر والفرص التي تواجه الشركات والتي تنشأ من القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG)، لما لها من آثار على قيمة المؤسسة.
وذكر أن العالم يواجه -الآن- لحظة من الحقيقة في مواجهة خطر وجودي نابع عن التغير المناخي الذي يهدد الإنسانية، وأن العديد من البلدان بما في ذلك الاقتصاديات الناشئة قد استسلمت أخيرًا؛ لإدراك أن تغير المناخ يجب أن يُنظر إليه على أنه خطر له أثار هيكلية على اقتصاداتها وما تحتويه من مشروعات وأصول ذات الملكية العامة، بجانب مشروعات واستثمارات القطاع الخاص وأنشطة أسواق المال.
ولفت إلى أنه ينبغي على الدول المتقدمة أن تفى بتعهداتها لمواجهة الفجوة بين التمويل المتاح وحجم الاحتياجات الفعلية للدول النامية لمواجهة التغير المناخى والتي تقدر 100 مليار دولار سنويا، في ظل أن الإحصائيات المعلنة ترصد مسؤولية مجموعة العشرين G2 عن 80% من حجم الانبعاثات الكربونية حول الأرض في حين أن قارة إفريقيا مسئولة عن 3% فقط من حجم الانبعاثات الكربونية.
كما استعرض رئيس هيئة الرقابة المالية الجهود المبذولة في هذا المجال، منوهًا يأن المحرك الأساسي هو الإدراك الكامل لأهمية توقع صدمات السوق والحفاظ على الاستقرار، وأن التوجه إلى ضرورة الكشف عن الممارسات البيئية والمجتمعية والحوكمة المتعلقة بالاستدامة والإفصاحات المالية المتعلقة بالمناخ، خطوة إلى الأمام في الاتجاه الصحيح.
ولفت إلى أن الاقتصادات الناشئة لها مسارات نمو مختلفة واحتياجات اجتماعية واقتصادية مختلفة تفرض عليها اختلافات فى استجابتها لهذا التهديد المناخي وفي إدارة عملية التغيير في أسواقها، وإقناع اللاعبين في كل دولة بتبنى مسار الاستدامة، بل يؤدى لعدم اصطفاف كامل بين الدول لمواجهة تبعات التغير المناخي، فلا يوجد حل سهل وهناك حاجة ملحة للتعاون والوحدة أكثر من أي وقت مضى، فلم يعد عبء التغيير ومواجهة التغير المناخى مسؤولية حكومة أو شراكة بين القطاعين العام والخاص في بلد ما، بل هناك حاجة ماسة إلى نهج أكثر تعاوناُ ووحدة من أي وقت مضى .
وشدد على ضرورة معالجة الاختلافات التي ستظهر بين الأسواق وخاصة في الأسواق الناشئة والتى تُمثل مصفوفة مخاطر تهدد الجهود المبذولة لمواجهة التغير المناخي، وأن المصفوفة تتضمن اختلافات في نضج السوق واحتياجاته وحجم الاستثمارات المطلوبة، والمستويات المختلفة لقدرة الشركات على التكيف والتغيير بسرعة كافية حتى لا تفقد الأعمال، وتوافر بيانات موثوقة واحتياجات نقل التكنولوجيا.
وأكد في اللقاء الذي تم-افتراضيا-بمشاركة العديد من المؤسسات المالية العالمية أن تقارير الاستدامة أصبحت الآن على رأس جدول الأعمال في المنظمات الدولية ومنظمى الأسواق المحليين وأنها المدخل الأكثر عملياً في المستقبل للتغلب على الفجوة بين التمويل المتاح لمواجهة اخطار التغير المناخى وحجم الاحتياجات الفعلية للدول وخاصة في الدول النامية.
وبحسب "عمران"، أصبحت استثمارات ESG – المرتبطة بالاستدامة- خيارًا لا مفر منه، وساعد في ذلك النظام العالمي الذى يدعو إلى تحقيق أجندة 2030 للأمم المتحدة، وأن ما شهده سوق رأس المال المصرى من خطوات بمنتصف العام الجاري، بالموافقة على أول إصدار من السندات الخضراء في سوق رأس المال في مصر بقيمة 100 مليون دولار لإحدى الشركات المقيدة في البورصة المصرية، بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية، على أن توجه حصيلة الإصدار لتمويل مشروعات بيئية من شأنها استعمال الطاقات النظيفة والتخفيف من العوامل التي تؤدي إلى ارتفاع حرارة الأرض في عدد من المشاريع الخضراء القائمة، وسبقها نجاح إصدار السندات الخضراء السيادية المصرية ينبغي أن يتكرر في اسواق الدول النامية والناشئة الأخرى.
جدير بالذكر أن قضايا الاستدامة مثل تغير المناخ والتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية؛ تعتبر من بين أهم التحديات التي تواجه البشرية اليوم، ولذلك تسعى العديد من الحكومات والشركات الرائدة لمواجهة هذه التحديات من خلال مواءمة استراتيجياتها وأعمالها الأساسية لتكون متفقة مع التوجيهات والمبادرات العالمية التي تسعى إلى تقليل آثار هذه التحديات إلى الحد الأدنى والحد منها على المدى الطويل.